قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن الأولاد نعمة عظيمة من نِعم الله سبحانه على عباده، وابتلاء واختبار في الوقت ذاته؛ قال الله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 46]، وقال أيضا: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15].

وأضاف مركز الأزهر، في منشور له عن العنف ضد الأطفال، أن تربية الأطفال وتنشئتهم أمانة عظيمة في أعناق الوالدين والمربين؛ يقول سيدنا رسول الله: «والرجلُ في أهله راعٍ وهو مسؤولٌ عن رعيته، والمرأةُ في بيت زوجها راعيةٌ وهي مسؤولةٌ عن رعيتها» [متفق عليه]، والتفريط في هذه الأمانة معصية لله سبحانه عظيمة الخطر والضرر.

الطفولة مرحلة بناء لا عقاب

وأضاف مركز الأزهر، أن مراحل التربية على اختلافها مراحل تأسيس وبناء، لا تناسبها الأساليب القاسية أو العنيفة؛ يقول سيدنا رسول الله: «إنَّ الرِّفْقَ لا يَكونُ في شَيءٍ إلَّا زانَهُ، ولا يُنْزَعُ مِن شَيءٍ إلَّا شانَهُ» [أخرجه مسلم]، ويقول لأمنا السيدة عائشه رضي الله عنها وللأمة كلها: «يا عائشةُ، ارْفُقي؛ فإنَّ اللهَ إذا أرادَ بأهلِ بَيتٍ خَيرًا، أدخَلَ عليهم الرِّفْقَ». [أخرجه أحمد في مسنده].

وقد شهدت تجارب الواقع بأن التعامل العنيف مع الأطفال، سيما الأنماط المؤذية نفسيًّا أو جسديًّا، تنتج أطفالًا مشوهين، فاقدين للثقة بأنفسهم، غير قادرين على الإبداع أو إفادة المجتمع، أو بناء الأسر السوية.

وتابع: إن هدي سيدنا النبي في هذا الشأن أنه كان يمازح الأطفال، ويُقبلهم، ويراعي مشاعرهم، ويوجههم بلين وحكمة، وهو القائل: «يا عائِشَةُ إنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، ويُعْطِي علَى الرِّفْقِ ما لا يُعْطِي علَى العُنْفِ، وما لا يُعْطِي علَى ما سِواهُ». [متفق عليه]

ضرورة مراعاة الفروق الفردية بين الأطفال

وأوضحت أنه من الخلل التربوي أن يُعامل المربون كل الأطفال في المرحلة العمرية الواحدة باعتبار أنهم متساوون في القدرات والمهارات، فالولد ليس كالبنت، والهادئ ليس كالنشيط، وكل طفل له قدراته واحتياجاته وتعبيراته الخاصة.

كما يدلنا على هذا الاعتبار المهم في التربية قول سيدنا النبي قال: «كلٌّ ميسر لما خُلق له» [أخرجه مسلم]، وهذا الاختلاف فطرة فطر الله أولادنا عليها، والصواب حياله أن نراعيه ونلبي متطلبات كل أنماطه، ونكتشف مع الأطفال جوانب إبداعهم غير المتشابهة وننميها فيهم.

وقال مركز الأزهر، إن تعزيز ثقة الطفل بنفسه، ومدحه حين يجتهد، وإكرامه بالكلمة الطيبة والفعل الحاني، يزرع فيه الرجاء، ويؤسس فيه حب التقدم والتطور، لذا وصانا برحتمهم سيدنا النبي، قوليًّا حين قال: «ليسَ منَّا من لَم يَرحَمْ صغيرَنا» [أخرجه أحمد وغيره]، وعمليًّا حين كان يُقبّل الحسن والحسين، ويقول: «من لا يَرحم لا يُرحم». [متفق عليه].

الأساليب المؤذية في العقاب

وقال مركز الأزهر، إن بعض الأساليب التي تُمارَس مع الأطفال كالصراخ الدائم، أو الضرب المبرح، أو السخرية منهم أمام غيرهم، ليست أساليب محرمة دينيًّا فقط، بل ما حرمت إلا لما تتركه في نفوسهم من جروح عميقة، وما تفرزه من وتشوهات نفسية مؤذية لأنفسهم ولمجتمعاتهم، وتصنع منهم: شخصيات هشّة منقادة، ناقمة على الذات والمجتمع، وغير قادرة على تحمل المسؤولية.

وتابع: وقبل أن يتوجه المربي لمحاسبة الطفل عليه أن يبحث عن دافع الإهمال أو الخطأ الذي وقع فيه الطفل، فقد يكون وراءهما صعوبة في الفهم، أو توتر نفسي، أو فقدان للحافز؛ لذا يجب التقرّب من طفلك لفهم دوافعه حتى تقدم له ما يعينه على عدم تكرار الخطأ.

كيف تكون حازمًا دون عنف؟

▪️فرّق بين الطفل وخطئه.
لا تهاجم شخص الطفل، بل ناقش الفعل الخاطئ فقط. قل: “ما فعلته خطأ”، ولا تقل “أنت سيئ”.

▪️كن واضحًا حين وضع القواعد.
اجعل ما هو مسموح وما هو ممنوع واضحًا منذ البداية، وكرر القواعد بأسلوب هادئ مناسب لعمره.
▪️اثبت على الموقف ولا تتردد.
إذا أخطأ الطفل، كن ثابتًا في تصحيح الخطأ، دون تهديدات متضاربة أو تهاون بعد الانفعال والغضب.
▪️استخدم العقاب التربوي المناسب.
اجعل عقابك تعليميا وليس تفريغا لشحنة غضبك، واختر من بين أساليب العقاب، ما يعرفه خطأه ويعلمه عدم تكراره، مثل: الحرمان المؤقت من شيء يحبه أو الاكتفاء تعويده على تحمل تبعات الخطأ مثل تنظيف ما لوثه.
▪️اربط الحزم بالحب.
اجعل الطفل يشعر أن دافعك لتصحيح خطئه هو حبك له وخوفك عليه، وليس انتقامًا أو كراهية له؛ فعادة لا يفرق الطفل بين كراهيته وكره فعله.
▪️لا تعاقب وأنت غاضب.
خذ وقتًا لتهدأ قبل الرد على الخطأ، فالتفكير يساعدك على اختيار عقاب مناسبٍ يغير السلوك للأفضل، دون مسارعة إلى الضرب أو الصراخ.
▪️ناقش بعد العقاب.
بعد أن تهدأ الأمور، اجلس مع الطفل، وافهم منه سبب التصرف، ووضح له كيف لا يقع في مثل هذه الأخطاء في المستقبل!.
 

شاركها.