اللغز الذي لم يُحل منذ 4 أعوام: قصة اختفاء 4 مواطنين
أثير – مـحـمـد الـعريـمـي
لم يمرّ يوم العاشر من سبتمبر لعام 2019م لدى أربع عوائل كأي أيام سبتمبر اللطيفة، بل حمل ذلك التاريخ شكل الصاعقة التي ضربت 4 منازل وأفقدتها بعض أنوراها التي كانت تضيء لأعوام وأعوام، على أمل أن تضيء من جديد.
قد يتذكر البعض منا حادثة فقدان أربعة مواطنين في بحر حاسك بمحافظة ظفار قبل أكثر من 3 أعوام وتحديدًا في يوم الاثنين 10 سبتمبر 2019م ، وبعد مرور هذه السنوات ها هي الصُدفة تقودنا إلى الوقوف على قصة تدور بين الفقد والأمل لآباء وأمهات وإخوة وأخوات ما يزالون مُتمسكين بأمل عودة من فُقِدوا في ذلك اليوم، الأمل الذي يبدأ كل يوم بتأثيث حيواتهم ويغسل القلوب باحتمال عودة المفقودين، لم تستسلم العائلات لاحتمال الفقد الكامل بعد، فقد يولد الضوء من عمق الظلام، وقد يأخذ أمل العودة شكل الواقع ويتخلى عن وهم التخيل، يوما ما سيعود هؤلاء الشباب ويهبط خبر عودتهم كالمطر الناعم على أحبابهم، وكأن هذه العودة إيذانٌ ببدء حياة جديدة.
بدأت القصة في اليوم الذي سبق العاشر من سبتمبر وتحديدًا في التاسع من سبتمبر لعام 2019م حيث توجّه الشباب الأربعة الذين جمعتهم الصداقة من شرق عُمان وشمالها إلى جنوبها لبحر حاسك بمحافظة ظفار بحثًا عن الرزق من خيرات بحر جنوب عُمان، وكعادة الصيادين فإنهم يمكثون في البحر لفترة طويلة عند وفرة الصيد أو أقلّها البقاء حتى الليل.
في اليوم الثاني لم يصل للعائلة خبر عودة أبنائهم، ولم تُفتح أبواب منازلهم بدخول فلذات أكبادهم، فراود الشك عوائل الشباب، ولم يكن هيجان البحر وعلو أمواجه في مساء ذلك اليوم إلا بمثابة الوقود الذي زاد الشك بأن سوءًا ما قد حدث، لتتوالى الأحداث بعد ذلك!
بعد مضي يومين إلى ثلاثة أيام على فقدانهم، تم العثور على القارب عن طريق الصيادين في منطقة شربثات، وانتقل أقارب المفقودين إلى شربثات للمساعدة في البحث والعثور على المفقودين، فتم العثور بعدها بيوم واحد على صندوق المحتويات الذي يحوي المقتنيات الشخصية للمفقودين من هواتف ومحفظات تحوي مبالغ وهويات شخصية ورخص مركبات وغيرها، وذلك كان الضوء رغم الظلام والأمل بالعثور عليهم أحياء أم أموات.
بعد أن كان العثور على صندوق المحتويات بمثابة ولادة الضوء من عمق الظلام؛ تواصل أقارب المفقودين مع الجهات المختصة للتركيز على منطقة شربثات بعد العثور على الصندوق، لكن لم يتم العثور عليهم، فقد كان البحر في فصل الخريف متقلبًا، ومن الصعوبة معرفة اتجاه مجرى المفقودين؛ هل عبروا المحيط باتجاه الهند أو بحر العرب أو إلى باكستان أو اليمن، أم أخذتهم السفن التجارية الكبيرة العابرة للمحيطات.
استمر البحث لأيام وأسابيع وأشهر وسنوات، وفي منتصف عام 2021م توجه أحد أقارب المفقودين إلى ظفار لمعرفة ما إذا كانت هناك تطورات جديدة تُعيد الأضواء التي فُقدت إلى منازلها، ومن باب المعرفة أراد أحد أقارب المفقودين معرفة آخر ظهور للهواتف أو الاتصالات وغيرها، فأُبلِغوا أن الهواتف النقالة التي كانت بحوزة المفقودين في مسقط وتخضع للتحقيقات.
بذلت العوائل وأقارب المفقودين والجهات المعنية جهودًا حثيثة وسخرت إمكاناتها في البحث عن المفقودين على مدى أيام وأشهر، لكن ما يزال لغز اختفاء المفقودين الأربعة لم يُحل، ومصيرهم مجهولا حتى اللحظة، وكأن البحر خبأهم في أعماقه دون أن يترك دليلًا ولا جثة، تاركًا أهالي المفقودين في حسرة وحزن وغم، وكل تلك السنوات لم تقتل الأمل في قلوب الأهالي وهم ينتظرون خبر العثور أو العودة الذي سيهبط عليهم كالمطر الناعم لتكون عودتهم إيذانًا ببدء حياة جديدة، أو معرفة مصيرهم إن كانوا قد رحلوا إلى ربهم.
ختامًا؛ قدّم سعيد السيابي -أحد أقارب المفقودين- الذي حاورته “أثير” لسرد هذه القصة، رسالة، قائلًا: “ الأمل بالله موجود دائمًا وأبدًا ولا يأس للإنسان من لطف ربه ورحمته على عباده، وملف المفقودين ما يزال مفتوحًا ولم تعلن وفاتهم حتى الآن، والبحث من وزارة الخارجية والتنسيق مع الدول الأخرى مستمر، وعسى أن نسمع شيئًا يفرحنا في القريب العاجل ويلتم الشمل بإذن الله، وإن كان هناك شيء محتوم فلا مرد من قضاء الله ونحن مؤمنون بذلك“