موسى الفرعي يكتب عن الملتقى الإعلامي العربي الثامن عشر
أثير – موسى الفرعي
نقفُ على شُرفةِ الحبِّ فتكون الكويت، الكويتُ التي تعرف أن تكون هدفَ الحبِّ المراوغَ لأنها أذكى من أن تُمتلكَ أو تُفهم.. فالحبُّ الكبيرُ عطرٌ نَظلُّ نُطاردُهُ.. نعرفهُ ولكنا لا نَصلُ إليه.. الكويتُ السبّاقةُ إلى المعرفةِ والتنويرِ حيثُ الفنُّ والمسرحُ والأدبُ.. وها هي تحتضنُ الملتقى الإعلامي العربي الثامن عشر، ومَن كالكويت يُدرك أن الإعلامي يقفُ على خيطٍ رفيعٍ بين صناعةِ الوهمِ وضوءِ الحقيقة، بين قممِ الصوابِ ومنحدراتِ الخطأ، لذلك ينبغي على الإعلامي ألا يقودَ الحقائقَ إلى الموتِ العبثي، وألا يجعلَ مستقبلَ الإعلامِ رحلةً ضبابيةً، وأن تكون التقنيةُ بابَ عبورٍ للمعرفةِ الواضحةِ لا العمياء، وأداةً لإعلامٍ مستقبلي، فإن كانت شبكاتُ التواصلِ الاجتماعي كما وصفها أمبرتو إيكو منحت حقَّ الكلامِ لفيالقٍ من الحمقى فإن الاستخدامَ الصحي المُعافى لها من قِبل المؤسساتِ الإعلاميةِ يُمكنُ أن تُسهمَ في تقليصِ هذه الدائرة، وبطبيعةِ الحالِ تزيدُ من سَعةِ النورِ المعرفي وتمنحُ حقَّ الاستماعِ لذوي الاختصاص.
هكذا كان منطلق الجلسةِ الحواريةِ ضمن فعالياتِ الملتقى الإعلامي العربي الثامن عشر التي سلطت الضوءَ على تأثيرِ التكنلوجيا في تطورِ واستدامةِ المجتمعات، وما أحوجَ المشهد الإعلامي لمثل هذه الملتقياتِ التي تغذِّي الإعلامي برؤىً عديدةٍ وتفتحُ له آفاقًا جديدةً وتوسِّع مداركه، ليكون أداةً لنشرِ الوعي والمعرفةِ وألا يقف على هامشِ أحداثِ مواقعِ التواصلِ الاجتماعي أو مستسلماً لملوحةِ طرحها، فما أُنجزَ في هذا العالم الرقمي يمكن أن يُستثمرَ بشكلٍ صحي ليكون داعمًا لأهدافِ التنميةِ وعنصراً فعالا في نجاةِ الإنسان، والأمرُ مرهونٌ بكيفيةِ استخدامِها، إما أن تكون مطورًا للثقافةِ وموسِّعا للمدارك أو إدمانا سلبيا على الإنترنت ومصدِّراً للسلبيةِ والفردانيةِ والعزلةِ غيرِ المنتجة، لا سيما أننا نعيش عصرا تغزوه التقنيةُ من كلِّ ناحيةٍ، وتداخلت في كافةِ تفاصيلِ الحياة، فلماذا إذن لا تكون مقرّباً بين الشعوبِ والثقافاتِ بدلا من أن تكون بريدَ الحروبِ والموتِ والتباعدِ والشقاق.
هنا حيث تحتضنُ الكويتُ الملتقى الإعلامي العربي الثامن عشر أعطتني فرصةَ التقاءِ مجموعةٍ كبيرةٍ من الإعلاميين وصنّاعٍ القرار حيث الجميعُ ممتلئ بالقناعاتِ ذاتها وإن تباينت الأساليب، والمخاوفِ ذاتها من أثرِ الاستخدامِ الخاطئ للتكنلوجيا على أصعدةٍ كثيرةٍ العملية والصحية والنفسية والجريمة، وانخفاض تواصل اجتماعي حاد قد يصيب المجتمعات، إن الملتقى الإعلامي العربي يعدُّ مدخلا إلى كافة مناحي الحياة السياسية منها والاقتصادية والإنسانية والاجتماعية، فشكرا للكويت التي فتحت سماءً معرفيةً بهذا الملتقى.