موقع مقالة نت
اهم المقالات التي تهم القارئ العربي

نحو مراجعة للعلاقة الفلسطينية السورية..

0 1

سقوط النظام الأسدي وتجربته في الحكم وعلاقاته الداخلية والخارجية، أصبح محط اهتمام  وتقييم ومراجعة على صعيد سوري وعربي وعالمي.
ومن المنطقي أن تحتل المراجعة الفلسطينية مركز اهتمام الشعب الفلسطيني ونخبه السياسية والثقافية، نظراً لاستخدامات النظام ومعه محور المقاومة والممانعة للقضية الفلسطينية كغطاء للأهداف الحقيقية غير المشروعة وغير المعلنة، وبسبب النتائج الوخيمة التي لحقت بالقضية وشعبها.
قبل الدخول في الموضوع الفلسطيني لا بد من مرور على أبرز عناوين الكارثة التي صنعها النظام الأسدي لشعبه.
وفر النظام عمقاً استراتيجياً لإيران ولأطماعها في نشر وتثبيت نفوذها الإقليمي في البلدان العربية تحت شعار محاربة إسرائيل، وهو النظام الذي حافظ على حدود بلاده مع إسرائيل هادئة ولم يسمح بإطلاق رصاصة واحدة نحو الجولان المحتل منذ العام 1974.
الموت والدمار الذي شهدته سورية لا مثيل له في التاريخ المعاصر.
فقد قُتل أكثر من 350 ألف شخص بينهم 15.102 قتلوا تحت التعذيب ونزح ما يقرب من 14 مليون شخص من ديارهم، وتم تدمير الخدمات الأساسية.  
وهناك خمسة ملايين طفل ولدوا منذ بداية الصراع لم يعرفوا شيئاً سوى الكآبة، بحسب تقرير للأمم المتحدة يوم 24 آذار العام 2022.
اعتقل النظام  مئات الآلاف وأخفى 136614 شخصاً لا يزال مصير معظمهم مجهولاً، وحول سورية إلى امبراطورية للجريمة المنظمة كالاتجار بالمخدرات وبناء معامل لتصنيعها وتخزينها وتهريبها إلى دول الجوار، والاتجار بأعضاء الأسرى.
70 % من السوريين يعيشون تحت خط الفقر فضلاً عن تجريد الشعب السوري من حقوقه المدنية والسياسية والمعيشية، في الوقت الذي اكتنزت فيه عائلة الأسد مبالغ طائلة.
انتمى العديد من فصائل المقاومة الفلسطينية لمحور المقاومة الذي كان مركزه سورية، كان الانتماء للمقاومة على قاعدة رفض الحل السياسي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، واعتبار المقاومة هي البديل للحل السلمي.
النظامان الإيراني والسوري رفضا كل مشاريع الحل السياسي وكل مسعى ومشاركة فلسطينية رسمية في الحل.
كان البديل مقاومة مع وقف التنفيذ. لم تقم فصائل المقاومة «العشرة» بأي مقاومة عبر الأراضي السورية، ولا عبر لبنان الذي كان حكراً على مقاومة حزب الله.
وقبل ذلك قبل النظام السوري بوقف إطلاق النار بعد أسبوع من الغزو الإسرائيلي للبنان 1982 تاركاً قوات منظمة التحرير والحركة الوطنية وحدهما في المعركة.
وبعدها قاد النظام السوري انشقاقاً في حركة فتح والمنظمة بهدف السيطرة عليهما أسفر عن حسم السيطرة على طرابلس وإخراج قوات فتح إلى تونس.
بعد ذلك، سمح النظام السوري لحركة أمل بارتكاب مجزرة في مخيم شاتيلا، والسيطرة على مخيمات بيروت.
مع أن مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لبيروت والجنوب بدأت بمبادرة قوى يسارية لبنانية وفلسطينية تحت عنوان المقاومة الوطنية إلا أنها حظرت واقتصرت المقاومة على حزب الله باسم المقاومة الإسلامية.
بقيت المقاومة الفلسطينية وفصائلها دون مقاومة إلى أن اندلعت الانتفاضة السورية في العام 2011.
وقد قبل بعض الفصائل والمجموعات الفلسطينية بالقتال مع قوات النظام، وأخذت تتعاقد مع النظام الإيراني على التأسيس لمقاومة في الضفة دون أهداف وسياسة محددة، كوقف الاستيطان، والتهويد في القدس، والتطهير العرقي في الأغوار، وإنهاء حصار غزة من أجل تحقيق الهدف الأهم وهو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للقدس والضفة والقطاع التي يعتبرها العالم مناطق محتلة.
كان هدف المقاومة في الظاهر هو كنس الاحتلال عن فلسطين التاريخية وإلحاق الهزيمة بإسرائيل، وكان الهدف غير المعلن هو حسم ازدواجية السلطة في الضفة وانتزاع القرار من سلطة المنظمة وإضافة ذراع جديدة لإيران هدفها التشويش على إسرائيل وثنيها عن توجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني.
وهنا لا بد من مساءلة ومحاسبة الجهات الفلسطينية المسؤولة عن التورط في الحرب إلى جانب النظام في مواجهة انتفاضة الشعب السوري ومصالح المجتمع الفلسطيني داخل سورية، التنظيمات التي شاركت في حصار المخيمات وبخاصة مخيم اليرموك، والتنظيمات التي دخلت المحور والأجندة الإيرانية الخاصة في مواجهة شرعية المنظمة.
هذه الأخطاء الكبيرة التي دفع الشعب الفلسطيني ثمنها، لا يتم تجاوزها بنقل البندقية من كتف إلى كتف وبتغيير الخطاب السياسي أو بالسكوت وكأن شيئاً لم يكن.
بعد فشل أوسلو طُرح سؤال حول جدوى التفاوض، وكان سؤالاً محقاً، ولا يقل أهمية عنه سؤال عن جدوى التنظيمات المسلحة برعاية نظام الأسد وطهران والتي اتخذت من دمشق مركزاً لها؟
ولماذا دخلت تلك التنظيمات في مشاريع الاتجار بالقضية الفلسطينية التي كان وقودها أبناء المخيمات البسطاء؟
ولماذا لم تساعد أبناء المخيمات المنكوبة والذين عاشوا في شروط غير إنسانية بأي مستوى من المساعدة، لم تتحدث التنظيمات عن آلاف المفقودين ولا الضحايا الذين سقطوا بالآلاف ولا الدمار والجوع، وإعادة تشريد أكثرية أبناء المخيمات خارج وداخل سورية وكان جل اهتمامها توفير الدعم لقيادتها وكوادرها، وتبجيل النظام والاحتفال بانتصاراته على شعبه.  
الجزء الأكبر من النخبة الثقافية الفلسطينية في الخارج والداخل كان موقفها أسوأ، تبنى البعض رواية النظام الكاذبة التي اختصرت انتفاضة الشعب السوري في مؤامرة وروجتها ولم يكترث بموقف اتجاه آخر من الكتاب والمثقفين الفلسطينيين ممن انحازوا لانتفاضة الشعب السوري وأيدوا احتضان المخيمات الفلسطينية للمنتفضين السوريين، ورفعوا الصوت عالياً ضد تدمير المخيمات وتشريدها وتجويعها، ودعموا حق الشعب السوري في الحرية والكرامة والديمقراطية، ورفضوا الإرهاب والتعصب الديني والتدخلات الرجعية والاستعمارية لتخريب وتشويه انتفاضة الشعب السوري السلمية.
تم تجاهل ثقافة التحرر التي رفع لواءها أدباء وشعراء ومفكرون وكتاب فلسطينيون وكان ديدنها الانحياز للشعوب في مواجهة أنظمة الاستبداد والقمع مهما كان الثمن باهظاً.
ما زاد الطين بلة، هو الصمت بعد انكشاف طبيعة النظام، عبر نماذج السجون التي وصفت بالمسالخ البشرية والكم الهائل من ضحايا التعذيب، وفرحة 22 مليون سوري بسقوط الطاغية التي كانت أقوى من أطماع الطامعين وأشكال التدخلات الخارجية وأولها التدخل الإسرائيلي الذي دمر أسلحة النظام التي من المفترض أن تتحول للشعب السوري وللحكومة التي سينتخبها.  
بدأت مرحلة جديدة مليئة بالمخاطر والتحديات، وبالإنجاز المرشح للتطور والانتكاس في آن بفعل حجم التدخلات والتوحش الإسرائيلي المنفلت من عقاله.
لا ينبغي أن نتعامل مع هذه المرحلة دون مراجعة تعترف بالأخطاء وتحاسب عليها، وتضع السياسات التي لها ناظم وحيد هو مصلحة الشعب الفلسطيني التي تنسجم مع مصالح الشعوب العربية.
ومهمات كبيرة تبدأ بالبحث عن آلاف المعتقلين المختفين في سجون نظام الطاغية، وبإعمار المخيمات وإعادة مشرديها إليها، وباستعادة المنشقين وأشباه المنشقين إلى الشرعية الفلسطينية التي تحتاج إلى الإصلاح ووضع حد لفروع فلسطينية في محور ليس من بين أهدافه تحرر الشعب الفلسطيني وانعتاق الشعوب العربية.

اضف تعليق