إيرلندا: إذا فُتِح قطاع غزّة فسيُصدَم العالم من الدمار الذي أحدثته اسرائيل وسنعتقل نتنياهو إذا وصل دبلن.. ا
أعلنت إيرلندا أنّها لا تنوي التراجع عن قرارها بشأن المشاركة في الدعوى المقدمة من جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في لاهاي، بعد قرار وزير الخارجية الإسرائيليّ جدعون ساعر إغلاق السفارة الإسرائيليّة في دبلن.
ووفقًا لصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، ذكر وزير الخارجية الإيرلندي أنّ سفارة بلده في إسرائيل لن تُغلَق بعد الخطوة الإسرائيليّة، وقال: ” تقوم سفارتنا بأعمال مهمة، وستواصل إيرلندا المحافظة على علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، والتي تشمل الحق في الموافقة وعدم الموافقة على نقاط مهمة”.
وصرّح وزير الخارجية الإيرلندي في بروكسيل بأنّه يجب عدم اعتبار تأييد إصدار محكمة لاهاي أوامر توقيف ضد نتنياهو عملاً عدائيًا، وأضاف: “أنّ الاعتراف بالدولة الفلسطينيّة، مثلما فعلنا، ليس عملاً عدائيًا، مُضيفًا أنّ “سلوك الجيش الإسرائيليّ يتعارض مع البوصلة الأخلاقية”. وتابع: “طوال الوقت، نحن ندعو الجيش الإسرائيليّ إلى وقف إطلاق النار في غزة، ووقف الدمار”، ودعا الوزير إسرائيل إلى فتح القطاع أمام دخول المجتمع الدولي والإعلام، وأضاف: “ليس لديّ أيّ شكٍ في أنّه إذا حدث ذلك، فسيُصدم العالم جرّاء مشاهد الدمار هناك، وسيفهم الحاجة الملحّة إلى تغيير جذري في الموقف”.
من جهة أُخرى، وصف رئيس الحكومة الإيرلندية سايمون هاريس قرار إسرائيل إغلاق سفارتها بـ “المؤسف جدًا”. وقال “أنا أرفض بشدة اتهام إيرلندا بمعاداة إسرائيل، إنّ إيرلندا مؤيدة للسلام، ومع حقوق الإنسان والقانون الدوليّ”.
وأعلن رئيس الوزراء الإيرلنديّ سايمون هاريس مؤخرًا أنّه سيتم اعتقال نتنياهو إذا جاء إلى ايرلندا بموجب مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحقه، وردًا على سؤالٍ من التلفزيون العام (ار تي أي) عمّا إذا كانت ايرلندا، العضو في المحكمة الجنائية الدولية، ستعتقل نتانياهو إذا زار البلاد، قال “نعم، بالتأكيد”، مُضيفًا: “نحن ندعم المحاكم الدولية ونطبق مذكرات التوقيف الصادرة عنها”.
في السياق، رأى عضو البرمان الإيرلنديّ ريتشارد بويت باريت أنّ إسرائيل “أصبحت خارجة عن السيطرة بشكلٍ كاملٍ، وأنّ السؤال الأهم حاليا هو “هل الرعاة الغربيون الذين يواصلون تسليحها رغم هذه الإبادة سيتصرفون لوقف هذه أعمال القتل التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزّة؟”.
وتابع في حديثٍ أدلى به لفضائيّة (الجزيرة) أنّ “إسرائيل تجاوزت كلّ القيّم الإنسانيّة والحضاريّة، وهذا يذكرنا بكثير من الانتهاكات التي ارتكبها النازيون”، لافتًا إلى أنّ الإسرائيليين “سيواصلون جرائمهم الفظيعة بحقّ الفلسطينيين طالما أنّ أمريكا وغيرها يواصلون تسليحها”.
وعن انضمام أيرلندا إلى القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضدّ إسرائيل في محكمة العدل الدولية، وصف باريت ذلك بالخطوة المتأخرة كثيرًا “لأنّ البرلمان الأيرلنديّ طالب برفع قضية من جانب أيرلندا في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، لكن الحكومة رفضت آنذاك”.
ومع ذلك، قال باريت إنّه من الجيّد أنْ خضعت الحكومة للضغط الشعبي أخيرًا، مؤكّدًا أنّ هذه الخطوة “لها أهمية في ذاكرة الأيرلنديين الذين تعرضوا لإبادةٍ مشابهةٍ عندما قتل الكثير منهم في الماضي (على يد بريطانيا)”.
وأضاف “المهم هو أنّ الحكومة تقول إنّ إسرائيل أثبتت أنّها ترتكب إبادة مقصودة من خلال القتل والتدمير والتجويع، لكن الأهّم هو أنْ تنضم حكومات أخرى إلى القضية وتوقع عقوبات على إسرائيل وتوقف تزويدها بالأسلحة حتى تتوقف عن هذه الإبادة”، على حدّ تعبيره.
لماذا إيرلندا الأكثر تأييدًا للفلسطينيين بأوروبا؟
تقول شبكة (CNN) الأمريكيّة، في تقريرٍ لها، إنّ موقف إيرلندا من الصراع بين إسرائيل وحماس جعلها حالة استثنائية بين الحكومات الأوروبية. وقالت زوي لولور، التي تقود حملة التضامن الإيرلندية مع فلسطين إنّ هناك “تعاطفًا عميقًا في إيرلندا مع الشعب الفلسطينيّ”.
وينشأ هذا التضامن إلى حدٍّ كبيرٍ من تجربة القهر المشتركة من قبل دولةٍ محتلةٍ، فالدولة الأوروبيّة خضعت للحكم الإنجليزيّ ثم البريطانيّ لأكثر من 800 عام، بعد أنْ استولى الغزاة الأنجلو نورمان على مساحاتٍ شاسعةٍ من الأراضي من الإيرلنديين الأصليين في القرن الثاني عشر.
وأضافت: “لكن، مثل فلسطين، كانت لدى (إيرلندا) تجربة مباشرة ومستمرة مع الإمبريالية. إنّ التجربة الاستعمارية المشتركة بين الإيرلنديين والفلسطينيين شكلت بلا شك كيفية تعامل الناس من أيرلندا مع صراعاتٍ ما بعد الاستعمار”.
وقد ألمح ليو فارادكار، الذي استقال مؤخرًا من رئاسة وزراء إيرلندا، إلى ذلك عندما عقد مقارنة بين التجربتيْن الإيرلنديّة والفلسطينيّة، قائلاً: “كثيرًا ما يسألني القادة عن سبب تعاطف الإيرلنديين مع الشعب الفلسطيني. الجواب بسيط: نحن نرى تاريخنا في عيونهم. قصة نزوح، وسلب، وتساؤل حول الهوية الوطنية أو إنكارها، والهجرة القسرية، والتمييز، والآن الجوع”، على حدّ تعبيره.