موقع مقالة نت
اهم المقالات التي تهم القارئ العربي

هي مسألة أيّام قليلة من كسر الأصابع..

0 0

الفلسطينيون، الذين ينزفون دماً ودموعاً وعرقاً، ويُعانون الأمرّين بسبب نفاد الطعام والوقود والأدوية، والمقيمون في خيام بالية، في غياب المياه النظيفة وربّما الملوّثة، مثل الإسرائيليين يراهنون على رئيس أميركا دونالد ترامب، باعتباره الوحيد القادر على وقف الحرب/ المقتلة.
في دولة الاحتلال، 70% من الإسرائيليين يطالبون بوقف الحرب، وتتناقص الثقة في حكومة الاحتلال ورئيسها، بسبب الإصرار على مواصلة حرب فاشلة، لا أهداف واضحة لها، سوى بقاء «الائتلاف الفاشي».
حرب، استنزفت جيش الاحتلال والمجتمع، وقوّضت الشعور بالأمن الشخصي والجماعي، ويهدّد استمرارها دولة الكيان.
لم يطل الأمر كثيراً على تعيين رئيس الأركان الجديد لجيش الاحتلال، إيال زامير، حتى بدأ يدرك ما يعانيه جيشه، وما تعانيه قياداته في علاقتها بالمستوى السياسي.
زامير دخل في خلافات مع وزراء الحكومة، الذين طالبوه بأن يمتثل فقط للقرارات، من دون اعتراض، كما قال له وزير المالية بتسلئيل سموتريتش: «نفّذ من دون أن تناقش»، هذا ما أراده سموتريتش من زامير غير أنّ من يداه في النار ليس كمن يداه في الماء.
الاحتجاج وصل إلى مئات من المتدرّبين العاملين في «الموساد»، بالإضافة إلى عديد المسؤولين السابقين فيه وفي «الشاباك» ومن الجنرالات المتقاعدين.
نتنياهو يقامر بالمستوطنين، وبالجيش والأجهزة الأمنية، وبكل مكوّنات النظام السياسي، طالما أنّه يدرك تماماً أنّ لا فرصة أخرى لديه، لكي يخوض تجربة أخرى، إذا توقّفت الحرب العدوانية. استطلاعات الرأي المتتابعة منذ فترة تشير إلى أن «الائتلاف الحاكم لا يقترب حتى من إمكانية تشكيل حكومة جديدة في حال جرت الانتخابات.
الغالبية العظمى في دولة الاحتلال باتوا مقتنعين أن استمرار القتال والعدوان، والخسائر الباهظة التي تتكبّدها، داخلياً وخارجياً، هي فقط لأسباب سياسية، ولدوافع شخصية.
نتنياهو حصل على الفرصة تلو الأخرى من الولايات المتحدة الأميركية حتى ينهي ما بدأه، ويحقّق أهدافه المزعومة بالنصر المطلق، لكنه يمضي في العدوان من فشل إلى آخر من دون أن يلوح في الأفق أيّ إمكانية لتحقيق ما يريد سوى تعميق التناقضات الداخلية، والإساءة لسمعة كيانه الكولونيالي دولياً.
يبدو أن نتنياهو قد حصل على مهلة زمنية جديدة تنتهي خلال أسبوعين كحدّ أقصى، وقبل وصول ترامب في زيارته للعربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، منتصف الشهر المقبل.
لذلك يهدّد جيش الاحتلال الإسرائيلي بأنه سيعمد إلى تصعيد العدوان والضغط على المقاومة، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق يؤدّي إلى الإفراج عن أسراه خلال أسبوعين.
المفاوضات جارية، ولكن لا يبدو أن أمام دولة الاحتلال أي فرصة أو أمل في أن تحقّق المفاوضات شروط نزع سلاح المقاومة، والأرجح أن الحرب العدوانية لن تتوقّف حتى لو حصل ذلك.
جيش الاحتلال الإسرائيلي يحتلّ بدبّاباته ومشاته أكثر من 40% من أراضي القطاع، ويتقدم ببطء شديد في مناطق أخرى، خوفاً من تقديم خسائر في الأرواح.
في الواقع الأسبوع الأخير، تمكنت المقاومة من قتل عدد من ضبّاط وجنود جيش الاحتلال في مناطق يسيطر عليها منذ فترة، بعد أن سوّى مبانيها بالأرض.
تؤكّد محصّلة الخسائر التي تكبّدها جيش الاحتلال في رفح وبيت حانون والشجاعية خلال الأسبوع الأخير أنّه موجود، ولكنه ليس آمناً، ولا يمكنه الادّعاء بالسيطرة الكاملة على المناطق التي دخل إليها واستقرّ فيها.
لم تنفع وسائل الضغط، والبطش الإسرائيلي الشديد، ضد السكّان الفلسطينيين ولا حرب التجويع، والحصار المشدّد، في أن تثني المقاومة عن شروطها بوقف العدوان والانسحاب من القطاع وإدخال المساعدات الغذائية والطبّية.
أكثر من 2000 شهيد، معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السنّ، بالإضافة إلى آلاف الجرحى، منذ عودة الجيش الإسرائيلي إلى القتال، ولسان حال الناس والمقاومة أنّ من دفع ويدفع كل هذا الثمن لا يمكن أن يفرّط بحقوقه وشروطه العادلة.
إذا كان نتنياهو وائتلافه لا يبديان أي اهتمام أو حساسية تجاه تزايد الاحتجاجات والانقسامات الداخلية، ورفض الأغلبية لاستمرار الحرب، فإنهما لا يستطيعان أن يلويا ويستمرا حين يقرر الرئيس ترامب.
هذا يعني مباشرة، ودون مواربة، أن الولايات المتحدة هي شريك أساسي، وأنها من يتحمل المسؤولية عن استمرار مقتلة تسيء لها بقدر ما تسيء لإسرائيل وربما أكثر.
خيارات ترامب واضحة للمنطقة، فهو يرغب بقوة في التوصل إلى اتفاق مع إيران حتى لو لم يكن على الطريقة الليبية، وحتى لو أنه لا يلبي شروط إسرائيل، التي ترفض وتخشى من أن يتم التوصل إلى اتفاق كهذا.
وفي هذه الحالة، ومع تقدم المفاوضات الإيرانية الأميركية، وحديث الطرفين عن الأجواء الإيجابية والتقدم خطوات نحو التوصل إلى اتفاق، فإن نتنياهو لا يستطيع أن يتحمل المسؤولية عن تعطيل هذا المسار.
وحتى إزاء دور الحوثيين، وعلى الرغم من القصف اليومي الذي تشنه الطائرات الأميركية على اليمن، فإن الأميركيين ليسوا مستعدين لدخول معركة كسر عظم قد تلحق أضراراً بالغة بمصالحهم وقواعدهم وبحلفائهم في المنطقة. ترامب قادم حتى يملأ جيوبه من التريليونات العربية، ولذلك فهو بالتأكيد لن يسمح لنتنياهو بأن يفسد عليه هذا الحصاد الوفير. إذاً هي مسألة وقت قصير، تتخللها عملية كسر أصابع بين إسرائيل والمقاومة، ذلك أن استمرار الحرب من شأنه أن يفاقم الأزمات الداخلية في إسرائيل إلى مستوى قد يهدّد تماسكها.

اضف تعليق