في ظل حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة: العرب في ميزان المكانة والتهميش!! د. أحمد يوسف
رغم حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها أهلنا في فطاع غزة، وسياسات القتل والتجويع والحصار، والاستهداف الممنج وغير المسبوق لشطب شعبنا الفلسطيني من الوجود؛ بتدمير كل ما يتعلق بتاريخه وجغرافيته وذكرياته ومعالمه الحضارية.
وفيما عدا خطابات الشجب والإدانة، بقيت الأنظمة العربية عاجزة عن تحويل مواقفها إلى سياسات رادعة أو فاعلة.
للأسف، لم نشهد حتى اليوم تحركًا دبلوماسيًا موحدًا قويًا، ولا تصعيدًا فعليًا في المحافل الدولية. بل إن بعض الأنظمة تجنبت حتى مجرد قطع العلاقات أو التلويح بأدوات ضغط اقتصادية أو سياسية.
وإذا ما أمعنا النظر في مشهدية ما هو قائم، وجدنا أنَّ
الانقسام العربي الداخلي؛ سواء بين دول “التطبيع” ودول “الممانعة”، أو بين المحاور الإقليمية، عاملًا أساسيًا في تآكل مكانة العرب.. ففي الوقت الذي تُباد فيه غزة أمام أعين الجميع، نجد الأولويات الرسمية مشغولة بالصراعات البينية أو الحسابات الإقليمية .
فالجامعة العربية، بصورتها الحالية، أثبتت فقدان الفاعلية كمظلة جامعة، واكتفت ببيانات لا تتجاوز الحد الأدنى، ولم تستطع حتى عقد قمة طارئة تكون بمستوى الحدث. إنَّ هذا الصمت المؤسسي، يعزز هامشية العرب في القضايا الكبرى، ويُفقدهم القدرة على التأثير.
ومما تجدر الإشارة إليه، أنه رغم تعاطف الشعوب، وخروج بعض التظاهرات، إلا أن الفعل الشعبي ظل محاصرًا أمنيًا أو مفرغًا من أدوات الضغط، في ظل أنظمة تقيِّد الحريات السياسية. لكن يبقى الرأي العام العربي عنصرًا كامنًا قد يُعيد التوازن مستقبلاً، إذا وجد من يوظفه بوعي وجرأة.
وبناءً على ذلك، فإنَّ ما يجري في غزة قد كشف أنَّ مكانة العرب في النظام الدولي قد تآكلت وباتت هامشية، إذ لا يُحسب لهم حساب في صوغ القرارات الأممية، ولا يُؤخذ برأيهم في التحالفات الكبرى، بينما تُدار الأزمات على أرضهم بقرارات فوقية من قوى كبرى.
وعليه؛ إذا استمر هذا النهج، فإن الأنظمة العربية ستُدفع أكثر نحو التبعية أو التجاهل التام.
إن الانبعاث الممكن، يبدأ بإعادة بناء الموقف العربي من القضايا الجوهرية، وعلى رأسها فلسطين، والتوافق على أدوات ضغط حقيقية على الساحة الدولية (النفط، الاقتصاد، العلاقات الاستراتيجية…).
ختاماً.. إنَّ حرب غزة لا تُفجّر المأساة الفلسطينية فقط، بل تُعرّي مأزق النظام العربي في عصر تُعاد فيه صياغة التوازنات العالمية.. وإذا لم ينتج عن هذه اللحظة وعيٌ عربي جديد يتجاوز التهميش، فإن العرب قد يجدون أنفسهم خارج كل معادلة لها قيمة في النظام الدولي القادم.
ونظراً لأنَّ عالمنا الإسلامي هم جزءٌ من هذه المعادلة، فإنَّ ما قلناه عن العرب ينطبق أيضاً على عالمنا الإسلامي، وبكلِّ ما فيه قوى وحركات إسلامية.