ليبيا .. البرلمان يكلف النائب العام بالتحقيق مع الدبيبة ومنعه من السفر
أفادت وسائل إعلام محلية، اليوم السبت، بأن مجلس النواب الليبي أصدر قرارًا رسميًا بتكليف النائب العام بفتح تحقيق مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة ومنعه من مغادرة البلاد.
وجاء هذا القرار، بحسب ما نقلته صحيفة “المرصد” الليبية، استنادًا إلى ما وصفه البيان البرلماني بـ”استجابة لإرادة الشعب”، على خلفية الأحداث التي شهدتها طرابلس خلال اليومين الماضيين، والتي تخللتها اشتباكات مسلحة وسقوط قتلى وجرحى في صفوف المتظاهرين المدنيين.
واتهم مجلس النواب حكومة الدبيبة بـ”قمع المتظاهرين السلميين ومواجهتهم بالسلاح”، مؤكداً أن هذا السلوك أدى إلى “سقوط عدد من الوفيات والجرحى”، مشيرًا إلى أن المواجهات سبقتها أعمال عنف متكررة تسببت في خسائر بشرية ومادية جسيمة، ما حوّل طرابلس إلى “ساحة حرب ودمار”، وفق تعبير البيان.
وفي ضوء هذه المعطيات، اعتبر البرلمان أن حكومة الوحدة الوطنية “منتهية الولاية” وأن استمرارها في السلطة بات يمثل تهديدًا مباشرًا لأمن واستقرار البلاد. وبناء عليه، تقرر اتخاذ خطوات قانونية بحق الدبيبة، تشمل منعه من السفر وبدء تحقيق رسمي حول مسؤوليته المفترضة عن الأحداث الأخيرة.
وشهدت العاصمة الليبية طرابلس، مساء أمس الجمعة، تصعيدًا خطيرًا مع مقتل عنصر أمني خلال محاولة اقتحام مقر رئاسة الوزراء، في إطار مظاهرات حاشدة تطالب برحيل حكومة عبد الحميد الدبيبة. وأعلنت حكومة الوحدة الوطنية، في بيان رسمي، أن الشرطي توفي متأثرًا بجروح أصيب بها جراء إطلاق نار من قبل مجهولين، خلال قيامه بتأمين المبنى.
وأشار البيان إلى أن أجهزة الأمن تمكنت من إحباط محاولة اقتحام قالت إنها نفذتها “مجموعة مندسة” بين صفوف المتظاهرين، معتبرة أن استهداف مقر الحكومة يُعد “تعديًا مباشرًا على مؤسسات الدولة”، في وقت تزداد فيه الهشاشة الأمنية والسياسية في البلاد.
وحذّرت الحكومة في ختام بيانها من وجود أطراف تحاول تأجيج الأوضاع الأمنية عبر أعمال عنف مدبّرة تستهدف حتى المتظاهرين أنفسهم، في مسعى واضح لزعزعة الاستقرار. كما نشرت مقطع فيديو يُظهر تعرض جزء من سور مبنى رئاسة الوزراء لأعمال تخريب، في محاولة لتوثيق ما وصفته بـ”الاعتداء المنظم”.
ورغم الحادث، شكرت الحكومة وزارة الداخلية على ما وصفته بـ”الاحترافية الكبيرة” في حماية المتظاهرين وضمان سلامة المشاركين، ما يوحي بمحاولة لتبرئة المؤسسة الأمنية من مسؤولية قمع التظاهرات.
وبحسب مراسلي وكالة “فرانس برس”، شهد ميدان الشهداء وسط العاصمة تجمع مئات المتظاهرين، معظمهم من الشباب، وسط وجود أمني مكثف تجاوز الأربعين آلية. ورفع المتظاهرون لافتات تطالب برحيل حكومة الدبيبة، متهمين إياها بالفشل في حماية المدنيين والانحياز لجماعات مسلحة محددة.
وقد جاءت هذه التظاهرات بعد أيام فقط من اشتباكات عنيفة بين فصائل مسلحة في طرابلس، خلفت ما لا يقل عن ثمانية قتلى، وفق بيانات الأمم المتحدة. ورغم عودة الحياة بشكل جزئي إلى طبيعتها، إلا أن التوتر ما زال مستمرًا، مع تصاعد الاحتجاجات السياسية.
تزامنًا مع الاحتجاجات، أعلنت وسائل إعلام محلية استقالة 6 وزراء ونواب وزراء من حكومة الوحدة الوطنية، وقد أكد اثنان منهم تلك الاستقالات عبر مقاطع مصورة، في مشهد يعكس حجم الأزمة التي تواجهها الحكومة الليبية الحالية.
في المقابل، دعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا السلطات إلى احترام حق المواطنين في التظاهر السلمي، محذّرة من أن التصعيد قد يرقى إلى “جرائم يعاقب عليها القانون الدولي”، في لهجة تحذيرية نادرة تعكس القلق الدولي المتزايد من الوضع في طرابلس.
ومن جهته، حضّ خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، رئيس البرلمان عقيلة صالح على بدء مشاورات فورية لاختيار شخصية وطنية لرئاسة حكومة جديدة، في خطوة تفتح الباب لتغييرات جذرية في المشهد السياسي الليبي الذي يشهد انسدادًا متواصلاً منذ سنوات.