أحرق متظاهرون سيارات واشتبكوا مع الشرطة في لوس أنجلوس الأحد مع استمرار أعمال الشغب لليوم الثالث احتجاجا على اعتقال مهاجرين، وسط انتشار قوات الحرس الوطني التي أرسلها الرئيس دونالد ترامب في شوارع ثاني أكبر مدينة في الولايات المتحدة.

وكان من المتوقع أن تثير المداهمات التي بدأت في وضح النهار في مدينة تضم عددا كبيرا من السكان من أصل لاتيني، ردود فعل غاضبة.

فيما قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الأحد، إنه وجه وزارات الأمن الداخلي والدفاع والعدل بـ “اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحرير المدينة مما وصفه بـ”غزو المهاجرين”.

وكتب ترامب عبر منصة “تروث سوشيال”، أن “مدينة لوس أنجلوس، التي كانت مدينة أميركية عظيمة في يوم من الأيام، تعرضت للغزو والاحتلال من قبل المهاجرين غير الشرعيين والمجرمين”، مضيفاً: “الآن تتجمع حشود عنيفة ومتمردة وتهاجم عملاءنا الفيدراليين في محاولة لوقف عمليات الترحيل، لكن أعمال الشغب الخارجة عن القانون هذه تعزز عزيمتنا فقط”.

وتابع: “وجهت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم، ووزير الدفاع بيت هيغسيث، ووزيرة العدل بام بوندي، بالتنسيق مع جميع الوزارات والوكالات الأخرى ذات الصلة، لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لتحرير لوس أنجلوس من غزو المهاجرين، ووضع حد لأعمال شغب المهاجرين”.

وأضاف ترامب أنه “سيتم استعادة النظام، وسيتم طرد المهاجرين غير الشرعيين، وسيتم تحرير لوس أنجلوس”، وفق وصفه.

لكن معارضين يقولون إن ترامب الذي جعل من القضاء على الهجرة غير الشرعية ركيزة أساسية في ولايته الثانية، كان يؤجج التوترات عمدا بنشره الحرس الوطني في كاليفورنيا، وهو جيش احتياطي عادة ما يأتمر بحاكم الولاية.

وكتب حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم على منصة اكس “لم تكن لدينا مشكلة حتى تدخل ترامب”.

أضاف “هذا انتهاك خطير لسيادة الولاية (…) إذ يؤجج التوترات بينما يتم سحب الموارد حيث هناك حاجة اليها. ألغوا الأمر. أعيدوا السيطرة إلى كاليفورنيا”.

واشتعلت النيران فيما لا يقل عن ثلاث سيارات ذاتية القيادة تابعة لشركة وايمو” بعد ظهر الأحد، كما تعرضت اثنتان أخريان للتخريب بينما تجول المتظاهرون في منطقة محدودة في وسط مدينة لوس أنجلوس.

وتوقفت حركة المرور على طريق سريع رئيسي لأكثر من ساعة، بينما احتشد عشرات الأشخاص على الطريق. وقام رجال هيئة الطرق السريعة في كاليفورنيا بإبعادهم باستخدام القنابل الصوتية وقنابل الدخان.

لكن بعد مواجهة مبكرة محدودة بين عملاء فدراليين من وزارة الأمن الداخلي وعشرات المتظاهرين في مركز احتجاز، أصبحت جميع الاشتباكات مرتبطة بأجهزة إنفاذ القانون المحلية.

بحلول فترة ما بعد الظهر، أقام ضباط شرطة لوس أنجلوس خطوط على مسافة ما من المباني الفدرالية، مما منع الاتصال بين المتظاهرين الغاضبين وعشرات من أفراد الحرس الوطني المسلحين من الفرقة القتالية للواء المشاة 79 الذين تجمعوا بالخوذات وملابس التمويه.

وبحسب صحيفة “لوس أنجليس تايمز”، اندلعت اشتباكات عنيفة في حي “باراماونت”، حيث احتشد مئات المتظاهرين رافعين شعارات مناهضة للهجرة القسرية، مرددين هتافات مثل “فويرا آيس” (اخرجوا آيس)، و”لا عدالة لا سلام”.

وتحولت المظاهرات لاحقاً إلى مواجهات عنيفة تخللتها قنابل صوتية وغاز مسيل للدموع، وأفاد شهود بوقوع إصابات في صفوف المتظاهرين والعملاء الفيدراليين.

وأكدت الصحيفة أن قوات إنفاذ القانون أعلنت المنطقة “تجمعاً غير قانوني” وأمرت المتظاهرين بمغادرة المكان، في حين اعتُقل شخصان على خلفية الاعتداء على ضباط شرطة، أحدهما يُشتبه بإلقائه زجاجة مولوتوف.

وفي تصريح للصحيفة، قال توم هومان، مسؤول إدارة الحدود في إدارة ترامب، إن “نشر الحرس الوطني جاء لمواجهة التمرد والتحريض على العنف”، مضيفاً أن الحكومة “لن تتساهل مع من يعرقلون تطبيق القانون”.

كما صرّح بيل إيسايلي، المدعي الفيدرالي الأمريكي، أن أكثر من 12 شخصاً تم توقيفهم بسبب “عرقلة عمليات إنفاذ القانون الفيدرالية”، مشدداً على أن “الاعتقالات ستستمر ضد أي تدخل”.

وندد حكام ولايات أميركية ينتمون إلى الحزب الديموقراطي يوم الأحد بنشر ترامب قوات الحرس الوطني في لوس أنجلوس، مشيرين إلى أن الصلاحية في هذا الشأن تعود لحاكم الولاية.

وقال الحكام في بيان مشترك إن هذا التحرك “يعد إساءة استخدام للسلطة تنذر بالخطر”.

وقالت القيادة الشمالية في الجيش الأميركي، وهي جزء من وزارة الدفاع المسؤولة عن الدفاع الوطني، إن “نحو 500 من مشاة البحرية (…) على أهبة الاستعداد للانتشار إذا لزم الأمر لتعزيز ودعم” العمليات الفدرالية الجارية.

وتتم الاستعانة عادة بالحرس الوطني (وهو جيش احتياطي) لدى وقوع كوارث طبيعية على غرار حرائق لوس أنجلوس، وأحيانا في حالات الاضطرابات المدنية، لكن ذلك يقترن إجمالا بموافقة المسؤولين المحليين.

وأكد جمهوريون الأحد وقوفهم إلى جانب ترامب في رفض تصريحات لنيوسوم وغيره من المسؤولين المحليين اعتبروا فيها أن الاحتجاجات سلمية بغالبيتها وأن نشر الحرس الوطني من شأنه أن يفاقم التوترات.

وقال رئيس مجلس النواب مايك جونسون لشبكة إيه بي سي “لست قلقا من ذلك على الإطلاق”، معتبرا أن نيوسوم “أظهر عجزا أو عدم استعداد للقيام بما يقتضيه الأمر هناك، لذا تدخّل الرئيس”.

وتعليقا على تلويح وزير الدفاع بيت هيغسيث بالاستعانة بمشاة البحرية (المارينز) لمؤازرة الحرس الوطني، قال جونسون إنه لا يرى مبالغة في ذلك، مضيفا “علينا أن نكون جاهزين للقيام بما يلزم”.

واعتبر متظاهرون تحدّثت إليهم وكالة فرانس برس أن القوات لم يتم إرسالها لحفظ النظام.

وقال توماس هينينغ “أعتقد أنه تكتيك ترهيبي”.

وتابع “هذه الاحتجاجات سلمية. لا أحد يحاول إلحاق أي أذى في الوقت الراهن، مع ذلك فإن عناصر الحرس الوطني متواجدون مع مخازن ممتلئة وبنادق كبيرة حول المكان في محاولة لترهيب الأميركيين من ممارسة حقوقنا التي يكفلها التعديل الأول” للدستور.

وقالت إستريلا كورال إن متظاهرين عبروا عن غضبهم من توقيف عمال مهاجرين كادحين لم يرتكبوا أي خطأ على يد عناصر ملثمين تابعين لسلطات الهجرة. وتابعت “هذا مجتمعنا ونريد أن نشعر أننا بأمان”.

وأضافت “إن نشر ترامب الحرس الوطني يثير السخرية. أعتقد أنه يصعّد”.

وقال مارشال غولدبرغ (78 عاما) لوكالة فرانس برس إن نشر أفراد الحرس الوطني جعله يشعر “بالإهانة الشديدة”.

وقال “نحن نكره ما فعلوه بالعمال غير المسجلين، ولكن هذا ينقل الأمر إلى مستوى آخر من سلب الحق في الاحتجاج والحق في التجمع السلمي”.

وأوضح الناشط الأميركي كينيث روس الذي كان رئيسا لمنظمة هيومن رايتس ووتش، أنها المرة الأولى منذ العام 1965 ينشر رئيس الحرس الوطني دون طلب من حاكم الولاية. ورأى أن ترامب “يقوم باستعراض ليواصل مداهمات الهجرة”.

منذ توليه منصبه في كانون الثاني/يناير، شرع ترامب في تنفيذ تعهده اتخاذ إجراءات صارمة ضد دخول المهاجرين غير المسجلين الذين شبههم بـ”الوحوش” و”الحيوانات”.

والجمعة، نفّذ عناصر مسلّحون وملثّمون تابعون لأجهزة الهجرة عمليات دهم في أجزاء عدة من لوس أنجليس، ما دفع حشودا غاضبة إلى التجمع وأدى إلى مواجهات استمرت ساعات.

وأظهر استطلاع لشبكة سي بي اس نيوز أجري قبل احتجاجات لوس أنجليس أن هناك غالبية طفيفة من الأمريكيين الذين ما زالوا يؤيدون الحملة ضد الهجرة.

ودافعت رئيسة المكسيك كلاوديا شينباوم الأحد عن المهاجرين المقيمين في الولايات المتحدة.

وقالت شينباوم إن “المكسيكيين الذين يعيشون في الولايات المتحدة هم (…) رجال ونساء نزيهون ذهبوا للبحث عن حياة أفضل وتأمين حاجات عائلاتهم. هم ليسوا مجرمين”.

شاركها.