فى تطور علمي جديد اكتشف العلماء حل اللغز الفلكي الذى امتد لعقود، حيث تم الكشف عن المادة العادية “المفقودة” في الكون.
العلماء يكتشفون أساس الكون
الدراسة الجديدة، التي أعدها علماء من مركز الفيزياء الفلكية بهارفارد ومعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، والمنشورة في دورية “نيتشر أسترونومي”، كشفت أن أكثر من 76% من هذه المادة توجد في الغاز الرقيق الممتد بين المجرات، المعروف باسم “الوسط بين المجرّي”.
واكتشف علماء الفلك خيطا ضخما من الغاز الساخن يربط بين أربع مجموعات مجرية، بكتلة تفوق مجرتنا بعشرة أضعاف، قد يحتوي هذا الخيط على بعض المادة “المفقودة” من الكون، ما يُحل لغزًا استمر عقودًا.
المادة التى تكوّن النجوم والكواكب
أكثر من ثلث المادة “العادية” في الكون “المادة المرئية التي تُكوّن النجوم والكواكب والمجرات والحياة” مفقودة، و لم تُرصد بعد.
تشير الدراسات إلى أن هذه المادة المراوغة قد توجد في سلاسل طويلة من الغاز، أو خيوط، تربط بين أكثر جيوب الفضاء كثافة. ورغم أننا رصدنا خيوطًا من قبل، إلا أنه من الصعب تمييز خصائصها؛ فهي عادةً ما تكون خافتة، ما يجعل من الصعب عزل ضوئها عن ضوء أي مجرات أو ثقوب سوداء أو أي أجسام أخرى قريبة.
وتعد الأبحاث الجديدة من بين الأبحاث الأولى التي تقوم بهذا الأمر، حيث تمكنت من العثور على خيط واحد من الغاز الساخن الممتد بين أربع مجموعات من المجرات في الكون القريب ووصفه بدقة.
أحد أضخم الهياكل في الكون
تبلغ درجة حرارة هذا الخيط أكثر من 10 ملايين درجة، ويحتوي على كتلة تعادل حوالي 10 أضعاف كتلة مجرة درب التبانة، ويربط بين أربع مجموعات مجرية جميعها جزء من عنقود شابلي العملاق ، وهو تجمع يضم أكثر من 8000 مجرة، ويُشكل أحد أضخم الهياكل في الكون القريب.
ولأكثر من عقدين، حيّر العلماء عدم التوازن بين الكمية المتوقعة من المادة العادية في الكون، والمادة التي تمكنوا فعليًا من رصدها.
هذه المادة، المكوّنة أساسًا من البروتونات، كان يُعتقد أنها موجودة في شكل غاز ساخن ومنخفض الكثافة، يصعب رصده بالتلسكوبات التقليدية.
لكن باستخدام ومضات راديوية سريعة تُعرف باسم ” FRBs “، وهي إشارات قصيرة ومكثفة قادمة من مجرات بعيدة، تمكن الباحثون من تتبع هذه المادة بدقة.
ومن خلال تحليل 60 ومضة راديوية، من أقربها على بُعد 11 مليون سنة ضوئية، إلى أبعدها على مسافة 9.1 مليار سنة ضوئية، نجح الفريق في قياس مدى “بطء” الإشارة أثناء مرورها عبر الغاز، ما أتاح لهم تحديد كمية المادة التي عبرتها.
وقال ليام كونور، عالم الفلك في مركز الفيزياء الفلكية والمؤلف الرئيسي للدراسة: “السؤال لم يكن يومًا: هل المادة المفقودة موجودة؟ بل: أين هي؟ الآن نعرف أنها تطفو بين المجرات داخل الشبكة الكونية”.
وأوضح كونور أن ومضات FRBs تعمل كـ”مصابيح كونية”، تضيء الضباب بين المجرات وتكشف ما بدا غير مرئي.
وأظهرت النتائج أن: حوالي 76% من المادة العادية توجد في الوسط بين المجرّي (IGM)، نحو 15% منها في هالات المجرات، والباقي داخل النجوم أو سحب الغاز البارد في المجرات.
وأضاف الباحثون أن هذا الاكتشاف لا يتعلق فقط بحساب كميات، بل يُسلط الضوء على كيفية تطور المجرات وتوزع المادة عبر الفضاء، كما أنه يساعد في فهم آليات طرد الغاز من المجرات بفعل الثقوب السوداء والانفجارات النجمية، والتي تعمل كـ”ترموستات كوني”.