أعلن قائد الأمن الداخلي في محافظة السويداء جنوبي سوريا، أحمد الدالاتي، اليوم الإثنين، عن قرب الإفراج عن عائلات البدو المحتجزة، في خطوة تعكس تقدمًا لافتًا في جهود التهدئة الجارية بين الأطراف المتنازعة، بعد أسبوع من الاشتباكات المسلحة بين مقاتلين دروز وعشائر بدوية في المحافظة.

وقالت وزارة الداخلية السورية في بيان رسمي، إن جهود الوساطة التي تبذلها الحكومة السورية مع مختلف الأطراف في السويداء أفضت إلى اتفاق يُفضي إلى الإفراج عن العائلات المحتجزة خلال ساعات، مع تأكيد التزام الدولة “بحماية جميع أبنائها والحفاظ على وحدة النسيج الوطني”.

الدعوة لوقف إطلاق النار 

وفي السياق ذاته، شدد الدالاتي على أهمية التزام جميع الأطراف بوقف إطلاق النار، وفتح الطريق أمام مؤسسات الدولة للقيام بدورها في إعادة الأمن والاستقرار إلى المحافظة، بعد أيام من التوتر المتصاعد والاشتباكات المتنقلة بين مقاتلين محليين ومسلحين من البدو.

وكان المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توماس باراك، قد أعلن مساء الأحد، التوصل إلى اتفاق لوقف الأعمال العدائية في السويداء اعتبارًا من الساعة الخامسة مساءً بتوقيت دمشق. وقال باراك في منشور عبر “إكس” إن الاتفاق يهدف إلى “احتواء التصعيد، حماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية”، مؤكّدًا أن “تنفيذ تبادل كامل للرهائن والمعتقلين” يمثل الخطوة التالية نحو تهدئة دائمة، وتجري حاليًا ترتيباته اللوجستية.

 تأمين التواصل ونجاح المبادرة

بدورها، أعلنت الرئاسة الروحية لطائفة الموحدين الدروز أن عملية تبادل المعتقلين ستجري اليوم الإثنين في ساحة قرية أم الزيتون بحلول الساعة السادسة مساء، مطالبة السلطات بتوفير خدمات الإنترنت والاتصالات لتسهيل تواصل الأهالي وضمان نجاح عملية الإفراج، تحت إشراف الدول الراعية للاتفاق.

وفي خطوة لافتة، أصدرت الرئاسة السورية بيانًا أكدت فيه وقفًا شاملًا وفوريًا لإطلاق النار في كافة أرجاء السويداء، داعية الجميع دون استثناء إلى الالتزام الكامل بالهدنة، وتأمين حماية المدنيين والسماح بوصول الإغاثة الإنسانية بلا عوائق. ويأتي هذا التطور بعد سلسلة من المواجهات المسلحة بين مقاتلين دروز وعشائر بدوية، اضطرت على إثرها وزارة الدفاع السورية لإرسال تعزيزات لدعم الحواجز الأمنية في المحافظة.

تدخل إسرائيلي وتصعيد إقليمي

الاشتباكات لم تقتصر تداعياتها على الداخل السوري، إذ دخلت إسرائيل على خط الأزمة، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي أنه استهدف آليات عسكرية سورية في السويداء. كما أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس في بيان مشترك إلى “التحالف الأخوي العميق” مع الدروز في إسرائيل، مؤكدين التزامهما بمنع النظام السوري من إيذاء أبناء الطائفة في الجنوب السوري.

وتعهدت إسرائيل، بحسب البيان، بـ”ضمان نزع السلاح في المناطق المتاخمة لحدودها”، وبتكثيف الرد على أي تحرك يهدد الدروز في سوريا. وكان الطيران الحربي الإسرائيلي قد شن غارات على دمشق في 16 يوليو الجاري، استهدفت مواقع حساسة بينها مبنى الأركان العامة ووزارة الدفاع ومحيط القصر الرئاسي.

التحديات أمام القيادة السورية الانتقالية

تأتي هذه التطورات في وقت تواجه فيه الإدارة السورية الجديدة، بقيادة الرئيس للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، اختبارًا جديًا في فرض الاستقرار جنوب البلاد، بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024.

وكان المبعوث الأمريكي توماس باراك قد أعلن السبت الماضي عن اتفاق وقف إطلاق النار برعاية أمريكية، وبموافقة من تركيا والأردن ودول الجوار، وقال إن الاتفاق تم بين الحكومة السورية الانتقالية والحكومة الإسرائيلية، ويدعو “الدروز والبدو والسنّة إلى إلقاء السلاح والمشاركة في بناء سوريا موحدة تقوم على السلام والتعاون”.

ورغم التهدئة المؤقتة، فإن التطورات المتسارعة في الجنوب السوري تُبرز عمق التحديات التي تعترض طريق استقرار سوريا ما بعد الأسد، سواء على صعيد إدارة التنوع الاجتماعي، أو مواجهة التدخلات الإقليمية المتزايدة في المشهد السوري.

شاركها.