كيفية تعامل الأولاد مع أبيهم الذي يهين أمهم.. سؤال تلقته دار الإفتاء كثيرًا ويتبادر لدى البعض خاصة ممن يعانون من مشكلات أسرية بين الأب والأم، حيث يسأل كثيرون هل إذا أخطأ الأب أو عند إساءته التصرف، هل يسقط بذلك حقه في البر والإحسان؟ وهو سؤال إجابة عنه دار الإفتاء المصرية وفي السطور التالية نتعرف على إجابته.
كيفية تعامل الأولاد مع أبيهم الذي يهين أمهم
وفي إجابتها عبر موقعها الإلكتروني عن السؤال، أكدت دار الإفتاء أن الأب له حق البر والإحسان في جميع الأحوال، ولا يسقط هذا الحق بإساءته، أو سوء تصرفاته مع الأم.
ووجهت الإفتاء نصيحة إلى الأولاد في هذه الحالة، قائلة “يجب توجيه النصح إليه بالمعروف، وأن يختاروا لذلك الوقت المناسب والأسلوب اللائق، مع الدعاء له بالصلاح والهداية، وإن تعذر عليهم ذلك فيمكنهم اللجوء إلى أهل الخير والصلاح من الأقارب أو غيرهم؛ لرده عن سوء تصرفه”.
حكم إهانة الزوج زوجته
وشدد دار الإفتاء على أنه لا يجوز للزوج أن يهين زوجته أو يتطاول عليها بأي حال من الأحوال؛ لأن إهانة الزوجة والاستطالة عليها بالسبِّ أو الضَّرب حرام شرعًا.
واستشهدت الدار بما جاء عن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه، قال: قلت: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: «أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، أَوِ اكْتَسَبْتَ، وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ» أخرجه الأئمة: أبو داود، والنسائي، والبيهقي، وأحمد.
قال الإمام الخطابي في “معالم السنن” (3/ 221، ط. المطبعة العلمية): [قوله: «وَلَا تُقَبِّحْ»، معناه: لا يسمعها المكروه ولا يشتمها؛ بأن يقول: قبحك الله، وما أشبهه من الكلام].
بيان فضل برّ الوالدين والإحسان إليهما
وقد أمر الله تعالى ببر الوالدين والإحسان إليهما، والتلطف في معاملتهما، وقرن عبادته ببرهما، وشكرهما بشكره، ونهى عن كل ما يؤذيهما من قول أو فعل؛ قال تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 2324].
قال الإمام القرطبي في “تفسيره” (14/ 17): [أمر الله سبحانه بعبادته وتوحيده، وجعل بر الوالدين مقرونًا بذلك، كما قرن شكرهما بشكره… ومن البر بهما والإحسان إليهما: ألا يتعرض لسبهما ولا يعقهما، فإن ذلك من الكبائر بلا خلاف].
وأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن بر الوالدين أفضل الأعمال بعد الصلاة التي هي من أعظم دعائم الإسلام، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قلت: يا رسول الله، أي العمل أحب إلى الله؟ قال: «الصَّلَاةُ عَلَى مِيقَاتِهَا»، قلت: ثم أي؟ قال: «ثُمَّ بِرُّ الوَالِدَيْنِ»، قلت: ثم أي؟ قال: «الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» متفق عليه.
وقد أجمع الفقهاء على حرمة عقوق الوالدين، وكونه كبيرة من كبائر الذنوب، قال الإمام النووي في “شرح صحيح مسلم” (16/ 104، ط. دار إحياء التراث العربي): [وأجمع العلماء على الأمر ببر الوالدين وأن عقوقهما حرام من الكبائر].
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في “فتح الباري شرح صحيح البخاري” (10/ 406، ط. دار المعرفة): [والعقوق بضم العين المهملة مشتقٌّ من العق، وهو القطع، والمراد به: صدور ما يتأذَّى به الوالد من ولده من قولٍ أو فعلٍ، إلا في شرك أو معصية].