في تحقيق صادم نشرته شبكة سي بي إس نيوز، تم الكشف عن تورط متعاقدين عسكريين أمريكيين، إلى جانب جيش الاحتلال الإسرائيلي، في إطلاق نار عشوائي ومميت على مدنيين فلسطينيين كانوا يحاولون الحصول على المساعدات الإنسانية في قطاع غزة المحاصر.
الشاهد، الذي منحته الشبكة اسمًا مستعارًا هو “مايك” لحمايته، عمل سائق شاحنة مساعدات لصالح شركة لوجستية أمريكية، ليكتشف أن مهمته كانت ضمن عمليات “مؤسسة غزة الإنسانية”، وهي الكيان المدعوم أمريكيًا وإسرائيليًا والذي حل محل الأمم المتحدة في توزيع المساعدات منذ مايو الماضي.
قدم “مايك” للشبكة مقاطع فيديو سرية توثق إطلاق نار كثيف، ويؤكد أن الرصاص كان موجهاً ضد مدنيين، حيث قال: “استغرق الأمر يومين أو ثلاثة لأدرك أنهم يطلقون النار بالفعل على الناس، لم يكونوا يطلقون النار على مقاتلين”.
عندما سُئل عما إذا كانت الطلقات مجرد طلقات تحذيرية، أجاب “مايك” بشكل قاطع: “لا، إنها عشوائية”، مؤكدًا أنه شاهد كلاً من جنود جيش الاحتلال والمتعاقدين الأمريكيين وهم يطلقون النار.
تتوافق شهادة “مايك” مع بيانات صادرة عن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، التي تشير إلى استشهاد أكثر من 1800 فلسطيني أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء منذ بدء الأزمة، من بينهم 1000 شخص على الأقل قُتلوا بالقرب من مواقع “مؤسسة غزة الإنسانية”.
كما وثقت “سي بي إس نيوز” حوادث إطلاق نار شبه يومية في تلك المواقع، حيث تحدث متعاقدون أمريكيون سابقون آخرون عن مشاهدات مماثلة، مما يزيد من القلق حول سلوك هؤلاء المتعاقدين.
وصف “مايك” مشاهد اليأس التي عاشها، حيث قال: “لم أرَ يومًا حشدًا يتصرف بهذا القدر من الشدة واليأس”، مشيرًا إلى أن الفلسطينيين كانوا يتجمعون قبل ساعات من فتح المواقع على أمل الحصول على الطعام.
في المقابل، نفت “مؤسسة غزة الإنسانية” هذه الاتهامات بشكل قاطع ووصفتها بأنها “باطلة تمامًا”، مؤكدة أن متعاقديها لم يطلقوا النار على المدنيين.
أما جيش الاحتلال الإسرائيلي، فقد أنكر تعمّد إطلاق النار على المدنيين، لكنه أكد أنه يحقق في التقارير الأخيرة حول تعرض مدنيين للأذى عند مواقع المؤسسة، متعهداً باتخاذ إجراء فوري ضد أي تجاوزات.
“مايك”، الذي عاد إلى بلاده، ختم حديثه بالقول: “لن أستطيع أن أرتاح ضميريًا إن لم أقل شيئًا. هذه الفظائع لا يجب أن تحدث”.