فجّر حادث دخول فتاة في غيبوبة كاملة بعد تلقيها حقنة مغشوشة داخل إحدى العيادات بمنطقة المهندسين، موجة واسعة من الغضب والقلق الشعبي، إذ سلطت الواقعة الضوء مُجددًا على الانتشار المُقلق للعيادات غير المُرخصة، التي يمارس القائمون عليها أنشطة طبية دون أدنى رقابة من الجهات المختصة، بل ويقدّم بعضهم أنفسهم باعتبارهم أطباء رغم افتقادهم لأي تأهيل علمي أو ترخيص رسمي. الأمر لا يشكل تهديدًا مباشرًا لحياة المرضى فحسب، بل يفتح الباب أمام تساؤلات كبرى حول غياب المتابعة والرقابة.
بعد غيبوبة فتاة المهندسين.. محمود مقبل: العيادات غير المُرخصة تهدّد حياة المواطنين
قال الدكتور محمد محمود مقبل، استشاري الجهاز الهضمي والكبد والمناظير وعضو مجلس نقابة أطباء القاهرة سابقًا، في تصريحات خاصة لموقع ، إن أزمة العيادات غير المرخصة التي تقدّم خدمات طبية للمواطنين تبرز إشكالية أكبر، وهي آليات ترخيص المنشآت الطبية بشكل عام.
وأوضح أن الأطباء المرخص لهم بمزاولة المهنة يواجهون صعوبات شديدة في استخراج تراخيص عياداتهم، حيث يُطلب منهم المرور على عدة جهات تبدأ بالنقابة مرورًا بالإدارة العامة للعلاج الحر، ثم تراخيص البيئة والحي، إلى جانب اشتراطات معقدة مثل أن تكون الوحدة مسجّلة إداريًا وليست سكنية، فضلًا عن دفع مبالغ مالية كبيرة لكل جهة.
وأشار مقبل إلى المفارقة الواضحة، حيث يُضيق على الأطباء المتخصصين في إجراءات الترخيص، بينما يُترك غير الأطباء والمنتحلون صفة طبيب ليفتتحوا منشآتهم ويمارسوا نشاطهم بلا رقابة حقيقية من الجهات المختصة.
وأضاف أن هناك كوارث تحدث في بعض المجالات الطبية، أبرزها عيادات التغذية وعلاج السمنة والنحافة، حيث يفتقر معظمها للإشراف الطبي من أطباء بشريين، وكذلك بعض أماكن التجميل والجلدية التي يقدم خدماتها أشخاص غير متخصصين، وأحيانًا ليسوا أطباء من الأساس، فضلًا عن المروجين للعلاج بالأعشاب والوصفات غير الطبية.
وأكد أن ضبط هذه الفوضى ليس أمرًا صعبًا إذا كان الهدف من ترخيص المنشآت الطبية هو حماية المواطن لا مجرد تحصيل رسوم من الأطباء، مشددًا على ضرورة توحيد جهة واحدة مسؤولة عن الترخيص، مع تسهيل الإجراءات والاشتراطات، وتخفيض الرسوم المفروضة على الأطباء.
كما دعا إلى إنشاء موقع رسمي يتيح للمواطنين التحقق من تراخيص الأطباء وتخصصاتهم قبل التوجه إلى عياداتهم، معتبرًا أن الوضع الحالي يضيق الخناق على الأطباء المؤهلين والمتخصصين، بينما يترك غير الأطباء يمارسون عملهم بحرية تامة ودون رقابة.