بداية يجب التأكيد على حقيقتين سبق وأن كتبنا عنهم، الأزلي: إننا نعيش في زمن الفضاء السيبراني والثورة المعلوماتية التي تعتمد أساسا على العقول والتكنولوجيا المتطورة أكثر من السواعد أو كثرة عدد السكان واتساع مساحة البلاد، ويشكل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي مكانة مركزية فيها وخصوصا في مجال التنشئة الاجتماعية والسياسية والتلاعب بالعقول.
الثانية: وجود إعلاميين ومحللين سياسيين غرب وفلسطينيين محترمين يقومون من خلال استضافتهم في الفضائيات المستحدثة والمعولمة الناطقة بالعربية خصوصا الخليجية بدور وطني وقومي في الدفاع عن الشعب الفلسطيني وقضايا الأمة العربية.
ولكننا نتحدث عن فئة أخرى وهي غالبية ضيوف الفضائيات الناطقة بالعربية، مع شك كبير بأنها تعبر عن أية هوية وثقافة قومية عربية، مع شكوك أكبر حول حقيقة موقف الدول الخليجية التي تتبع لها هذه القنوات من القضية الفلسطينية ومما يحري في قطاع غزة تحديدا.
خلال ٢٣ شهرا من الحرب استضافت الفضائيات العربية وخصوصا الخليجية آلاف المحللين السياسيين والاستراتيجيين والخبراء من كل التخصصات ومن عديد الجنسيات، وكانت تجدد الوجوه بعد أن ينال كل ضيف نصيبه المالي على كل طلة أو مشاركة وقد اغتنى كثيرون من أموال الفضائيات وبانت النعمة على وجوههم ونمط حياتهم ، والكل كان يتسابق ليقول ما يرضي القناة والدولة التابعة لها حتى يستمروا في استضافته، حتى لو وصل بهم الأمر للتهريج والكذب ولي عنق الحقيقة، ولا نبالغ إن قلنا إن هذه القنوات تحاول تقديم رشوة جماعية لهؤلاء.
الملاحظ أن لا أحد من هؤلاء، مرتزقة الفضائيات، وبعضهم له مكانته السياسية والإعلامية والاكاديمية في بلده، انتقد سياسة دولة الفضائية أو أي دولة خليجية أخرى من الحرب على غزة ومن تدخلهم التخريبي في قضايا عربية وإقليمية، بل بالغ بعضهم في مدح دول الفضائيات والتملق لها بالرغم من أن هذه الدول صديقة لواشنطن الشريكة في الحرب وبها قواعد عسكرية أمريكية وغربية بالإضافة الى تطبيع بعضها علاقتها مع اسرائيل.
وهنا نطرح تساؤلات على هؤلاء وعلى الفضائيات العربية:
1 لماذا لا تفتح الفضائيات الإسرائيلية الناطقة بالعربية ضيوفا عربا وفلسطينيين من محللين سياسيين ومن قادة ومسؤولين فلسطينيين ليعبروا عن رأيهم كما تفعل الفضائيات العربية عندما تستضيف محللين سياسيين وقادة سياسيين وعسكريين إسرائيليين؟
2 لماذا زادت هذه الفضائيات وضيوفها في بلبلة الرأي العام العربي وفي انتشار الرواية الصهيونية الإسرائيلية، ولم تلعب أي دور إيجابي في مجال التنشئة السياسية والاجتماعية؟
3 لماذا لا يمتنع أي ضيف عربي وفلسطيني عن المشاركة في أية مقابلة أو حوار على الفضائيات العربية عندما يكون في مقايله ضيف صهيوني بدلا من أن تكون مشاركتهم مبررا للفضائية لاستضافة الصهاينة ليمرروا خطابهم الحاقد وروايتهم الكاذبة؟
4 لماذا لا نشاهد هؤلاء المفكرين والمحللين السياسيين والاستراتيجيين وأساتذة الجامعات يظهرون على الفضائيات الوطنيةالفلسطينية والتي لا تدفع مقابل مالي للضيوف؟