سنفترض صحة كل ما تقول حركة حماس حول تبرير طوفان الأقصى وأنه جزء من حق الشعب بمقاومة الاحتلال وعن بطولات المقاومة في قطاع غزة وأنه بسبب الطوفان والمقاومة تحرك العالم ضد إسرائيل التي باتت منبوذة عالمياً الخ ولكن في المقابل الميدان يقول إنه تم تدمير ٨٠% من القطاع واحتلال حوالي ٧٠% من أراضيه وفقدان ما يفوق ربع مليون فلسطيني ما بين شهيد ومفقود وجريح وهناك مجاعة وتطهير عرقي لسكان القطاع وتواصل عملية تدمير واحتلال مدينة غزة التاريخية بالإضافة الى ما يجري في الضفة من تدمير مخيمات وتوسيع للاستيطان ومحاولة إنهاء السلطة الفلسطينية .
فهل كل هذا الواقع الميداني يتناسب مع ما تدعيه حماس من انجازات؟ وماذا تبقى عند حركة حماس من أوراق قوة حتى تستمر في الحديث عن سلاح المقاومة وأنه خط أحمر لأنه يدافع عن الشعب الفلسطيني ولا ندري عن أي شعب يتحدثون؟
انساقت حركة حماس بداية وراء محور المقاومة ووحدة الساحات ثم وراء مهزلة المفاوضات بوساطة قطرية لإطلاق سراح المخطوفين الإسرائيليين مقابل شروط وضعتها حماس كانسحاب إسرائيل من القطاع ووقف الاستيطان وتبييض السجون الخ، ولكن بعد عامين من الحرب وموت أغلب المخطوفين وبعد مسرحية استهداف قادة حماس في قطر وبعد مبادرة ترامب الخبيثة والملتبسة ،التي جاءت نتيجة اجتماع مع بعض قادة الدول العربية والإسلامية مع تجاهل وجود دولة فلسطين أو التشاور معها أو أي دور لها في حكم قطاع غزة بعد الحرب ،وتزامنت مع تزايد الاعترافات بالدولة الفلسطينية والمأزق المتزايد لدولة الكيان بعد كل ذلك هل اقتنعت حركة حماس أنه تم استغلالها من واشنطن وتل أبيب والدوحة حتى يتم تمرير ما خطط له نتنياهو منذ بداية الحرب؟ وهل اكتشفت حماس أخيراً كذب نتنياهو بأن هدفه من الحرب تحرير الأسرى وأن نتنياهو غير معني بالأسرى؟
وهل اقتنعت حركة حماس أخيراً بأن واشنطن لا يمكنها أن تكون وسيطاً في المفاوضات بينها وبين اسرائيل وعليها التوقف عن طلب ضمانات أمريكية لأي اتفاق لوقف الحرب، وأن تحذر من مبادرة ترامب الأخيرة والتي لمح فيها إلى وجود مشاورات مع حماس حول المبادرة؟
مبادرة ترامب الأخيرة أوقفت مهزلة ما كانت تسمى مفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين وحتى مع حركة حماس حيث تتعامل واشنطن مع الحركة كجماعة إرهابية تختطف أسرى وليس كحركة مقاومة تمثل شعب فلسطين أو حتى جزءاً منه.
وأخيرا وحتى لا تخسر حركة حماس ومن تبقى من حلفاء لها كل شيء ولقطع الطريق على مخططات نتنياهو وعلى مبادرة ترامب غير البعيدة عن مخطط وهدف نتنياهو من الحرب بل تمنحه مزيداً من الوقت لاستكمال مخططه ،ولدعم التحرك العالمي الشعبي وعلى مستوى الحكومات وزيادة الخناق على دولة الكيان ، أيضاً حتى يتم تبديد الشكوك التي تتزايد يوماً بعد يوم بأن حركة حماس ،بوعي منها أو بغير وعي ،شريك للعدو في تدمير وتصفية القضية الفلسطينية ،على حركة حماس أن تعلن أنها تسلم كل ملف غزة لمصر ودولة فلسطين والأمم المتحدة وأن تتم أي مفاوضات معهم ،وبهذا تصبح حركة حماس شريكا فيما يجري من حراك دولي إيجابي لصالح فلسطين، وقد تفتح هذه الخطوة نافذه لحوار وطني لتحقيق الوحدة الوطنية وتجاوز حالة التشنج بل والتكفير والتخوين في العلاقات الفلسطينية الداخلية ،عسى ولعل أن يؤدي ذلك على أقل تقدير إلى وقف الموت والجوع واذلال أهالي غزة الذين أفقدتهم الحرب انسانيتهم ، مع شكنا أن نتنياهو وترامب سيقبلان بهذا الحل، ولكن على الأقل تبليغ رسالة بأن هناك موقف فلسطيني عربي مشترك.