يشهد ملف سد النهضة تطورات متسارعة مع استمرار تداعيات الفيضانات الأخيرة التي اجتاحت السودان، وهو ما أعاد الجدل حول تأثيرات السد على دولتي المصب، مصر والسودان، وكيفية تعامل إثيوبيا مع إدارة مخزونه المائي. 

وفي هذا السياق، تبرز تحذيرات الخبراء حول خطورة غياب التنسيق والإدارة الرشيدة، في مقابل تأكيدات مصر على جاهزية السد العالي لمواجهة أي طارئ والحفاظ على أمنها المائي.

أستاذ الجيولوجيا: توقف توربينات النهضة وإدارة إثيوبيا الخاطئة وراء الكميات الهائلة المتدفقة نحو السودان

قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة في تصريحات خاصة لموقع إن سد النهضة كان من المفترض أن يحمي السودان من الفيضانات، لكنه تسبب حاليًا في فيضان كبير يضرب الأراضي السودانية، موضحًا أن السبب الرئيسي في ذلك هو امتلاء بحيرة السد منذ العام الماضي دون أن تستغلها إثيوبيا لتشغيل التوربينات أو تصريف المياه بشكل تدريجي.

وأضاف شراقي نصحنا إثيوبيا بضرورة تصريف جزء من المياه ابتداءً من يناير الماضي وإعادة الملء مع قدوم موسم الأمطار، لكن تعنتها ورغبتها في إخفاء توقف التوربينات أدى إلى أن تظل البحيرة ممتلئة حتى موسم الأمطار الجديد في يوليو، ما تسبب في فيضان المياه من أعلى السد.

وتابع في 9 سبتمبر الجاري، اضطرت إثيوبيا إلى فتح بوابات السد رغم توقف جميع التوربينات عن العمل حتى الآن، مما ضاعف من حجم المياه المتدفقة باتجاه السودان، حيث تصل الآن نحو 700 مليون متر مكعب يوميًا، وهو أكثر من ضعف الكميات الطبيعية في هذا التوقيت من العام.
 

وأوضح أستاذ الجيولوجيا أن السودان يواجه وضعًا صعبًا نتيجة هذه الكميات الهائلة، مضيفًا: “السدود السودانية صغيرة ومحدودة، وإذا استمر التصريف بهذه الكثافة فقد يتعرض سد الروصيرص لأضرار جسيمة”، مشيرًا إلى أنه يتوقع أن تخفض إثيوبيا التصريف للنصف خلال يومين لحماية السدود السودانية.

وأكد شراقي أن بحيرة سد النهضة انخفض منسوبها بنحو 4 مليارات متر مكعب بعد هذه التصريفات، وهو ما يمنح إثيوبيا فرصة للتعامل مع الموقف، لكنه حذر من أن استمرار توقف التوربينات سيعيد الأزمة نفسها في المواسم المقبلة.

أما عن وضع مصر، فقد طمأن شراقي الرأي العام قائلاً: “السد العالي هو صمام الأمان المائي لمصر، وقادر على استيعاب أي كميات إضافية تصل حتى لو تجاوزت المليار متر مكعب يوميًا، بفضل سعته التخزينية التي تصل إلى 162 مليار متر مكعب”.

واختتم تصريحاته قائلاً: “مصر مستعدة منذ شهور لموسم الأمطار، وتتحكم في تصريف المياه وفق الاحتياجات الزراعية والاستهلاك المحلي، ولا يشكل الفيضان الحالي أي خطورة على الأمن المائي المصري”

 

شاركها.