مصراوي
تشير دراسة حديثة إلى إمكانية تطوير مضاد سموم واسع الطيف لدغات الثعابين، بعد أن نجح فريق بحثي في تحصيل مزيج من عوامل تحييدية وفحصه على الفئران.
ويقود المشروع جاكوب غلانفيل من شركة سينتيفاكس للتكنولوجيا الحيوية، الذي اعتمد على أجسام مضادة مستخلصة من دم عالم الزواحف تيم فريد، المشهور بتعرضه المئات من المرات للدغات وتطويره مناعة ذاتية أمام سموم خطيرة.
وعزل الفريق تسلسلات الحمض النووي المولدة للأجسام المضادة في دم فريد وبنى مكتبة منها، ثم انتقى عوامل تقاوم فئات رئيسية من سموم الثعابين.
وامزج الباحثون ثلاثة مركبات، منها أجسام مضادة ضد سلالتي السموم العصبية الطويلة والقصيرة (LNX وSNX) ودواء varespladib المضاد لإنزيم PLA2، فوفر هذا الخليط حماية للفئران من سم 19 نوعا من الثعابين، مع حماية كاملة في 13 حالة وتخفيف الأعراض في ست حالات أخرى، ونُشرت النتائج في مجلة Cell عام 2025.
ورغم النتائج المشجعة، يواجه تطوير ترياق واحد شامل عقبات كبيرة لأن سموم الثعابين مركّبة ومتنوعة؛ فقد يتألف السم من عشرات البروتينات وتختلف تركيبتها بين الأنواع وحتى داخل النوع نفسه حسب المنطقة الجغرافية.
هذا التعقيد يجعل فعالية علاج موحد محدودة ما لم يستهدف مواقع ارتباط بروتينية مشتركة بين مجموعات السموم.
وينقسم الخبراء حول أفضل مسار عملي، إذ يرى غلانفيل أن استهداف مواقع ارتباط مشتركة قد يؤدي إلى مضاد «عمومي» عملي، بينما يحث آخرون على استراتيجية أكثر واقعية تتمثل في تطوير مجموعات من مضادات سموم مُصممة لكل منطقة جغرافية، بحيث تغطي الطيف السمّي المحلي بتكلفة وإنتاجية أفضل.
هذا الرأي يدعم إنتاج أجسام مضادة وحيدة النسيلة بشرية سريعة التصنيع ومخصصة لكل نطاق من سموم الثعابين.
الاعتماد على تكنولوجيا قديمة والحاجة إلى mAbs بشرية
الطريقة التقليدية لإنتاج مضادات السموم تعتمد منذ أكثر من قرن على تحصين الحيوانات وجمع مصلها، وهي عملية بطيئة وقد تسبّب تفاعلات مناعية لدى البشر.
الحل الأمثل بحسب متخصصين يكمن في الأجسام المضادة وحيدة النسيلة البشرية (mAbs) المصممة معمليًا، إذ تسمح باستهداف مركّزات أساسية في السموم وإنتاج علاجات أكثر أمانًا وقابلية للتوسيع.
تقدم واختبارات مستقبلية
في حين أن خليط غلانفيل لم يُجرَ بعد على البشر، تسعى الشركة لاختباره في البداية على الحيوانات الأليفة، وتعمل على تكرار الخطة لعائلات سموم أخرى.
وفي الهند، يطور فريق بقيادة كارتيك سوناغار أجسامًا مضادة بعرض تحييدي واسع ضد سموم محلية، مع اقتراح نَهج جمعي يجمع عدة منتجات كلٌ مخصّص لإقليم معين بدلاً من حلٍّ واحد عالمي قد يكون غير عملي من الناحية الاقتصادية والتشغيلية.
ما أهمية هذه الجهود؟
تأتي الأبحاث في وقتٍ لا تزال فيه لدغات الثعابين تسبّب وفيات وإصابات تشللية واسعة النطاق، خصوصًا في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، حيث قد لا يصل المصابون إلى علاج مناسب سريعا.
لذا يسعى المجتمع العلمي لابتكار حلول أسرع وأكثر شمولية من جهة، وأكثر قابلية للتطبيق محليا من جهة أخرى.