أعلن الاتحاد الإفريقي، مساء الأربعاء، تعليق عضوية مدغشقر في جميع مؤسساته وهيئاته، وذلك غداة استيلاء وحدة عسكرية خاصة على السلطة عقب إطاحتها بالرئيس أندري راجولينا، وتعهدها بتنظيم انتخابات خلال فترة انتقالية محددة.
وقال رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي محمود علي يوسف في تصريح لوكالة فرانس برس إن “عضوية مدغشقر عُلّقت بأثر فوري”، مؤكداً أن القرار جاء انسجاماً مع اللوائح الإفريقية الرافضة لأي تغيير غير دستوري للحكم.
وجاءت الخطوة بعد أن أعلنت وحدة “كابسات” العسكرية، الثلاثاء، استيلاءها الكامل على السلطة في البلاد، فور تصويت الجمعية الوطنية على عزل الرئيس راجولينا، الذي أفادت تقارير بأنه فرّ من البلاد.
وكانت احتجاجات شعبية قد انطلقت في 25 سبتمبر الماضي ضد حكمه، وانضم إليها عدد من العسكريين قبل تنفيذ الانقلاب.
وأعلن قائد الوحدة، الكولونيل ميكايل راندريانيرينا، الذي أصبح الرئيس الفعلي للبلاد، أن المرحلة الانتقالية ستستمر من 18 إلى 24 شهراً، وتشمل إعادة هيكلة مؤسسات الدولة وتعيين حكومة جديدة عبر مشاورات وطنية.
وصادقت المحكمة الدستورية على توليه السلطة رسمياً بعد قبولها قرار عزل الرئيس السابق.
ومن المقرر أن تشرف على المرحلة الانتقالية لجنة عليا تضم ممثلين عن الجيش والدرك والشرطة، في خطوة تهدف ـ وفق الانقلابيين ـ إلى “ضمان الاستقرار وإعادة الثقة بالمؤسسات”. ويُتوقع أن يؤدي راندريانيرينا اليمين الدستورية خلال أيام تمهيداً لتشكيل حكومة انتقالية.
وأثارت التطورات في الجزيرة الواقعة بالمحيط الهندي موجة قلق دولية واسعة، حيث دعت كل من فرنسا وألمانيا وروسيا والأمم المتحدة إلى ضبط النفس واحترام الدستور وحقوق الإنسان. وقالت باريس في بيان رسمي إن “الالتزام بالديمقراطية وسيادة القانون أمر غير قابل للتفاوض”، بينما طالبت برلين جميع الأطراف بـ”التحلي بالحذر في هذا الوضع المربك”، ودعت موسكو إلى “تجنب العنف وإراقة الدماء”.
كما أعربت منظمة هيومن رايتس ووتش عن خشيتها من انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان في ظل الحكم العسكري، داعية القادة الجدد إلى “احترام وحماية حقوق جميع سكان مدغشقر”.
وأبدت الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي (سادك)، التي كانت مدغشقر ترأسها سابقاً، قلقها من “تكرار سيناريوهات الانقلابات العسكرية” في المنطقة.
ويرى محللون أن ما حدث في مدغشقر يضيفها إلى قائمة الدول الإفريقية التي شهدت انقلابات متتالية منذ عام 2020، مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو والغابون وغينيا، ما يعكس تراجعاً واضحاً في المسار الديمقراطي الإفريقي وسط تزايد الإحباط الشعبي من الأوضاع الاقتصادية والسياسية.
ويحذر خبراء من أن عزلة مدغشقر الإقليمية والدولية قد تتعمق في حال استمرار الحكم العسكري، ما قد يؤدي إلى تجميد المساعدات الدولية وعرقلة الاستثمارات، خاصة أن البلاد تعاني من فقر مزمن وأزمات غذائية متفاقمة، تجعل الاستقرار السياسي شرطاً أساسياً لبقائها ضمن دائرة الاهتمام الدولي.