كتب : أميرة حلمي
05:24 م
02/11/2025
لفتت السيدة انتصار السيسي الأنظار بإطلالة ملكية راقية خلال افتتاح المتحف المصري الكبير، حيث تألقت بفستان أسود أنيق يحمل طابعًا فرعونيًا أصيلًا.
الفستان من تصميم مصممة الأزياء المصرية مرمر حليم، وجاء مطرزًا يدويًا بنقوش فرعونية دقيقة، استوحتها من رموز الكتابة المصرية القديمة، ليجمع بين فخامة اللون الأسود وهيبة الحضارة المصرية التي أبهرت العالم عبر العصور.
وقال دكتور مجدي شاكر، كبير الأثريين، لـ مصراوي، إن الرموز المختارة في التصميم هي رموز من اللغة المصرية القديمة، المعروفة باسم الكتابة الهيروغليفية، موضحًا أن هذه اللغة كانت تتكوّن من أربعة خطوط رئيسية:
الخط الهيروغليفي، وهو المقدس الذي كان يُستخدم في النقوش على جدران المعابد والمقابر،
والخط الهيراطيقي، الذي كان يكتبه الكهنة على ورق البردي،
ثم الخط الديموطيقي، وهو الخط الشعبي لعامة الناس،
وأخيرًا الخط القبطي، الذي ظهر بعد دخول اليونانيين إلى مصر، حيث تم دمج ستة حروف مصرية قديمة مع عشرين حرفًا يونانيًا لتنشأ منه اللغة القبطية.
وأكد شاكر أن النقوش الموجودة على الفستان مكتوبة بالخط الهيروغليفي، أي الكتابة المصرية القديمة، مشيرًا إلى أنها ليست جملة ذات معنى لغوي محدد، بل مجموعة رموز مختارة بعناية، تعبّر عن روح الحضارة المصرية.

ومن أبرز الرموز التي استُخدمت، علامة “العنخ” المعروفة بـ”مفتاح الحياة”، وهي أحد أهم الرموز في الحضارة المصرية القديمة، وكانت تُكتب إلى جوار اسم الملك مقرونة بعبارة “فليُعطَ الحياة”.
وترتبط هذه العلامة بالإله رع، إله الشمس وأحد أعمدة المعتقدات المصرية القديمة، الذي قامت على فكرته إحدى نظريات الخلق بمدينة أون (هليوبوليس)، تلك المدينة التي كانت مركزًا للفكر الديني في مصر القديمة.
كما تضمن التصميم رمز الصقر، الذي يُمثّل الإله حورس، رمز الملكية والقوة.
وأوضح شاكر أن كل ملك مصري كان يُلقّب باسم “حورس” أثناء حياته باعتباره الوريث المنتصر الذي استعاد العرش من عمه ست،
وكان يُقال عند وفاته: “طار الصقر إلى السماء”.
واختير الصقر رمزًا للملكية لأنه لا يهبط إلى الأرض ولا يأكل الجيف، ويظل محلّقًا في الأعالي حتى أثناء نومه، وهو ما يجعله تجسيدًا للنقاء والسمو والعظمة.
وأشار شاكر أيضًا إلى رمز الإلهة ماعت، معبودة العدالة والتوازن، التي كانت تُصوَّر على هيئة امرأة تعلو رأسها ريشة نعامة، وهي رمز للحق والعدل في العقيدة المصرية القديمة.
وأوضح أن المصريين القدماء رأوا أن من يحكم الكون يجب أن يتحلى بـالعدل والتوازن، وهو ما تجسده ريشة ماعت الشهيرة.

ومن بين الرموز كذلك رمز النسر، الذي كان يُستخدم للدلالة على الإله أو المعبود، وهو من الرموز التي حملت معاني القوة والحماية والسمو.
واختتم د. مجدي شاكر حديثه مؤكدًا أن الرموز المختارة في هذا التصميم مستوحاة من مفردات الحضارة المصرية القديمة،
تحمل رسائل روحية ورمزية عميقة، حتى وإن لم تكن جملة لغوية متكاملة، فهي تعبّر عن هوية مصر الخالدة وروحها الممتدة عبر الزمن.
وبذلك، لم تكن إطلالة السيدة انتصار السيسي مجرّد اختيار للأناقة، بل رسالة بصرية عن عظمة التاريخ المصري،
قدّمتها مرمر حليم بأسلوب يجمع بين الفن والهوية.
