أجرت فصائل المقاومة وفي مقدمتها حركة “حماس” اتصالات كثيرة مع الوسطاء خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، تضمنت بحث مستقبل التهدئة في ظل الخروقات الإسرائيلية الكبيرة.

واشتملت الاتصالات على لغة تحذير من مآلات الأمور خلال الفترة القادمة إذا استمرت إسرائيل في نشر روايات حول خروق التهدئة التي تستغلها لبدء ضربات عنيفة لاغتيال قيادات من المقاومة.

وقد بدأ وفد قيادي من حركة “حماس” لقاءات في القاهرة مع المسؤولين المشرفين على ملف الوساطة، ضمن زيارة تتضمن عقد لقاءات مع فصائل فلسطينية أخرى.

رسائل المقاومة

وحسب مصدر في حركة “حماس” لـ”القدس العربي” فإن الوفد وصل القاهرة مساء السبت، وبدأ الأحد عقد لقاءات مع المسؤولين المصريين المشرفين على ملف الوساطة، لبحث عدة ملفات من أبرزها تثبيت التهدئة والخروقات الإسرائيلية، وكذلك بحث الانتقال إلى المرحلة الثانية.

ومن بين اللقاءات التي سيعقدها وفد الحركة القيادي ستكون هناك اجتماعات مع عدد من الفصائل الفلسطينية التي شاركت مؤخرا في الحوارات الخاصة بتهدئة غزة، لتباحث آخر التطورات والخروج بموقف موحد.

وقال مصدر فلسطيني مطلع لـ”القدس العربي” إن المقاومة الفلسطينية طلبت من الوسطاء التدخل الفوري والتحقيق الفوري، في ظل المزاعم الإسرائيلية حول وجود خروقات يبادر بها مقاتلو المقاومة، بعد أن قدمت جملة تفسيرات تنقض رواية الاحتلال بهذا الخصوص.

وقد تخلل الاتصالات التي أجريت تحذير الوسطاء من مغبة استمرار إسرائيل في هذه الخروقات التي تكررت مرتين في أقل من أسبوع وأسفرت عن سقوط عشرات الشهداء والجرحى، ومن بينهم مسؤولون ميدانيون في المقاومة إلى جانب عدد كبير من المدنيين وبينهم أطفال ونساء.

وكان من أبرز ما نُقل التأكيد أن هذه الغارات المتصاعدة ضد غزة، والخشية من تكرارها في أي وقت، تعيق جهود نشطاء المقاومة الذين يتولون مهمة انتشال جثامين القتلى الإسرائيليين المدفونة في قطاع غزة، حيث لا تزال هذه الفرق بالشراكة مع الدفاع المدني تبحث عن آخر ثلاثة جثامين من بين ثمانية وعشرين جثمانا كانت في القطاع.

وقال المصدر إن هناك صعوبة بالغة تواجه الطواقم العاملة في هذا الوقت لانتشال باقي الجثامين، في ظل عدم تحديد المكان الدقيق لدفنها، وذلك لعدة أسباب من أبرزها انقطاع الاتصال بالمجموعة الآسرة، حيث تؤكد المقاومة أن العديد من هذه المجموعات قضى أفرادها في هجمات إسرائيلية خلال الحرب، قبل أن يتركوا ما يدل على مكان الدفن الدقيق للجثث.

ومن المتوقع أن تستأنف أعمال البحث عن جثة أحد القتلى الإسرائيليين المدفونة جنوب شرق مدينة غزة بعد توقف دام عدة أيام، لعدم وصول الفريق الذي يقوم بعملية البحث من قبل الجناح العسكري لحركة حماس، بوجود اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إلى أي نتائج.

نشطاء “حماس” في رفح

واشتملت اتصالات المقاومة مع الوسطاء على الطلب بالعمل بشكل سريع على حل مشكلة نشطاء الجناح العسكري لحركة “حماس” الموجودين في أنفاق مدينة رفح.

وكانت تقارير عبرية ذكرت أن الجيش الإسرائيلي قتل واعتقل سبعة عشر عنصرا من حركة حماس بعد خروجهم من أنفاق مدينة رفح.

ولا يزال بعد إعلان جيش الاحتلال العشرات من مقاتلي حركة حماس موجودين في أنفاق المدينة، وكتب حازم قاسم الناطق باسم حركة حماس على صفحته في موقع “فيسبوك” مشيرا إلى أزمة النشطاء “أولئك المحتصنون في رفح، صبر عظيم وتجلد أسطوري وفدائية فريدة”، وأضاف “هم أيضا دليل عجز أمة ظلت تتفرج على شعبنا وهو يموت بالنار والجوع لأكثر من عامين”.

ولذلك طالبت حركة “حماس”، وفصائل المقاومة التي تواصلت مع الوسطاء، بأن يكون هناك تدخل عاجل وملزم لإسرائيل، وحذرت في الوقت ذاته من انهيار اتفاق التهدئة إذا أبقت إسرائيل على سياستها الحالية، رغم تأكيدها الالتزام حتى اللحظة ببنود الاتفاق.

وفي هذا السياق، طالب عزت الرشق عضو المكتب السياسي لحركة “حماس”، الوسطاء والإدارة الأمريكية بالضغط على إسرائيل لكشف هوية المسلح الذي تدعي أن حركة حماس قد أرسلته، وذلك ردا على مزاعم إسرائيل بأن غاراتها على غزة جاءت ردا على هجوم من المقاومة.

مصدر فلسطيني لـ”القدس العربي”: المقاومة الفلسطينية طلبت من الوسطاء التحقيق الفوري في المزاعم الإسرائيلية حول وجود خروقات

تقويض الاتفاق

وأكد الرشق أن إسرائيل تختلق الذرائع للتهرب من الاتفاق والعودة إلى حرب الإبادة، واتهمها بانتهاك الاتفاق يوميا وبشكل منهجي، وفي الوقت ذاته أكد أنه لا صحة لما نشرته المصادر الإسرائيلية حول إبلاغ حركة “حماس” للوسيط الأمريكي ستيف ويتكوف بأن الاتفاق قد انتهى، لكنه طالب الوسطاء والإدارة الأمريكية بضرورة التدخل وإلزام إسرائيل بتنفيذ الاتفاق.

وأكدت حركة “حماس” أيضا أن تصاعد خروقات الاحتلال في قطاع غزة يضع الوسطاء والإدارة الأمريكية أمام مسؤولية التصدي لمحاولاته الهادفة إلى تقويض وقف إطلاق النار في غزة، مؤكدة رفضها لكل محاولات حكومة نتنياهو لفرض أمر واقع يتعارض مع ما جرى الاتفاق عليه، وقالت إن الخروقات الممنهجة للاتفاق أسفرت عن ارتقاء مئات الشهداء جراء الغارات وعمليات القتل المتواصلة تحت ذرائع مختلقة، وأدت كذلك إلى تغييرات في خطوط انسحاب جيش الاحتلال بما يخالف الخرائط التي جرى التوافق عليها.

كما أكدت “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” أن استهداف الاحتلال بغارات واسعة لقطاع غزة يشكل خرقا خطيرا وجديدا لتفاهمات وقف إطلاق النار ويؤكد استمرار سياسة فرض الواقع بالقوة، مشيرة إلى أن تكرار استهداف المدنيين رغم سريان الهدنة يكشف أن الاحتلال يستخدم اتفاق وقف النار كغطاء لارتكاب جرائمه ويواصل خلق ذرائع مختلقة لتبرير اعتداءاته وفرض معادلات جديدة على الأرض، بما يبقي القطاع في دائرة التصعيد المستمر.

إسرائيل: عملية “لا مفر منها”

في المقابل، كشفت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية عن نقاشات ومشاورات بين وزراء المجلس الوزاري المصغر، مفادها أن القيام بعملية عسكرية جديدة في قطاع غزة قد يكون أمرا لا مفر منه.

ونقلت عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله “إسرائيل ستتحرك عسكريا في حال عدم نجاح الإدارة الأمريكية في إيجاد آلية تضمن نزع سلاح حركة حماس”.

تجدر الإشارة إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ يوم العاشر من تشرين الأول م أكتوبر الماضي، والذي جرى التوصل إليه بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل وفقا للخطة الأمريكية وبرعاية كل من الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا، ينص على وقف الهجمات من أجل وقف حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني منذ السابع من تشرين الأول / أكتوبر 2023، والتي خلفت نحو سبعين ألف شهيد وأكثر من مئة وسبعين ألف مصاب.

شاركها.