أظهرت أحدث بيانات وزارة الداخلية الإسبانية واقعًا صادمًا للعنف الجنسي في البلاد، حيث يتعرض ست فتيات دون سن 13 عامًا للاعتداء الجنسي يوميًا، بينما يتم توقيف تسعة رجال كل 24 ساعة بتهم تتعلق بالاغتصاب.
وتشير الإحصاءات إلى فجوة كبيرة بين حجم الجرائم المعلن عنها والحقيقة الكامنة وراء الأرقام، ما يعكس تحديًا مستمرًا أمام جهود حماية الأطفال والنساء في إسبانيا.
تصاعد الجرائم الجنسية بين الأطفال والنساء
تكشف البيانات الرسمية لعام 2024 عن تسجيل 22,846 جريمة جنسية خلال العام، بزيادة تصل إلى 66% مقارنة بعام 2018، وهو العام الذي بدأ فيه نشر التقرير السنوي للوزارة.
ويظهر التقرير أن الاعتداءات الجنسية تمثل النسبة الأكبر من الجرائم، بعدد 13,674 حالة (حوالي 60% من الإجمالي)، تليها الاعتداءات الجنسية المصحوبة بالإيلاج بعدد 5,222 حالة (23%). كما سجلت جرائم استغلال الأطفال جنسيًا 913 حالة، بينما تمثل باقي الجرائم أقل من 5% من الإجمالي.
وتشير الأرقام إلى أن المراهقين بين 14 و17 عامًا يرتكبون جريمة واحدة من كل عشر جرائم اعتداء جنسي مصحوبة بالإيلاج، وأن أربعًا من كل عشر ضحايا تقل أعمارهن عن 18 عامًا. ويؤكد التقرير أن 12 امرأة من مختلف الأعمار يتعرضن للاغتصاب يوميًا، وهو رقم يسلط الضوء على استمرار العنف الجنسي ضد النساء بجميع الفئات العمرية.
فجوة هائلة بين الواقع والبلاغات
تشير وزارة الداخلية إلى أن الإحصاءات الرسمية لا تعكس الحجم الحقيقي للجرائم، بسبب ما يُعرف بـ«الرقم المظلم للجريمة»، أي الحالات التي لا يتم الإبلاغ عنها.
كما أن بعض الضحايا قد لا تدرك أن ما تعرضن له يعد جريمة يعاقب عليها القانون.
ويتماشى هذا مع نتائج المسح الأوروبي للعنف القائم على النوع الاجتماعي لعام 2024، الصادر عن وكالة الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي، والذي كشف أن 13.9% فقط من ضحايا العنف الجسدي أو الجنسي يتقدمن ببلاغات للشرطة.
تناقض بين التقدم القانوني واستمرار العنف
رغم تصنيف إسبانيا من قبل المعهد الأوروبي للمساواة بين الجنسين كثالث أو رابع أكثر دولة مساواة في الاتحاد الأوروبي، فإن استمرار هذه الأرقام الصادمة يشير إلى وجود فجوة حقيقية بين التشريعات والمؤسسات من جهة، وواقع العنف الجنسي على الأرض من جهة أخرى. ويطرح التقرير تساؤلات حول فاعلية الآليات الحالية لحماية الأطفال والنساء، وضرورة تكثيف جهود التوعية وتطوير برامج الوقاية والرصد للحد من هذه الظاهرة المتفشية.
هذه البيانات تؤكد أن التحدي الأكبر أمام إسبانيا ليس مجرد إصدار القوانين، بل ضمان تطبيقها بشكل فعال وحماية الضحايا من استمرار الاعتداءات، مع معالجة أسباب التستر الاجتماعي والخوف من الإبلاغ عن الجرائم.
