يُعقد في العاصمة القطرية الدوحة، الثلاثاء السادس عشر من ديسمبر/كانون الأول، اجتماعا يضم ممثلين عن أكثر من 25 دولة، في محاولة لرسم معالم “قوة الاستقرار الدولية”، بدعوة من “القيادة المركزية الأميركية” (سنتكوم) لتحديد مصير “المرحلة الثانية” من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء الصراع في غزة، وهي الخطة التي تهدف إلى تحويل وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في أكتوبر/تشرين الأول 2025 إلى ترتيبات أمنية وسياسية مستدامة.
يأتي الاجتماع في ظل مشهد ميداني وسياسي معقد، فبينما نجحت المرحلة الأولى في وقف الأعمال العدائية الكبرى وتبادل الرهائن والمعتقلين، لا تزال غزة مقسمة فعليا بواسطة “الخط الأصفر” الإسرائيلي الذي يعزل شمال القطاع وشرقه وجنوبه عن غربه. وتضغط واشنطن لنشر قوة دولية تتولى ملء الفراغ الأمني، وسط جدل حول نزع سلاح “حماس”، والدور التركي، وهيكلية “مجلس السلام” الذي سيرأسه ترمب شخصيا.
يمثل اجتماع الدوحة نقطة التحول من “الدبلوماسية النظرية” إلى “التخطيط العملياتي”، فبعد اعتماد مجلس الأمن الدولي للقرار رقم 2803 في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، الذي أضفى الشرعية الدولية على “خطة ترمب”، باتت الولايات المتحدة ملزمة بتقديم آلية تنفيذية ملموسة. الاجتماع الذي يتحول إلى غرفة عمليات، يعكس الطبيعة العسكرية والأمنية للمرحلة المقبلة، حيث ينتقل الملف من أروقة وزارات الخارجية إلى خرائط الجنرالات.
غرفة العمليات
الاجتماع يركز على مفهوم العمليات لقوة الاستقرار الدولية، بينما تسعى الولايات المتحدة للحصول على التزامات محددة من الدول المشاركة فيما يتعلق بحجم القوات، ونوعية التسليح، وقواعد الاشتباك، والتمويل. ويأتي اختيار الدوحة مكانا للاجتماع ليحمل دلالات مختلفة أهمها أن قطر، التي لعبت دور الوسيط الرئيس مع “حماس”، تستضيف الآن التخطيط العسكري للقوة التي يفترض أن تحل محل “الحركة” في حكم غزة، مما يعكس توازنا بين نفوذ الدوحة السياسي وعلاقتها الاستراتيجية بواشنطن.
ويشارك في الاجتماع أكثر من 25 دولة، في قائمة توصف بغير المتجانسة، وتمثل حتى فسيفساء من المصالح المتضاربة، أبرز الحاضرين هي الولايات المتحدة التي تقود الاجتماع عبر جنرالات القيادة المركزية ومبعوثين من البيت الأبيض. أما عربيا، فتشارك قطر ومصر والأردن والسعودية والإمارات، لكن بملفات مختلفة.
وتشارك تركيا التي تريد أن تكون ضامنا رئيسا على الأرض، وسط معارضة إسرائيلية عالية. كذلك إندونيسيا التي توصف بأنها الحاضر الأبرز، بعرضها لنشر 20 ألف جندي في قوة حفظ سلام، كما يشارك الاتحاد الأوروبي بصفته “ممولا ومراقبا”، لضمان أن التمويل الأوروبي لإعادة الإعمار لن يذهب في جولة قتال جديدة.
المعضلات الأربع
وأبرز ما ستناقشه طاولة الاجتماع في الدوحة أربع معضلات رئيسة لا يمكن تأجيلها. أولا: هيكلية القيادة والسيطرة لبحث كيفية دمج قوات من دول إسلامية (مثل إندونيسيا وباكستان) لا تعترف بإسرائيل، مع متطلبات التنسيق الأمني الدقيق مع الجيش الإسرائيلي؟ رغم أن الحل المقترح أميركياً هو تعيين جنرال أميركي لقيادة القوة، ليكون “صمام الأمان” والواجهة المقبولة لجميع الأطراف.
ثانيا: قواعد الاشتباك، وهي النقطة الأكثر سخونة بالنسبة لإسرائيل، حيث صرح المسؤولون الأميركيون لـ”رويترز” بأن قوة الاستقرار لن تقاتل “حماس”، وهو ما يشبه الدور الذي تقوم به قوة السلام الأممية (اليونيفيل) في جنوب لبنان.
ثالثا: مسألة الانتشار الجغرافي وهي تحديد المناطق التي ستتسلمها القوة الدولية أولا، وتتحدث المعطيات عن البدء بالمناطق التي ينسحب منها الجيش الإسرائيلي شرق “الخط الأصفر”، لتكون منطقة عازلة وتجريبية.
رابعا: التمويل اللوجستي، حيث يبحث المجتمعون الدول التي ستدفع تكاليف بناء القواعد العسكرية للقوة الدولية في منطقة مدمرة بنسبة 83 في المئة، وتكاليف الأعمال الميدانية العسكرية.
