كشفت دراسات فلكية أن التشابه اللافت في شكل الكواكب، رغم اختلاف أحجامها وكتلها وتركيبها الكيميائي، ليس مصادفة كونية، بل نتيجة مباشرة لقوة واحدة تتحكم في بنية الكون منذ نشأته الأولى، وهي الجاذبية.

الجاذبية سر الشكل الكروي

وبحسب تقرير ” technology” عندما تتكون الكواكب، تبدأ العملية بتجمع كتل هائلة من الغاز والغبار تحت تأثير الجاذبية، ومع ازدياد الكتلة، تزداد قوة الجذب، فتسحب المادة من جميع الاتجاهات نحو مركز الكوكب.

بحسب التقرير، هذا السحب المتساوي لا يسمح بتشكل زوايا أو حواف، ويدفع الجسم تدريجيا إلى أقرب شكل متوازن ممكن، وهو الشكل الكروي.

لماذا لا تبدو الأجرام الصغيرة كروية؟

الأجرام السماوية الأصغر حجما، مثل الكويكبات وبعض الأقمار، تفتقر إلى كتلة كافية تولد جاذبية قوية قادرة على إعادة تشكيلها، إذ نتيجة لذلك، تحتفظ هذه الأجسام بأشكال غير منتظمة، لأن قوى الجذب فيها لا تكفي لتنعيم السطح أو سحب المادة نحو مركز واحد.

هل الكواكب كروية بالكامل؟

رغم أن الكواكب تبدو كروية للعين، فإنها في الواقع ليست مثالية الشكل، فالكواكب الغازية العملاقة مثل المشتري وزحل تعاني من انتفاخ واضح عند خط الاستواء، نتيجة دورانها السريع حول نفسها، ما يؤدي إلى انحرافها قليلا عن الشكل الكروي المثالي.

الدوران وانتفاخ خط الاستواء

من منظور فيزيائي، الأجزاء الواقعة عند خط الاستواء تتحرك بسرعة أكبر من تلك القريبة من القطبين. هذه السرعة تولد قوة طرد مركزي تدفع الكتلة إلى الخارج، مكونة انتفاخا استوائيا.

وتختلف شدة هذا الانتفاخ من كوكب إلى آخر حسب سرعة الدوران والتركيب الداخلي، إذ يبلغ انتفاخ زحل نحو 10.7%، بينما لا يتجاوز في الأرض 0.3%، في حين تبدو الزهرة شبه كروية بسبب بطء دورانها.

الضغط الداخلي يعيد تشكيل الكوكب

الضغط الهائل الناتج عن كتلة الكوكب يسهم في إعادة توزيع المادة داخله، دافعا إياها نحو المركز، إذ هذا التدرج في الضغط يساعد على الحفاظ على التوازن العام للشكل الكروي، حتى مع وجود اختلافات في الكثافة والتركيب.

التصادمات وبناء الكواكب

خلال مراحل التكوين الأولى، تتعرض الكواكب الناشئة لسلسلة من التصادمات وعمليات التراكم، إذ على الرغم من أن هذه الأحداث قد تشوّه الشكل مؤقتا، فإن الجاذبية تعمل مع مرور الوقت على إعادة الكوكب إلى هيئته الكروية المستقرة.

تمايز الكواكب وتأثيره على الشكل

مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب، تهبط المواد الأثقل نحو النواة بينما تصعد الأخف إلى السطح، وهي عملية تعرف بتميز الكواكب، هذه الحركة الداخلية تسهم بدورها في تعزيز التوازن البنيوي والشكل الكروي.

المد والجزر والتشوهات المؤقتة

قد تتسبب قوى المد والجزر الناتجة عن نجم الكوكب أو أقماره في تشوهات وانتفاخات مؤقتة، إلا أن هذه التأثيرات تظل محدودة، ولا تغير من الشكل الكروي العام الذي تفرضه الجاذبية.

الشكل الكروي صامد عبر الزمن

على مدى مليارات السنين، تخضع الكواكب لعمليات جيولوجية معقدة مثل النشاط البركاني والتعرية والحركات التكتونية، ورغم ذلك يظل الشكل الكروي ثابتا، مؤكدا أن الجاذبية تظل العامل الحاسم في رسم ملامح الكواكب.

شاركها.