كتب : منى الموجي
10:22 م
25122025
حوار- منى الموجي:
تجمعه بشخصية منير بطل “يونان” الكثير من الصفات، بينها أنه يميل للعزلة، ويرى أن الفيلم كان مركزا وفلسفيا، وهو ما أثر فيه وعلمه الكثير، معبرًا عن سعادته بالتعاون مع المخرج أمير فخر الدين، هو النجم اللبناني جورج خباز، الذي كان لـ”مصراوي” الحوار التالي معه..
يشير إلى أن اختيار المخرج أمير فخر الدين له للقيام ببطولة فيلم “يونان” جاء بعد مشاهدته في فيلم أصحاب ولا أعز، موضحا “كانت شخصيتي بالفيلم رد فعل اكتر منها فعل، تتحدث من خلال لغة العيون معظم الوقت، وأمير رأى أنها عيون منير، وشاهدت أعماله الرائعة وتحمست للمشاركة في يونان وقررت أقوم بهذه التجربة”، يضيف “الفيلم يحكي عن الحوار الصامت والصراعات الداخلية التي ليس لها أجوبة ولكن لزاما علينا طرحها”.
اللغة الألمانية
احتاج الفيلم من جورج أن يجيد اللغة الألمانية بالدرجة التي تناسب سمات الشخصية فهو كاتب عربي مغترب، وعن التجربة يقول “لم تكن لدي معرفة سابقة باللغة الألمانية، لكن المخرج ساعدني كثيرا وقال لي (ما تعطل هم)، وتطلب مني الأمر جهدا كبيرا إذ درست اللغة لثلاثة أشهر بشكل عام، وكذلك الجمل الموجودة بحوار الفيلم بشكل خاص، وأوجه التحية لمعلمتي في لبنان ساعدتني حتى أقول الكلام بانسيابية ولا أفكر وأنا أتحدث حتى لا يتأثر الصدق والمشاعر أثناء التمثيل”.
وأضاف “وكان معنا مدرب وقت التصوير، وطبعا النجمة الرائعة هانا شيجولا أيقونة السينما الأوروبية ساعدتني في ضبط بعض الألفاظ التي تعطي مصداقية أكثر لشخص شرق أوسطي يعيش في هامبورج وقام ألمان آخرون بمساعدتي والمخرج مقيم في ألمانيا أيضا”، ويصف جورج تجربته مع تعلم اللغة الألمانية بأنها كانت صعبة وحلوة وعرفته على لغة جديدة وحضارة وبيئة جديدة.
لحظات الصمت
يعلق جورج على لحظات الصمت التي تسود الفيلم، وتسيطر على بطل العمل: “بالنسبة للصمت، السينما لغة صورة وعندما تعجز الصورة عن التعبير يبدأ الكلام، هكذا بدأت السينما وخاصة هذا النوع من الأفلام، لغة المبدع واللغة الشاعرية والفلسفية تعكس الصراعات والهواجس بطريقة رائعة وتترك الخيار للمشاهد للتحليل وأن يقول النص والكلمة بالاحساس الذي يريده ويشعر به، كمتلقي تعطيه حرية واحترام وفضاء واسع للتلقي والتحليل، ويقوم بعمل إسقاط بشكل أو بآخر”.
العزلة
قدم جورج واحدة من أصعب الشخصيات فـ منير الذي يعاني من الإحباط ويسود الصمت حياته، ويميل للعزلة ويعاني من ضيق تنفس كلها أمور ثقيلة على أي ممثل، فهل نجح في التخلص من سيطرة هذه الشخصية عليه بسهولة؟، يكشف في إجابته أنه أيضا يميل إلى العزلة، وشخصية منير تشبهه في الكثير من الصفات، موضحا “هناك تقاطعات كثيرة بيني وبين الشخصية لكن هو عزلته أعمق وأكبر وحالته وما وصل له من إحباط جعله يفكر في الانتحار، عالم منير قاسي وصعب، واستفدت كثيرا من تصويرنا للعمل بشكل متسلسل، الشخصية تتغير في الفيلم، ويستعيد حياته ويلمس الأرض ويتماهى مع الطبيعة ويبتسم، ويشعر أنه محبوب وهذا ما ساعدني كـ جورج أبعد عني منير وأخرج من الشخصية مرتاحا إلى حد ما، وأشعر باطمئنان على منير”.
يتابع جورج “منير ظل معي وقتا كبيرا لأن بيننا أوجه شبه كما قلت، وكلما شاهدت الفيلم أرى المراحل التى مر بها قسوتها وحلاوتها، خاصة مشاهد الجزيرة وهي مكان مميز جدا تغمرها المياه كل فترة ثم تعود لمستواها الطبيعي، رمزية تعبر عن الموت والولادة الجديدة التي تأتي بعد الموت، وهو ما عاشه منير بشكل أو بآخر، ورمزية الحوت تيمنا بالنبي يونان (سيدنا يونس) الذي ظل في بطن الحوت قبل أن يلفظه على الحياة بمنظور جديد. الفيلم مركز وفلسفي وهذا شيء أثر فيّ كثيرا وعلمني”.
المشهد الجريء
يرى أن المشهد الجريء الذي تضمنه فيلم “يونان”، يعبر عن جزء لا يتجزأ من حياتنا، وتم تقديمه بشكل راق غير رخيص “لو بيتم تقديمه عشان التريند أو بصورة رخيصة أكيد هرفضه وأتصور أن المشهد تم تقديمه بطريقة شاعرية، بشكل بعيد عن العين، لكن يشعر به الجمهور بطريقة ذكية ومن حق كل إنسان أن يتلقى هذا الموضوع كيفما شاء، فهناك هامش حرية لكل الناس ليروا الأمر كما يحبون”.
أمير فخر الدين
وعن تعامل المخرج أمير فخر الدين معه واهتمامه بالممثل، خاصة وأن له عالمه الخاص والمختلف في أفلامه، فهل شعر بالخوف من هذا التعامل في البداية؟، يقول جورج “هناك تماهي بين طبيعة الممثل وطبيعة ما يحيط به وأمير يعرف يمزج بين الاثنين بشكل صحيح، وهذا شيء يجعلني أشعر بالخوف، بالعكس جعلني أتحمس أن أعود لشفافيتي وطبيعتي التي تشبه حقيقة ما يدور حولي، وحمسني للغوص في عالم أمير فخر الدين والشخصية، وأجد أنه من الضروري وجود توازن بين ماذا يريد أن يقول الفيلم، وبين ماذا يريد أن يقول الممثل، عضلات الممثل لا يجب أن تطغى على رؤية الفيلم العامة، ورؤية العمل لا يجب أن تأكل حق الممثل في التعبير، هذا التوازن موجود بقوة عند أمير وهو أيضا مونتير العمل لذلك يقوم برسم وتقديم الموضوع بطريقة رائعة، كان عندي رغبة وشغف أكون في هذه الحالة الشاعرية”.
علي سليمان
وعن لقائه الأول بالفنان علي سليمان “فيلم يونان جمعنا للمرة الأولى، هو فنان رائع بكل ما تحمل الكلمة من معنى على المستوى الإنساني والفني، ولي الشرف إني مثلت معه، ولم يكن بيننا تنافس، عند الممثلين الحقيقيين ليس هناك تنافسا، وكل منا يمنح الآخر، نأخذ من بعضنا البعض ليبقى الإيقاع موجودا”.
حرية في الإبداع
تحدث أيضا جورج عن تفضيله أن يكون هناك حرية في الإبداع ولا تمس في نفس الوقت حرية الآخرين، وأكد أن الانتقاء واحترام عقل المشاهد وعدم الاستخفاف به، أمور يهتم بها، وقد يكون هذا ما يميزه “بحب اختار العمل اللي هشارك فيه، أنا قايل لأ في حياتي اكتر ما قلت أيوة، لإني بحترم عقل المشاهد، وبختار عمل ما بيستخف بعقله، ودي شغلة كتير مهمة، وأفضل الرقابة الذاتية عند الفنان والمتلقي”.
وشدد على حبه التركيز على القواسم الإنسانية المشتركة العابرة للقارات والحدود والبلدان والمعتقدات والبيئات “أفتش عن القلق ذاته والهم ذاته والطموحات ذاتها، وأطرح هذه المواضيع حتى نقدر سوا كأشخاص نتحد على هذا الهم”.
الفن المصري
يختتم جورج حواره مع “مصراوي” بالحديث عن الفن المصري ونجومه، مشيرا إلى أنه إذا سُئل عن اختيار 10 ممثلين عالميين بالتأكيد سيذكر من بينهم محمود المليجي وأحمد زكي، وفي الكوميديا فؤاد المهندس وعادل إمام “ممثلين علمونا كتير”، مشددا على أنه ينتظر العمل الذي يليق به ويليق بالجمهور المصري ليكون بداية انطلاقه في مصر.
“يونان” إخراج أمير فخر الدين، بطولة جورج خباز، هانا شيجولا، علي سليمان، وفاز الفيلم بجائزة أفضل إخراج كما حصل جورج على جائزة أفضل ممثل عن دوره في الفيلم بالدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي.
