06:01 م
الخميس 24 يوليه 2025
كتبت- أميرة حلمي:
في صورة تختزل المعاناة والإصرار، انتشرت على السوشيال ميديا صور وفيديوهات لزجاجات بلاستيكية محكمة الإغلاق، بداخلها كميات بسيطة من الأرز والحبوب، تطفو على سطح البحر باتجاه شواطئ غزة.
ظاهرة غريبة، لكنها محمّلة بالمعاني..
في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث، يشهد قطاع غزة حصارًا خانقًا منذ شهور طويلة، تفاقمت خلاله الأوضاع المعيشية إلى درجة غير مسبوقة، وبدأت المجاعة تحصد أرواح المدنيين، خاصة الأطفال.
وفي ظل الانقطاع شبه التام للإمدادات الغذائية والدوائية، وتحكم مشدد على دخول المساعدات الإنسانية، حذّرت أكثر من 100 منظمة حقوقية وطبية من أن سكان غزة “يموتون من الجوع”، وأن الوضع يوشك أن يتحوّل إلى إبادة جماعية صامتة.
ومع اشتداد الحصار، بدأ بعض الناشطين في إرسال زجاجات بلاستيكية تحتوي على طعام، مثل الأرز أو العدس، في اتجاه بحر غزة.
الزجاجات تغلق بإحكام لتمنع تسرب الماء، وتُلقى في البحر من شواطئ قريبة – مثل شمال سيناء أو لبنان أو حتى من الداخل الفلسطيني – على أمل أن تصل للناس المحتاجين.
وصول الزجاجات إلى شواطئ غزة يواجه تحديات كبيرة، أبرزها التيارات البحرية القوية، واتجاه الرياح، وملوحة المياه التي قد تؤدي إلى تحلل بعض المواد داخل الزجاجات قبل وصولها. كما أن تكدس الزجاجات أو انجرافها بعيدًا بفعل الأمواج قد يمنعها من بلوغ هدفها، مما يحدّ من فاعلية المبادرة على أرض الواقع.
رغم النوايا الطيبة للمبادرة، إلا أن الخطوة قد تخلّف آثارًا بيئية خطيرة على المدى الطويل. فبحسب موقع ShunWaste، فإن الزجاجات البلاستيكية تحتاج إلى ما يقارب 450 سنة للتحلل، وأثناء هذه العملية تتحول إلى جزيئات دقيقة تُعرف بالميكروبلاستيك، وهي جزيئات صغيرة جدًا تدخل في السلسلة الغذائية للكائنات البحرية.
هذه الجزيئات لا تُرى بالعين المجردة، لكنها تُبتلع من قِبل الأسماك والكائنات الصغيرة، ما يؤدي إلى تراكمها في أجسام الكائنات البحرية، ومن ثم انتقالها إلى الإنسان عبر الغذاء.
وتحذر التقارير البيئية من أن مثل هذه الممارسات، حتى وإن كانت إنسانية في ظاهرها، قد تسهم في تدمير النظم البيئية البحرية وتُحدث ضررًا لا يُمكن إصلاحه بسهولة، خاصة في مناطق مثل البحر الأبيض المتوسط، حيث تقل قدرة التيارات على تشتيت هذه الملوثات.