08:00 م


السبت 06 سبتمبر 2025

كتب – سيد متولي

ظاهرة بادر-ماينهوف، المعروفة أيضًا باسم وهم التردد، هي انحياز إدراكي حيث يبدو شيء ما فجأةً في كل مكان بعد ملاحظته لأول مرة، ينبع هذا التأثير من الانتباه الانتقائي والانحياز التأكيدي، اللذين يدفعان دماغك إلى التركيز على المعلومات الجديدة وتعزيزها.

ظاهرة بادر ماينهوف

هل سمعتَ أغنية جديدة أو تعلمتَ كلمة جديدة، وفجأة شعرتَ وكأنك تسمعها أو تراها في كل مكان؟ قد تظن أنها مصادفة، لكن في الواقع، هناك مصطلح لهذه الظاهرة الشائعة: ظاهرة بادر ماينهوف.

بحسب موقع verywellmind، فإن ظاهرة بادر-ماينهوف هي فكرة أنك ترى شيئًا ما عدة مرات، ثم تبدأ بملاحظة ذلك أكثر، ثم تبدأ بإيجاد طرق للتأكد من أنه الحقيقة الوحيدة، قد تشعر وكأن شيئًا ما يحدث بشكل متكرر، بينما في الواقع، أنت ببساطة أكثر وعيًا به، لأنه بمجرد أن يلفت انتباهنا شيء ما، تبدأ أدمغتنا بملاحظة ذلك بشكل أكثر تكرارًا، في كثير من الحالات، لا يعني هذا أن المحفز أكثر شيوعًا؛ بل يعني فقط أنك أكثر انسجامًا معه، فيبدو أنه أكثر شيوعًا مما هو عليه في الواقع.

كيف تحدث ظاهرة بادر-ماينهوف؟.. علم النفس وراء التأثير

قد تبدو رؤية الشيء نفسه في كل مكان علامة شخصية عميقة، لكنها في الواقع نتيجة لكيفية تصفية دماغك للمعلومات المتعلقة بالعالم، وتحديدًا، هناك عمليتان عقليتان مهمتان تعملان: الانتباه الانتقائي والانحياز التأكيدي .

“الانتباه الانتقائي هو القدرة على ملاحظة بعض الأشياء وعدم ملاحظة أشياء أخرى”، كما يوضح أليكس ديميتريو، حاصل على شهادتين في الطب النفسي وطب النوم ومؤسس مركز مينلو بارك للطب النفسي وطب النوم.

نحن محاطون بكمية هائلة من المعلومات، لدرجة أن الدماغ لا يستطيع معالجتها وتصنيفها وتذكرها كلها، وللاستفادة القصوى من موارده المحدودة، يتعين على الدماغ تصفية هذا الكم الهائل من المعلومات، وفرز ما هو غير مهم، والتركيز على التفاصيل المهمة، فالانتباه الانتقائي أشبه بكشاف ضوئي، يجذب تركيز دماغك إلى الحدث الرئيسي.

يتضمن الانحياز التأكيدي ميلنا للبحث عن معلومات تدعم معتقداتنا الحالية وتصديقها، بمجرد أن نبدأ بملاحظة شيء ما (ثم نلاحظه مرارًا وتكرارًا)، فإنه يؤكد فكرة ظهوره بشكل متكرر، حتى لو لم تكن مدركًا لذلك، فقد تبدأ في الاحتفاظ بسجل ذهني يجعل النمط يبدو حقيقيًا.

يوضح الدكتور ديميتريو أن الظاهرة تعمل على النحو التالي:

التحيز الترددي: تتعلم شيئًا جديدًا، وتلاحظه في كل مكان.

التحيز في الاختيار: التركيز بشكل أكبر على الشيء الجديد الذي تعلمته، وتجاهل الحالات التي لا تراه فيها.

التحيز التأكيدي: تتوقع أن ترى الشيء الجديد أكثر، وعندما تفعل ذلك، فإنه يؤكد اعتقادك بأنه أكثر شيوعًا وأهمية.

نتيجة هذه العمليات هي تكوين وهم: الشيء الذي لاحظته يبدو في كل مكان، ولأنه يبدو في كل مكان، فقد تعتقد خطأً أنه أكثر شيوعًا مما هو عليه في الواقع، هذا يمكن أن يؤثر على نظرتك للعالم، وكذلك على قراراتك.

لماذا هذه الظاهرة مهمة؟

قد تبدو نظرية بادر ماينهوف شذوذًا معرفيًا مثيرًا للاهتمام، لكن إدراك آلية عملها يكشف عن طرق مهمة في عمل العقل، كما أنها تساعدنا على إدراك أن إدراكنا للعالم ليس موضوعيًا تمامًا.

يضطر الدماغ إلى تصفية المعلومات باستمرار ليتمكن من استخدام موارده لتحديد أولويات ما هو مهم، تساعد عمليات التصفية هذه على تسهيل فهم الأمور وتقليل إرهاقها، ولكنها قد تدفعنا أيضًا إلى تجاهل بعض المعلومات أو تحريف تفسيراتنا.

يؤثر هذا على كل شيء، بدءًا من كيفية تكوين آرائنا ووصولًا إلى كيفية اتخاذنا للقرارات، على سبيل المثال، عندما تبحث في موضوع ما، قد تبدأ بملاحظة هذا الموضوع في كل مكان، ولأن عقلك قد تعلق به، فإنه يبدو أكثر شيوعًا، ما قد يؤثر بدوره على آرائك وخياراتك وإدراكك لما هو “طبيعي”.

فكّر في كيفية تأثير ذلك على مواضيع أكثر جدية، مثل كيفية تفاعل الناس مع الأخبار أو تكوينهم صورًا نمطية عن الآخرين، بمجرد أن يلفت انتباهك سرد معين، ستبدأ برصد المزيد من الأمثلة عليه، قد يعزز ذلك افتراضاتك ومخاوفك، ما يسهل عليك الوقوع في نمط تفكير معين دون مراعاة وجهات نظر بديلة.

هل يمكنك السيطرة على هذه الظاهرة؟

إدراك ظاهرة بادر-ماينهوف قد يساعدك على اتخاذ خطوات للحد من هذا التحيز، ولكن لا توجد طريقة لإيقافه ببساطة، إنه جزء من آلية عمل دماغك، في بعض الحالات، قد يكون مفيدًا بالفعل، إذ يسمح لك بتركيز انتباهك، وملاحظة الأنماط، وتعلم أشياء جديدة.

على سبيل المثال، يقترح الباحثون أنها قد تشكل أداة تعلم مهمة في السياقات الطبية، فبمجرد أن يصبح الأطباء أكثر وعيًا بأعراض حالة نادرة، قد تساعدهم ظاهرة بادر-ماينهوف على إدراكها بشكل أفضل عند مواجهتها.

أفضل الأشياء التي يمكنك القيام بها لمنع وهم التردد من التأثير على تفكيرك هي:

انتبه لوقت حدوثه: إذا بدا لك أمر ما وكأنه في كل مكان، فحاول أن تتراجع قليلًا وتسأل نفسك: لماذا؟ هل هو أمر تعلمته للتو؟ هل فكرت فيه أكثر؟ هل هو أكثر شيوعًا بالفعل، أم أنك تلاحظه أكثر؟ التفكير فيه قد يُضفي بعض الوضوح.

حافظ على انفتاح ذهنك: بينما يميل الناس إلى أن يكونوا أكثر انفتاحًا عند تعلّمهم لموضوع ما لأول مرة، فإنهم غالبًا ما يبدأون بالتركيز على فكرة واحدة يعتقدون أنها صحيحة (حتى لو لم تكن كذلك)، من المهم دائمًا أن نحافظ على انفتاح ذهننا وأن نكون منفتحين على الآراء والبيانات الأخرى لنُثبت صحة أي فكرة.

تحقق من مصادرك: إذا كنت تحصل على معلوماتك من مصدر واحد فقط، ففكر في توسيع نطاق بحثك والبحث عن مصادر أخرى، قد تلعب وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا دورًا في وهم التردد، بمجرد أن تبدي اهتمامًا بموضوع ما، ستبدأ خوارزميتك تلقائيًا بتقديم المزيد من المحتوى نفسه، ما قد يشوه تصوراتك لما هو شائع وذي صلة.

التحقق من صحة المعلومات: ابحث، قدر الإمكان، عن بيانات موضوعية تساعد في تأكيد أو دحض ما إذا كان موضوع ما أكثر شيوعًا، شجع نفسك والآخرين على البحث في الموضوع من مواقع موثوقة، واستمر في طرح الأسئلة، وكن فضوليًا، وتعلم من أشخاص مختلفين عنك.

اقرا ايضا:

لماذا يُعد البصل غذاءً خارقًا لجسمك؟

احرص عليها.. نوع فاكهة صديق للقلب من الدرجة الأولى

صديق العين.. لن تتخيل فوائد هذا الخضار على صحة الجسم

لن تصدق.. 5 أطعمة ترفع هرمون السعادة في جسدك

شاركها.