كتب – محمود عبده:
01:30 م
08/11/2025
منذ قرون طويلة، ظل مشهد الأنوف المكسورة في التماثيل الفرعونية لغزا يثير فضول العلماء والمهتمين بتاريخ الحضارة المصرية القديمة.
وبينما يظن البعض أن الأمر مجرد تأثير لعوامل الزمن أو التآكل الطبيعي، فإن الحقيقة، بحسب خبراء الآثار أعمق بكثير، وترتبط بعقائد المصري القديم ومعتقداته في الحياة بعد الموت.
قال الدكتور مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، إن هناك أكثر من نظرية تناولت سبب كسر الأنوف في التماثيل المصرية القديمة، مشيرا إلى أن أشهرها تتعلق بعقيدة البعث والخلود التي كانت راسخة في فكر المصري القديم.
وأضاف شاكر، في تصريحاته لـ”مصراوي”، أن المصريين القدماء كانوا يؤمنون بأن الإنسان سيعود للحياة بعد الموت، لذا كانوا يجهزون مقابرهم بعناية فائقة، ويضعون فيها كل ما يلزم المتوفى في رحلته إلى العالم الآخر.
ومع مرور الوقت، ظهرت فئة لصوص المقابر الذين سعوا إلى سرقة محتويات المقابر من الذهب والمقتنيات الثمينة، فكانوا – بحسب المعتقدات السائدة حينها – يكسرون أنف التمثال لاعتقادهم أن ذلك يمنع عودة الروح للجسد، لأن الأنف رمز التنفس والحياة.
وأشار كبير الأثريين إلى أن هؤلاء اللصوص كانوا يظنون أنهم بهذه الطريقة يتفادون لعنة الفراعنة أو انتقام المتوفى منهم بعد البعث.
وتابع شاكر أن هناك نظرية أخرى، وإن كانت أضعف، تفترض أن أعداء الملوك المتوفين هم من عمدوا إلى كسر الأنوف تشويها لملامح التماثيل ومحوا لرمز قوتهم وهيبتهم.
وأوضح أن بعض الباحثين يرجحون أيضا أن الأنف يعد من أضعف أجزاء التمثال، ما يجعلها أكثر عرضة للكسر أثناء الحفر أو النقل أو بفعل العوامل الزمنية.
كما قال شاكر، هناك علماء عارضوا هذا الرأي، مؤكدين أن أجزاء أخرى أكثر هشاشة – مثل التيجان والأذنين – بقيت سليمة رغم مرور آلاف السنين، فضلا عن وجود تماثيل مصنوعة من أقسى أنواع الأحجار كالديوريت الأخضر تعرضت للكسر في منطقة الأنف فقط، وهو ما يضعف فرضية التآكل الطبيعي.
وفيما يخص تمثال أبو الهول، أوضح شاكر أنه حظي بنصيب الأسد من الجدل، نظرا لأهميته ومكانته التاريخية.
وأشار إلى أن هناك روايات عديدة حاولت تفسير سبب فقدان أنفه، من بينها ما تردد عن أن مدافع نابليون بونابرت أثناء وجوده في مصر عام 1798 هي من تسببت في تدميره، إلا أن هذا الادعاء – على حد قوله – تم نفيه علميا وتاريخيا.
وأوضح أن مستشرقا دنماركيا يدعى فريدريك نوردن كان قد زار مصر عام 1737، أي قبل وصول نابليون بأكثر من ستة عقود، ورسم لوحة لأبو الهول تظهره بالفعل بلا أنف، ما يؤكد أن الكسر كان سابقا للحملة الفرنسية بسنوات طويلة.
كما أشار شاكر إلى رواية أخرى نقلها المؤرخ المقريزي، تفيد بأن شخصا متصوفا يدعى صائم الدهر هو من أقدم على كسر أنف التمثال، بعدما رأى بعض الناس يقدسونه فاعتبره صنما يجب تشويهه.
وهناك أيضا رأي آخر يقول إن أمراء الدولة الحديثة كانوا يستخدمون أنف أبو الهول كهدف في مسابقات رمي السهام، ما أدى مع مرور الوقت إلى تحطيمه.
واختتم كبير الأثريين تصريحاته مؤكدا أن الرأي الذي يتفق عليه أغلب المتخصصين اليوم هو أن ضعف منطقة الأنف في التركيبة الحجرية للتماثيل جعلها أكثر عرضة للكسر سواء بفعل الإنسان أو الزمن، لتبقى هذه العلامة الفريدة شاهدا على أسرار حضارة ما زالت تبهر العالم حتى اليوم.
اقرأ أيضا:
جائزة غير متوقعة من جيم صيني لمن يخسر 50 كيلوجرام خلال 3 أشهر
“مزجت بين الطبيعة والطب”.. خبير أثري يكشف أسرار جمال وجاذبية كليوباترا
فرح ببلاش.. عريس يعتمد حيلة ذكية لتغطية تكلفة الفرح
تحولت إلى فنادق ومعالم سياحية .. أغرب 3 مراحيض حول العالم
مقابل 25 دولار.. مقهي يتيح للزبائن تجربة دور “الخادمات”
