أخصائيتان و”ضحية” يتحدثن عن “التنمّر”؛ فهل لديك قصة معه؟
أثير- خالد الراشدي
يُعدّ التنمر ظاهرة سلبية في المجتمعات؛ فقد يدفع البعض إلى فقدان الثقة بأنفسهم، أو إلى أمراض مثل القلق والاكتئاب، وأسوأ من ذلك قد يؤدي إلى الانتحار.
للحديث عن هذا الموضوع أكثر تواصلت “أثير” مع استشاري طب نفسي اطفال ويافعين الدكتورة منى الشكيلية التي أوضحت في بداية حديثها قائلةً: إذا أردنا أن نطلق عليه مصطلح “تنمر” لا بد أن يتوافر فيه شروط العمد أو القصد في الإيذاء، ولابد أن يكون هناك اختلاف في القوة من الممكن أن تكون جسدية أو لفظية أو معنوية، بالإضافة إلى تكرار وليس لمرة واحدة حتى نطلق عليه تنمر.
وحول آثار التنمر النفسية على الطالب، بيّنت الدكتورة: بطبيعة الحال يؤثر التنمر على المستوى التعليمي أو يكون سببًا في تدهوره، حيث إن يوجد انعزالية ونوما مضطربا لدى الطالب، ويتبعه فقدان الشهية وأيضا يدخل الطفل في مرحلة القلق وفي بعض الأحيان يصل الى أفكار انتحارية، فالتنمر له آثار سلبية عميقة خطيرة .
أما عن قوة الضرر الذي يصيب الطالب بعد تعرضه للتنمر فتحدثت الدكتورة عن ذلك قائلة: تتبع آثار التنمر الطالب إلى المنزل، ومن أشكاله قل الثقة في النفس واضطراب في العلاقات وتدني الثقة في الآخرين، أما قوة التأثر بالتنمر فتعتمد على الطفل نفسه وصلابته النفسية، فالبعض ينتهي في وقته، والبعض الآخر يستمر لباقي العمر، وهذا يحتاج إلى تشخيص مختص للعلاج النفسي، والبعض يحتاج إلى دعم نفسي بسيط، والبعض الآخر يستمر في الجلسات لسنوات، أما بالنسبة للعلاجات فهناك أنواع منها: العلاجات النفسية، والدعم النفسي البسيط، والعلاج السلوكي المعرفي، وفي بعض الحالات تحتاج لأدوية.
واستعرضت الدكتورة في حديثها الوقاية من التنمر بقولها: من الممكن أن نجنّب الطفل التعرض للتنمر عن طريق شرح مفهوم التنمر ليستطيع التفريق بينه والإساءة. كما إن وجود الطفل وسط مجموعة من الزملاء يحميه من التنمر عن الطفل المنعزل، ومن الممكن أن يكون هناك حلقات عمل تعطي الطالب خلفية لفهم معنى التنمر وكيفية إبلاغ إدارة المدرسة في حال تعرضه للتنمر من أحد زملائه في المدرسة.
أما الأستاذة هاجر البلوشية أخصائية اجتماعية في مدرسة مدينة السلطان قابوس فقد أوضحت لـ “أثير”: عادة بعد التحقق من سلوك التلميذ، نقوم كأخصائيين بدراسة حالة التلميذ المتنمر ومعرفة الأبعاد الاجتماعية والظروف المحيطة به، لاسيما أن سلوك التنمر عادة مكتسبة وتنشأ عند الأشخاص الذين لديهم مشاكل في تقديرهم لذواتهم، ثم يواصل الأخصائي متابعة حالة التنمر هذه عبر جلسات الإرشاد الفردية واستدعاء ولي الأمر لوضع خطة علاجية تساعد التلميذ على التخلص أو السيطرة على هذا السلوك .
وأوضحت البلوشية تأثير التنمر على المستوى التعليمي والسلوكي للطالب قائلة: لا بد أن نعلم أن التنمر يؤثر على الطرفين المتنمر والمتنمر عليه، حيث إن التلميذ المتنمر عليه قد تنشأ لديه حالة من الرفض للحضور للمدرسة وذلك بسبب التأثير النفسي للتنمر وهذا بالتالي يؤثر على مستواه التحصيلي. وأحيانا في بعض الحالات قد يتحول المتنمر عليه إلى متنمر لعدم وجود التوعية والإرشاد الكافي، أما بالنسبة للمتنمِر فعادة يكون مرفوضا من قبل أقرانه وهذا الشعور بالرفض وعدم التقبل يؤدي إلى استفزازه فيتعمد إيذاء أقرانه والتنمر عليهم.
وأضافت: لابد أن يعلم أولياء الأمور الكرام أنهم مساهمون بدرجة كبيرة في توعية أبنائهم وإرشادهم. ومن أهم التوصيات التي نقدمها كأخصائيين اجتماعيين احتواء التلميذ عاطفيا وتربيته على الأخلاق الفاضلة والعقيدة، حتى ينشأ في النفس مراقبة الله تعالى في كل التحركات، وعلى الوالدين أيضا غرس الثقة بالنفس لدى أبنائهم، ثم على التلميذ المتنمر عليه أن يقوم أولا برفض سلوك المتنمر وإيقافه وألا يظهر مشاعر الضعف أو الخوف أمام المتنمر، وإن لم يتمكن من ذاك يجب أن يقوم بإبلاغ شخص بالغ ولا يجب أن يسكت عن حقه أو أن يتقبل التنمر.
وقالت أسماء الحميدية – طالب بالصف التاسع- وإحدى ضحايا التنمر: أثر التنمر على مستواي التعليمي حيث إني واجهته لأنني كنت جديدة بالمدرسة وأحسست بالوحدة وانشغلت بتكوين الصداقات بدلا من التركيز على الدراسة مما أثر على مستواي التحصيلي، لكن ولله الحمد أنه لم يؤثر على حياتي الاجتماعية بسبب نصائح والدتي، حيث إني محبوبة في بيئتي الاجتماعية ولا توجد لدي خلافات مع أحد، وقد استغرقت سنتين لتخطي الأمر، وتعلمت مهارات اجتماعية وحاولت تكوين صداقات مع التلميذات الذين يقتربون من شخصيتي وأفكاري ونجحت بفضل الله.
ووجهت الطالبة أسماء نصيحة عبر “أثير” قائلة: على الإنسان أن يواجه التنمر أو أن يواجه المشكلة ولا ينسحب منها ولا يغير من نفسه من أجل كسب الآخرين.