موقع مقالة نت
اهم المقالات التي تهم القارئ العربي

أهداف الحرب: حسم وابادة وهجرة.. مصطفى إبراهيم

0 0

كان أمس الأربعاء يوم كئيب وحزين في قطاع غزة، استشهد نحو 100 فلسطيني، قد لا يختلف عن أيام وشهور حرب الابادة، وهذا ما يؤكد على أن العالم يدار من قبل البلطجية بشكل إجرامي، ولا قيمة للإنسان فيه. وأن إسرائيل مستمرة في حرب الإبادة وخطتها للقيام بعملية عسكرية مرعبة للاستيلاء على مزيد من الأراضي واحتلال قطاع غزة.
وفي الوقت الذي يدور فيه نقاش من خبراء في الأمم المتحدة، وانشغال العالم في جدل المصطلحات، وهل ما تقوم به إسرائيل إبادة جماعية أم لا؟ ومواصلة إسرائيل تدمير الحياة ونفيها في القطاع، وأن ذلك هو إحدى أكثر الصور لانتهاك كرامة الإنسان وحياته فظاعة وعلنية. 
الصورة واضحة، وفي العالم لا يشعرون بالخجل المصحوب بالعجز في مواجهة صور أجساد الأطفال في أكفان بيضاء، والأطفال الرضع يتضورون جوعاً، ما تبقى من المستشفيات المنهكة، والطوابير التي لا تنتهي للحصول على الماء والخبز، والتدمير الكامل للحيز البشري. في غياب الضمير الإنساني، وآن الآوان للاعتراف بحقوق الفلسطينيين انتصارا للعدالة.
بعد قرار مجلس الوزراء صباح الاثنين الماضي والمصادقة على العملية العسكرية، وما قاله وزير الثقافة ميكي زوهار، نحن نحتل غزة من أجل البقاء، لم يعد هناك دخول وخروج، وهذا ما يكرره امبراطور الضفة الغربية، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الأكثر تعبيراً ووضوحا، ويعكس الروح العامة في دولة الاحتلال في التعبير عن أهداف حكومة الاحتلال، منذ اللحظة التي تبدأ فيها المناورة العسكرية، لن يكون هناك انسحاب من الأراضي التي احتلت، حتى في مقابل الرهائن، ولا حتى في مقابل استسلام حماس.
وهذا ما قاله نتنياهو، في اجتماع الحكومة، إننا ننتقل من أسلوب المناورات إلى احتلال الأراضي والبقاء فيها. نتنياهو يواصل الترويج لخطة الرئيس ترامب، والقول ان الولايات المتحدة ستسمح للهجرة الطوعية من قطاع غزة، وإن محادثات تجري مع عدة دول بشأن هذه القضية، لن تدخل القوات الإسرائيلية لتخرج.
وحسب ما كتبه المحللين العسكريين الإسرائيليين، أن الجيش سيتعامل مع أي منطقة يتم (تطهيرها) وفقا لنموذج رفح، التي لم تعد موجودة وتم تدميرها بالكامل. حيث تم القضاء على جميع التهديدات وأصبحت جزءً من المنطقة الأمنية، وأن الجيش سيعمل على إنشاء (منطقة أمنية مطهرة) في رفح، حيث سيتم تجميع سكان غزة وتوزيع المواد الغذائية عليهم. وأن خطة النزوح الطوعي لسكان غزة، الذين سيتمركزون في الجنوب خارج سيطرة حماس، ستكون ضمن أهداف العملية.
إن مرحلة اجبار الناس على النزوح اليها أيضاً هدفان استراتيجيان، خطة العملية تهدف إلى الضغط على حماس لوقف الحرب وتجميع عدد كبير من الناس في غزة بالقرب من المعابر الحدودية مع مصر وإسرائيل وشاطئ البحر، بطريقة تشجعهم على المغادرة طواعية، وبالتالي تحقيق خطة ترامب لغزة.
ما يعني إن هدف إسرائيل في غزة الآن هو الاحتلال والطرد والتهجير، وبالتالي فإن أي شيء تفعله حماس، وأي شيء يفعله الفلسطينيون، لن يزيد أو يقلل من هذا الهدف. وحتى لو طردوا حماس، كما طالب المتظاهرون الذين خرجوا في شمال قطاع غزة للاحتجاج على سيطرة حماس على غزة وحتى انتهاء الحرب، فإن الكابوس لن ينتهي.
بالمناسبة، أظهر استطلاع للرأي أجراه “المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسوح، أن 72% من الفلسطينيين (60% من سكان قطاع غزة) يعتقدون أنه حتى لو أطلقت حماس سراح جميع الرهائن فإن إسرائيل لن توقف حربها في غزة.
قد تكون تلك الأهداف غير قابلة للتطبيق اعتماداً على صمود وقدرة الناس على البقاء، لكن بعد اكتمال احتلال القطاع، وتجميع مليوني فلسطيني بالقرب من الحدود مع مصر، ومن الذي يمنع الاحتلال من ذلك. حتى لو استسلمت حماس في هذه الأثناء كما تهدف الخطة العسكرية، وحتى لو لم يتبق أي رهائن إسرائيليين على قيد الحياة في غزة، سواء لأن حماس أطلقت سراحهم، أو لأن إسرائيل ستقتلهم بقصفها، أو لأنهم سيموتون جوعاً مع آلاف الفلسطينيين الآخرين. 
كما لا يبدو أن رئيس هيئة الأركان إيال زامير يضع العصي في عجلات آلة الاحتلال والتهجير القسري. ووفقاً لصحيفة هآرتس عرض زامير أمس الاربعاء، الخطة المسماة عربات جدعون، وتبين أن إعادة المختطفين هو البند السادس والأخير من العملية العسكرية.
حيث قال زامير، ننتقل للمرحلة الثانية من الخطة الحاسمة، التي تقوم على عدة أولويات، وهي إخضاع وهزيمة حماس، السيطرة العملياتية على القطاع، ونزع السلاح، ولإضرار بحماس سلطويا والقضاء على مقدراتها، العمل على تهجير سكان قطاع غزة طوعا، إعادة الرهائن.
الواقع يدحض رهان حركة حماس وبعض الفلسطينيين على الخلاف بين الحكومة، وقدرة زامير على فرملة أهداف وطموح أعضاء الائتلاف الحاكم عن إعادة احتلال القطاع، ويتضح ذلك من الأهداف التي يمكن تفسيرها لصالح خطة الضم والاستيطان الدائم في قطاع غزة والضفة الغربية أيضاً.
هذا يأتي في سياق خطة الحسم الذي أعلن عنها سموترتش في العام 2017، وعرضه على الفلسطينيين، التخلي عن تطلعاتهم الوطنية والبقاء في الاراضي المحتلة، ضمن كيان خاص في الدولة اليهودية، من دون أي حقوق، أو العمل بالسخرة أو القتل. أو الحصول على المساعدة للهجرة إلى إحدى الدول العربية، أو أي وجهة في العالم.
هدف العملية العسكرية المعلن عنها “عربات جدعون”، إذا نجحت دولة الاحتلال في تنفيذها، فهي تهدف حالياً إلى إنشاء معسكر اعتقال ضخم في الطريق إلى التهجير القسري. وهذا ما قاله عضو الكنيست موشيه سعدة من حزب الليكود إن هذه عملية (حسم وإبادة وهجرة).

اضف تعليق