إسرائيل بدأت عمليًا بتنفيذ خطتها لإقامة كيانٍ درزيٍّ بسوريّة..
ما هدف إسرائيل من استجلاب عمالٍ دروزٍ من سوريّة للعمل في الكيان؟ وهل هذا الأمر نابعٌ من الأزمة الاقتصاديّة في بلاد الشام، أمْ أنّها خطوة أخرى من جانب دولة الاحتلال لتفتيت وتقسيم المجتمع العربيّالسوريّ؟ لا بلْ أبعد من ذلك، هل إدخال العمّال الدروز لإسرائيل يهدف لتغطية النقص في الأيدي العاملة بعد منع السلطات الإسرائيليّة العُمّال الفلسطينيين من الضفّة الغربيّة بالدخول للعمل داخل الخّط الأخضر لدواعٍ أمنيّةٍ، كما تزعم إسرائيل؟ وهل هذه الخطوة، بالإضافة إلى السماح لرجال الدين الدروز بالدخول من سوريّة لإسرائيل هي الخطوات الأولى على طريق إقامة كيانٍ درزيٍّ منفصلٍ عن الدولة الأم؟
وفي هذا السياق، أعلن وزير الجيش الإسرائيليّ، يسرائيل كاتس، عن خطةٍ جديدةٍ للسماح بدخول عمالٍ دروزٍ من سوريّة للعمل في المستوطنات الإسرائيليّة في الجولان العربيّ السوريّ المحتل.
وجاء إعلان الوزير الإسرائيليّ، وهو من حزب (ليكود) الحاكم بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، عن خطة للسماح لعمال دروز من سوريّة بالعمل في مستوطنات الجولان المحتل، ضمن ما وصفه بدعم الطائفة الدرزية، ويأتي ضمن محاولات إسرائيل تقسيم المجتمع السوريّ ومنع الاستقرار.
وتأتي هذه الخطوة في إطار ما وصفه كاتس بـ “تعزيز العلاقات مع الطائفة الدرزية”، وسط انتقاداتٍ بأنّها محاولة لتقسيم المجتمع السوريّ ومنع تثبيت حالة الاستقرار في سوريّة بعد انهيار نظام الدكتور بشّار الأسد.
وقال كاتس إنّ الحكومة الإسرائيليّة تقر حاليًا خطة دعم غير مسبوقة للطائفتين الدرزيّة والشركسيّة في إسرائيل، بقيادة نتنياهو ووزير المالية سموتسريتش”، على حدّ تعبيره.
في السياق عينه، كشفت مصادر إسرائيليّة وُصِفَت بأنّها مطلعة للغاية، النقاب عن أنّ المخاوف تتزايد داخل مؤسستيْ الجيش والاستخبارات في دولة الاحتلال، من إمكانية أنْ تستغل تركيا الفراغ في الحكم في سوريّة “بحيث تشكل تهديدًا على إسرائيل، بسبب علاقة تركيا مع تنظيمات المتمردين”.
وزعمت أنّ احتلال الجيش الإسرائيليّ لأراضٍ سورية جديدة، كان بهدف “منع وضع محتمل يتواجد فيه مسلحون جهاديون سُنة في مسافة تبعد مئات معدودة من الأمتار عن بلدات (مستوطنات) هضبة الجولان”.
وبحسب المصادر عينها، تبرّر إسرائيل احتلالها للأراضي السورية والغارات على جميع أنحاء البلاد وتدمير أسلحة الجيش السوري والمطارات العسكرية، بادعاء أنّ تركيا تعتزم “التموضع في سوريّة عسكريًا واقتصاديَا، بواسطة تأثيرها على المتمردين السُنة”، بحسب الصحيفة.
وادعت الصحيفة، نقلاً عن ذات المصادر، أنّ اردوغان يحاول حاليًا توسيع وترسيخ التأثير والتموضع العسكري والاقتصادي لبلاده في جميع أنحاء سوريّة كجزءٍ من الاستراتيجية “النيو عثمانية”، كي تكون تركيا “دولة عظمى إقليمية مركزية في الشرق الأوسط ومؤثرة في الحلبة الدولية”، طبقًا لأقوالها.
وقالت إنّ لدى إسرائيل قلقًا بعيد بشأن تركيا، يتمثّل بـ “نشوء محور إسلامي سُني يحمل فكر الإخوان المسلمين، تقوده تركيا ويمر في سوريّة، وفي أوساط الإخوان المسلمين في الأردن، وبين مؤيدي حماس والجهاد الإسلامي في الضفة الغربية وانتهاء في غزة، وأنْ يحل مكان المحور الشيعي بقيادة إيران”، مُضيفةً في الوقت عينه أنّه خلافًا لإيران، فإنّ تركيا هي عضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وحليفة قريبة للولايات المتحدة وتقيم علاقات وثيقة مع روسيا.
إلى ذلك، أكّد وزير الشؤون الإستراتيجيّة، رون ديرمر، وهو من أكثر المقربين لنتنياهو، أنّ الحرب على غزّة، ستستمر على الأقّل سنةً أخرى، وأضاف بشأن الجبهة الشمالية، أنّه قدم مبادرة لوقف إطلاق النار في لبنان تضمن بقاء إسرائيل في موقع يمكنها من السيطرة ومنع حزب الله من تجديد القتال مستقبلاً، مشددًا على أنّ بلاده مصممة على فرض واقعٍ استراتيجيٍّ جديدٍ في المنطقة الشمالية.
وفيما يخص الحرب الجارية في قطاع غزة، توقع ديرمر في مؤتمرٍ عُقِد بالقدس المحتلّة، أنْ تنتهي خلال العام المقبل بـ “انتصارٍ إسرائيليٍّ واضحٍ”، وقال إنّ تحقيق النصر هو مفتاح لفتح أبواب السلام وتوسيع اتفاقيات إبراهيم مع دولٍ عربيّةٍ، لا سيما السعودية.
وأضاف: “في الشرق الأوسط، لا تأتي اتفاقيات السلام من الضعف، بل من النصر، الطريق إلى الرياض يمر عبر رفح”، في إشارةٍ إلى أنّ السيطرة الإسرائيليّة الكاملة على جنوب القطاع ستفتح المجال أمام تطبيعٍ سعوديٍّ–إسرائيليٍّ.
وأنهى ديرمر تصريحاته بالقول إنّ أيّ تغييرٍ حقيقيٍّ في الشرق الأوسط يجب أنْ يأتي بعد انتصارٍ حاسمٍ، مشددًا على أنّ السلام يأتي بعد النصر وليس قبله، كما كان يقول المؤرخ الراحل برنارد لويس.