عاد ملف تصدير الغاز بين الاحتلال الإسرائيليّ ومصر إلى واجهة المشهد السياسي والاقتصادي مجددًا، بعد بروز خلافات تتعلق بالجوانب الأمنية في شبه جزيرة سيناء وتداعيات الأسعار على السوق الإسرائيلية، الأمر الذي تسبب في تعطيل اتفاق يوصف بأنّه الأكبر في تاريخ الاقتصاد الإسرائيليّ منذ إقامة الكيان في العام 1948.
وتواجه اتفاقية تصدير الغاز الإسرائيليّ إلى مصر عراقيل جديدة تهدد تنفيذها مع رفض وزير الطاقة الإسرائيليّ، إيلي كوهين، الموافقة عليها تمهيدًا لبدء العمل بها، وسط ضغوطٍ أمريكيّةٍ للتصديق عليها. ومن غير المُستبعد بتاتًا أنّ الحكومة في دولة الاحتلال تحاول توظيف الاتفاق مع مصر لتحقيق مكاسب سياسيّةٍ.
تواجه اتفاقية تصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر «عراقيل» جديدة «تهدد تنفيذها» مع رفض وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، الموافقة عليها تمهيداً لبدء العمل بها، وسط ضغوط أميركية للتصديق عليها.
ونسبت صحف عبرية بينها (يديعوت أحرونوت) إلى مسؤولين قولهم إنّ “وزير الطاقة الأمريكيّ، كريس رايت ألغى زيارة مقرّرة إلى إسرائيل الأسبوع المقبل، بعد رفض إسرائيل الموافقة على اتفاقية كبيرة لتصدير الغاز الطبيعي مع مصر”.
وزعم مكتب وزير الطاقة الإسرائيلي في إفادة له “وجود قضايا عالقة تتعلق بالتسعير المحلي والمصالح الوطنية”، مشيرًا في الوقت عينه إلى أنّ “إسرائيل لن تُمضي قدمًا في الاتفاقية حتى يتم تأمين سعر عادل للسوق المحلية، وتلبية احتياجات إسرائيل من الطاقة بشكل كامل”.
وفي هذا السياق، كشفت صحيفة (إسرائيل هيوم) العبرية أنّ الاحتلال الإسرائيلي لم يمنح بعد موافقته النهائية على صفقة تصدير الغاز إلى مصر، رغم الضغوط التي تمارسها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لدفع هذا الاتفاق إلى الأمام.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين يتمسك بموقفه الرافض للمصادقة في المرحلة الحالية، معتبرًا أنّ حماية المصالح الأمنية والاقتصادية لإسرائيل تتقدم على أيّ اعتباراتٍ سياسيّةٍ أوْ دوليّةٍ، طبقًا لأقواله.
ولكن في هذه العُجالة وجب التأكيد على أنّ كوهين ما كان يجرؤ على المماطلة في تنفيذ الاتفاق دون الضوء الأخضر من رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو.
وذكرت الصحيفة العبريّة أيضًا أنّ رئيس وزراء الكيان، بنيامين نتنياهو، أوعز بعدم المضي في اتفاق الغاز الضخم مع مصر من دون موافقته الشخصية، وذلك على خلفية تقارير عن خروقاتٍ مصريةٍ لاتفاقية السلام عبر التعزيزات العسكرية في سيناء، على حدّ تعبيره.
وأضاف التقرير، الذي اعتمد على مصادر سياسيّةٍ وازنةٍ في تل أبيب، أنّ هذا التعطيل الإسرائيليّ انعكس مباشرةً على جدول العمل الأمريكيّ، حيث تسبب في إلغاء زيارة كانت مقررة لوزير الطاقة الأمريكيّ الأسبوع الماضي إلى تل أبيب، في خطوةٍ تعكس حجم الخلافات غير المعلنة المحيطة بالملف.
وأوضحت الصحيفة أنّ ملف وجود القوات المصرية في سيناء يقف في مقدمة أسباب التحفظ الإسرائيليّ، حيث ترى تل أبيب أنّ الترتيبات العسكرية المصرية الحالية تتجاوز ما نصت عليه اتفاقية السلام بين البلدين المعروفة باسم كامب ديفيد، ما يثير قلق المؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة.
علاوة على ما ذكر أعلاه، أشارت الصحيفة العبريّة إلى أنّ السلطات الإسرائيلية تبدي أيضًا خشيتها من تداعياتٍ اقتصاديةٍ محتملةٍ، خاصّةً فيما يتعلق بارتفاع أسعار الغاز بالنسبة للمستهلك المحلي، ما يجعل الحكومة الإسرائيلية أكثر حذرًا في إدارة هذا الاتفاق.
وبحسب (إسرائيل هيوم)، فإنّ صفقة الغاز التي وقعت عام 2018 بين الجانبين، وتصل قيمتها بعد التحديثات الأخيرة إلى نحو 35 مليار دولار خلال عشر سنوات، تعد أكبر اتفاقية تصدير في تاريخ الاقتصاد الإسرائيلي، ورغم بدء التصدير فعليًا في كانون الثاني ( يناير) 2020، إلّا أنّ الاتفاق بقي رهين اعتبارات سياسية وأمنية معقدة.
وتوقعت الصحيفة، نقلًا عن مصادر مطلعة، أنْ يستمر التأخير لأسابيع إضافيةٍ على الأقل، في ظلّ إصرار الاحتلال الإسرائيليّ على ربط التعاون الاقتصاديّ مع القاهرة بتسويةٍ نهائيةٍ تضمن التزامًا مصريًا كاملاً ببنود السلام، وخصوصًا ما يتعلق بانتشار القوات المصرية في شبه جزيرة سيناء.
وخلُصت الصحيفة العبريّة إلى القول إنّ شركة (شيفرون) الأمريكيّة العملاقة للطاقة، التي تدير حقل الغاز، (ليفياتان) تضغط أيضًا على إسرائيل للتصديق على الاتفاقية.
جديرٌ بالذكر أنّه في حزيران (يونيو) الماضي، توقف إنتاج الغاز من الحقول الإسرائيليّة في البحر المتوسط لأسبابٍ أمنيّةٍ مرتبطةٍ بتصاعد التوترات الإقليمية مع بدء الضربات الإسرائيلية على إيران، ما أدى إلى انقطاعٍ كاملٍ في إمدادات الغاز الإسرائيليّ إلى مصر، قبل أنْ تعود بعد نحو أسبوعين.
