تشهد إيران تصاعدا غير مسبوق في الصراع على خلافة المرشد الأعلى علي خامنئي، البالغ من العمر 86 عاما، في ظل تحول ملف “اليوم التالي” من مجرد تكهنات إلى معركة فعلية داخل أروقة الحكم في طهران، ووفق تقارير متطابقة، بات التنافس على قمة السلطة أكثر علنية وحدة، مع تدهور الأوضاع الاقتصادية، وتراجع النفوذ الإقليمي، واتساع رقعة السخط الشعبي.
وبحسب تقرير نشره موقع أمواج ميديا، تسعى النخبة السياسية الإيرانية إلى الاستعداد لمرحلة ما بعد خامنئي، حيث يبرز اسمان بوصفهما الأوفر حظا لخلافته: الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني، وحسن الخميني، حفيد مؤسس الجمهورية الإسلامية.
وتصف مصادر مطلعة الصراع الحالي بأنه أشد تعقيدا من انتقال السلطة عام 1989، حين أُقصي حسين علي منتظري لصالح خامنئي، مشيرة إلى أن المنافسة لم تعد مقتصرة على المؤسسة الدينية، بل امتدت إلى الحرس الثوري، والمؤسسات التكنوقراطية، وشبكات النفوذ الشيعية خارج إيران، كما تشير التقديرات إلى أن خامنئي يسعى لإشراك الحرس الثوري في عملية اختيار خليفته، لضمان تماسك النظام بعد غيابه.
وفي هذا السياق، وجه حسن روحاني، الذي تولى الرئاسة بين عامي 2013 و2021، انتقادات حادة وغير مألوفة للتيار المحافظ ونهج خامنئي، في خطوة فسرها مراقبون بأنها محاولة لتعزيز موقعه في سباق الخلافة، ويستند روحاني إلى خبرته الطويلة داخل مؤسسات الدولة، إذ شغل منصب أمين مجلس الأمن القومي وعضوية مجلس الخبراء، فضلا عن تمتعه بقبول نسبي في الأوساط الدينية في قم والنجف، حيث حظي باستقبال لافت من المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني في العراق.
في المقابل يتمتع حسن الخميني بثقل ديني ورمزي نابع من نسبه العائلي، إلى جانب علاقاته الوثيقة بالحرس الثوري، ويعرف الخميني بدعمه العلني لـ“محور المقاومة” وتأكيده على خيار الردع العسكري، مع تبنيه في الوقت ذاته مواقف أكثر انفتاحا في القضايا الاجتماعية داخل إيران، كما يتمتع بعلاقات واسعة مع شبكات شيعية نافذة في المنطقة، ما يعزز حظوظه إقليميا.
ويستبعد التقرير إمكانية تولي مجتبى خامنئي، نجل المرشد الحالي، منصب الخلافة، نظرا للرفض التقليدي داخل المؤسسة الدينية لفكرة التوريث، ولتعارض ذلك مع الأسس التي قامت عليها الجمهورية الإسلامية الرافضة للحكم الوراثي.
كما أسهمت وفاة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية العام الماضي في إضعاف المعسكر المحافظ، بعد أن كان يُنظر إليه كخيار توافقي لخلافة خامنئي.
وفي ظل هذه المعطيات، يبدو أن إيران تقف على أعتاب مرحلة سياسية شديدة الحساسية، حيث يتقاطع الصراع على السلطة مع أزمات داخلية وضغوط إقليمية ودولية، ما يجعل معركة الخلافة واحدة من أخطر التحديات التي تواجه النظام منذ تأسيسه.
