في ضوء إعلان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي عن “اتخاذ القرار”بالتوجه لاحتلال قطاع غزة، سيُعقد اليوم الثلاثاء نقاش أمني محدود في مكتب نتنياهو، حول ما أثير من خطط لاحتلال قطاع غزة.

وسيحضر النقاش المحدود أيضًا رئيس الأركان إيال زامير، والوزير رون ديرمر، ورئيس مديرية عمليات الجيش الإسرائيلي، إيتسيك كوهين.

المناطق الجديدة التي سيُطلب من الجيش الإسرائيلي العمل فيها

اولا: أجزاء إضافية من دير البلح

ثانيا: نصيرات

ثالثا: مدينة غزة شمال القطاع، في الأجزاء التي لم تدخلها قوات الاحتلال.

لماذا قاوم الجيش حتى الآن؟

لم يُمنح جيش الاحتلال الضوء الأخضر بعد، ولكنه عارض هذه الخطوة الواسعة على مدار 22 شهرًا منذ بدء الحرب.

والأسباب: خوفا على حياة المختطفين المقيمين في هذه المناطق، ولأن هناك تجمعات سكانية كبيرة من سكان غزة في تلك المناطق، والتي يجب إخلاؤها.

والسؤال الآخر الذي يطرح نفسه هو: إذا نُفذت هذه الخطوة، فماذا سيحدث بعد الاحتلال؟ ومن سيسيطر فعليًا على العدد الكبير من سكان غزة المتبقين في القطاع في منطقة مكتظة بالسكان كهذه.

ماذا سيقدم رئيس الأركان في المناقشة الأمنية المحدودة؟

في هذه المرحلة، سيطرح رئيس الأركان خياراتٍ للحصار والتطويق والمداهمات لاستنزاف حماس. ويدفع المستوى السياسي، وكذلك نتنياهو، باتجاه احتلال كامل للقطاع. وإذا نُفِّذت هذه الخطوة، فستتطلب في الواقع حشدًا أكبر للقوات داخل القطاع. كما أن هذه الخطوة قد تستغرق شهورًا، نظرًا لتعقيدها.

ووصلت المواجهة بين نتنياهو ورئيس الأركان إيال زامير إلى ذروتها. عقب الإحاطات التي صدرت ليلة أمس الاثنين من مكتب رئيس الوزراء، والتي جاء فيها: “إننا نتجه نحو احتلال كامل. إذا لم يكن هذا مناسبًا لرئيس الأركان، فليستقيل”.

وتحذّر مصادر في جيش الاحتلال الإسرائيلي من أن مثل هذه الخطوة قد تؤدي إلى فقدان جميع الرهائن أحياءً وأمواتًا وليس من قبيل الصدفة أن تمتنع إسرائيل حتى الآن عن إصدار تعليمات للجيش بالعمل في عمق المعسكرات المركزية وفي مدينة غزة.

ومن المتوقع أن يعرض زامير خلال النقاش خطط الجيش لمواصلة محاصرة معسكرات حماس المركزية ومعسكرات الاستنزاف في مدينة غزة، من خلال الغارات الجوية وعمليات الكوماندوز.

من ناحية أخرى، من المتوقع أن يطالب نتنياهو بخطط بديلة، تشمل احتلالًا كاملًا للقطاع، مع تقييم للجداول الزمنية، بالإضافة إلى مرحلة “تطهير” يُتوقع أن تستمر لفترة أطول بكثير، على غرار ما حدث في الضفة الغربية، حيث لا تزال مستمرة حتى اليوم.

هذه عملية ستؤدي في النهاية إلى نقل السيطرة على غزة إلى إسرائيل، ما يعني حكمًا عسكريًا. قد يكون هذا خيارًا يرغب فيه نتنياهو، لكن من الأفضل أن يشرحه للعامة. تقول صحيفة يديعوت احرنوت.

مخاطر هذه الخطوة واضحة: الإضرار بحياة الرهائن، ووقوع خسائر بشرية كبيرة في صفوف الجيش ، ومشكلة لوجستية خطيرة تتمثل في إجلاء نحو مليون مدني لا يزالون في مدينة غزة.

لقد دمّر جيش الدفاع الإسرائيلي أجزاءً كبيرة من القطاع رفح وخان يونس والمنطقة الشمالية في إطار عملية “عربات جدعون”. لا توجد حاليًا أي مساحة خالية لإجلاء سكان المدينة.

يتطلب إنشاء ما يسمى “مدينة إنسانية” على أنقاض رفح أو خان يونس شهورًا من العمل، وتمويلًا دوليًا، والأهم من ذلك شرعية. وفي الوقت الحالي، لا توجد هذه الشرعية لا لاستمرار القتال في غزة، ولا لإنشاء مخيم للاجئين على أنقاضها.

لقد تغير الواقع على الأرض: فقد نجحت حماس في قلب الموازين، وحشدت المجتمع الدولي ضد إسرائيل، وأدت إلى وضع يُخصص فيه نصف اليوم لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، ودخول عدد قياسي من شاحنات المساعدات، وحتى إنزال المساعدات الغذائية.

تواجه إسرائيل حاليًا أخطر مأزق استراتيجي لها منذ اندلاع الحرب. ظاهريًا، تبدو المعضلة جلية: تحقيق هدفين: إعادة الرهائن وإسقاط حماس.

لكن عمليًا، يُهدّد الواقع الميداني بنتائج عكسية. نتنياهو، الذي ينضم إلى الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتامار بن غفير، يُؤيد توسيع نطاق القتال ليشمل مدينة غزة والمخيمات المركزية، حتى لو أدى ذلك إلى المخاطرة، وربما التنازل، عن إعادة الرهائن.

من ناحية أخرى، يُطالب رئيس الأركان زامير بوضوح استراتيجي، ويؤيد نهج “الاستنزاف” في غزة والمخيمات، مع استمرار الغارات فقط في المناطق التي لا توجد فيها جدوى عملية للعثور على الرهائن، كل هذا بالتزامن مع استمرار الجهود للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى.

رغم تصريحاته العدائية، لم يأمر نتنياهو الجيش بالاستعداد للاحتلال بعد، بل أجّل نقاش مجلس الوزراء الحاسم حول هذه المسألة عدة مرات. لو أراد ذلك حقًا، لأمر بتعبئة قوات احتياط إضافية، أو بإعادة ألوية نظامية إلى القطاع، بحسب الصحيفة.

ومع ذلك، فهو يسعى أولًا إلى استنفاد قناة المفاوضات المتوقفة حاليًا. ووفقًا لمصدر عسكري رفيع المستوى، فإن “حماس ليست في عجلة من أمرها للتحرك”، إذ تشعر بتحسن بعد الضغوط الدولية والمساعدات الإنسانية، ولا يرى أي سبب حقيقي للتنازل عن صفقة أسرى في الوقت الحالي.

من جانبها، تواجه إسرائيل صعوبة في اختيار مسار واضح: فهي لا تقاتل فعليًا، ولا تُجري مفاوضات فعّالة، كما أنها لا تنجح في إعادة الرهائن.

تُقدّر إسرائيل أن قطر لديها قدرة حقيقية على الضغط على حماس، لكنها في الوقت الحالي تُفضّل عدم القيام بذلك. الحل الثاني هو الهجرة من غزة. هذا الحل أيضًا غير وارد، ولكن إذا بذلوا جهودًا وبدأوا بتطبيقه، حتى لو على نطاق ضيق، فسيكتسب زخمًا.

شاركها.