شهدت اليابان مطلع الأسبوع الجاري موجة من الاحتجاجات المناهضة للهجرة في أكثر من 15 مدينة، بعد أيام قليلة من تولي ساناي تكايتشي منصب رئيسة الوزراء الجديدة، لتصبح أول امرأة تتولى رئاسة الحكومة في تاريخ البلاد الحديث.

ورغم أن صعود تكايتشي إلى الحكم حظي باهتمام إعلامي واسع، باعتباره خطوة رمزية نحو تمكين المرأة في واحدة من أكثر المجتمعات محافظة في آسيا، فإن المظاهرات كشفت الوجه الآخر للمشهد الياباني، حيث تزايدت مخاوف التيار اليميني من ما يصفه بـ”تساهل الحكومة” في سياسات استقبال المهاجرين.

خلفيات الأزمة

تأتي الاحتجاجات في وقت تسجل فيه اليابان ارتفاعًا غير مسبوق في أعداد المقيمين الأجانب، الذين بلغوا العام الماضي نحو 3 في المئة من السكان، وهي نسبة غير معهودة في بلد ظل لعقود طويلة منغلقًا على الهجرة.

ويرتبط هذا التحول بقرارات حكومية اتخذت بعد جائحة كورونا، تهدف إلى سد النقص الحاد في اليد العاملة الناتج عن الشيخوخة السكانية وتراجع معدلات الولادة، حيث تم توسيع برامج تأشيرات العمل والسماح لبعض العمال الأجانب بجلب أسرهم.

لكن هذه التغييرات، التي توصف بأنها “ثورية” في السياق الياباني، أثارت مخاوف بين القوميين والمحافظين الذين يرون فيها تهديدًا للهوية الثقافية، واتهم بعضهم الحكومة بالتساهل مع “النفوذ الاقتصادي الأجنبي”، خصوصًا بعد ازدياد شراء العقارات من قبل مستثمرين صينيين.

خطاب قومي متجدد

رغم أن رئيسة الوزراء الجديدة ساناي تكايتشي تنتمي إلى الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم، المعروف بنهجه المحافظ، فإنها واجهت انتقادات من داخل القاعدة القومية التي ساهمت في صعودها، إذ يتهمها البعض بعدم المضي بعيدًا في تشديد القيود على الهجرة.

وقال أحد منظمي المظاهرات في أوساكا إن “تكايتشي تسير على خطى سلفها شينزو آبي، الذي فتح الباب أمام المهاجرين رغم شعاراته الوطنية”، في إشارة إلى برنامج “تأشيرة العمال المهرة” الذي أدخل في عهده.

الإعلام والمجتمع

ورغم أن المظاهرات لم تحظ بتغطية واسعة في وسائل الإعلام المحلية، فإن مقاطع الفيديو المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت مئات المحتجين يرفعون لافتات ضد ما وصفوه بـ”السياسات العالمية التي تهدد نقاء الأمة اليابانية”.

وأكدت تقارير أن بعض المظاهرات شهدت احتكاكات محدودة مع مجموعات مناهضة للعنصرية حاولت التصدي للشعارات المتطرفة.

أبعاد سياسية أوسع

يرى مراقبون أن رئيسة الوزراء الجديدة تسعى، من خلال مواقفها الحذرة، إلى تجنب صدام مباشر مع الجناح اليميني المتشدد، وفي الوقت نفسه الاستمرار في سياسات الانفتاح الاقتصادي التي تدعمها دوائر الأعمال اليابانية.

شاركها.