موقع مقالة نت
اهم المقالات التي تهم القارئ العربي

ارحموا أهل غزة من عواطفكم وايديولوجياتكم ..

0 1

مع تقديرنا واحترامنا للشعوب وعواطفها وحتى لدول عربية على ما قدمته وتقدمه من مساعدة ودعم سياسي للشعب الفلسطيني إلا أن هناك من الايديولوجيين ونشطاء التواصل الاجتماعي من يغطي على عجزه وفشله في نصرة الشعب الفلسطيني بدفق هائل من العواطف والدعاء والدموع ولكن هذه العواطف لا تغير شيئاً في مجريات الحرب كما أن السياسة لا تُقاد أو تخضع للعواطف بل لموازين القوى والحسابات العقلانية.

اذ كنا نتفهم عواطف الشعوب سواء كانت عواطف صادقة أو رفع عتب وخدمة أيديولوجيات عبثية وفاشلة إلا أن المُستهجن أن تنساق فصائل المقاومة  خصوصاً حركة حماس وراء هذه العواطف وتدير ظهرها لمعاناة الشعب وحسابات العقل والواقع الميداني وتتحدث عن انتصارها في حرب الإبادة والتطهير العرقي التي ما زالت متواصلة بالرغم من توقيع اتفاق الدوحة بل إن ما هو قادم من فصول الحرب قد يكون أخطر من كل ما جرى وخصوصاً مخطط التهجير خارج القطاع وهو ما صرح به الرئيس الأمريكي ترامب حول الموضوع حيث تحدث عن ترحيلهم لمصر والأردن وإندونيسيا ودول أخرى. ً

ما زال مخطط التهجير قائماً

من بداية الحرب ونحن نطالب بإعمال العقل وكنا نتعرض لانتقادات كثيرة واتهامنا بأننا ضد المقاومة المسلحة وضد حركة حماس وخطابنا يتماهى مع خطاب العدو الخ لأننا قلنا إن أرقى أشكال المقاومة، في ظل موازين القوى والظروف الإقليمية والدولية الراهنة، هي تثبيت وتعزيز صمود الشعب على أرضه وتجنب المواجهات المباشرة مع العدو التي قد تؤدي لتهجيره من أرضه وطالبنا بأن يكون قطاع غزة منطقة منزوعة السلاح. وفي هذا السياق حذرنا في وقت مبكر من بداية الحرب بأن هدف الحرب ليس ما أعلنه نتنياهو وهو استعادة المخطوفين الإسرائيليين والقضاء على حركة حماس وقلنا بأن هذه أهداف خادعة تخفي أهداف استراتيجية أبعد مدى على مستوى الشرق الأوسط وبالنسبة للقضية الفلسطينية هدف ضم الضفة أو أجزاء منها وتهجير سكان قطاع غزة.

بالنسبة للتهجير حذرنا وقلنا بأن العدو لن يترك قطاع غزة بعد ما ألحق به من موت ودمار وويلات وبه حوالي ٢ مليون ونصف فلسطيني على حدوده ومحاصرين من كل الجهات وبينهم وبين اليهود حقد ورغبة بالانتقام، لأن القطاع في هذه الحالة سيكون قنبلة موقوتة أكثر خطراً مما كان عليه قبل الحرب وخصوصاً إن أعاقت إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار.

الجرب على قطاع غزة وكل القضية الوطنية لم تنتهي بمجرد توقيع اتفاق الدوحة بين حماس وإسرائيل، وحنى تطمينات الأطراف الراعية والضامنة للاتفاق – واشنطن والدوحة والقاهرة وأنقرة لن يردعا العدو الصهيوني من استكمال مخططاته وأهدافه المُعلنة والخفية وخصوصاً التهجير من القطاع وربما من الضفة موظفاً فزاعة إيران واستمرار كتائب القسام في استعراض قوتها في قطاع غزة، وهناك رابط ما بين استمرار سلطة حماس في غزة واستمرار مخطط التهجير وديمومة الانقسام 

حول مقولة إن قطاع غزة غير قابل للحياة ومخطط التهجير

حتى قبل الحرب الأخيرة وما سببته من دمار لأغلب مقومات الحياة في القطاع، كانت تقارير منظمة الصحة العالمية وغيرها من المنظمات الدولية تحذر وتقول بأن قطاع غزة لم يعد صالحاً للحياة، فكيف الآن بعد تدمير حوالي ٨٠% من بنيته التحتية والمنازل والمستشفيات والمدارس والجامعات والأراضي الزراعية وتلويث المياه الجوفية واستشهاد وهجرة غالبية الكوادر الطبية ومن كل التخصصات؟

فهل بالفعل أن قطاع غزة كان غير قابل للحياة البشرية وأصبح بعد الحرب أكثر استحالة؟ أم هي محاولة لدفع أهالي القطاع للهجرة من خلال الترويج بأن لا مستقبل لقطاع غزة؟ إن كان القطاع لا يصلح لحياة البشر فكيف تهدد إسرائيل بإعادة احتلاله بل وإعادة استيطانه؟ ! ولماذا يتغزل ترامب بغزة وجوها وشواطئها ويعلن عن استعداده للمساعدة في إعمارها وفي نفس الوقت يلوح بتهجير سكانه لمصر والأردن؟! 

فهل قطاع غزة لا يصلُح للحياة بالنسبة للفلسطينيين فقط ويصلُح للحياة للمستوطنين ولمن سيسكنها بعد أن يُعيد ترامب إعمارها؟ …

قطاع غزة يصلح للحياة وأهله متمسكون به بالرغم مما ألحقه العدو من خراب ودمار واذا خرج العدو من غزة فيمكن اعماره بجهود أهله والدول الصديقة وعائدات فلسطين من غاز بحر غزة الذي تستغله إسرائيل، وهناك خطة مصرية جاهزة ترد على كل أكاذيب تل ابيب وواشنطن سواء فيما يتعلق بالفترة الزمنية اللازمة للإعمار أو بإمكانية الاعمار بدون الحاجة لتهجير سكانه.

معضلة استمرار حركة حماس في حكم قطاع غزة

نؤكد بداية أن حركة حماس مجرد حزب أو حركة سياسية وكل ما توقعه من اتفاقات وتفاهمات مع العدو لا تُلزم الشعب الفلسطيني لا راهناً ولا مستقبلاً وبعد ما سببته مغامرتها غير المدروسة في ٧ أكتوبر من مبرر إضافي للهمجية الصهيونية لتقوم بحرب الإبادة والتطهير العرقي، وبعد انضمامها لمحور المقاومة الإيراني الفارسي وتوقيعها اتفاق الدوحة الملتبس، فإن إصرار حماس على شرط وقف الحرب يعبر عن جهل وتضليل للشعب. فكيف تطلب حركة مقاومة وقف الحرب مع عدو يحتل كل فلسطين وهي وضعت هدفاً رئيساً لها تحرير فلسطين؟ وهل شرط وقف الحرب سينطبق على إسرائيل فقط وتستمر حماس بالمقاومة، أم ستتوقف عن المقاومة أيضاً؟ وفي هذه الحالة ما هو الثمن غير ضمان بقائها في السلطة فيما تبقى من بشر وحجر في القطاع وهي التي خوًنت وكفُرت منظمة التحرير لأنها قبلت بوقف الكفاح المسلح مقابل سلطة في الضفة الغربية وقطاع غزة وعودة حوالي ربع مليون للوطن؟ وهل مطالبتها بوقف الحرب تشمل الضفة والقدس وكل الأراضي الفلسطينية أم في قطاع غزة فقط؟

 يبدو أن المهللين لانتصار حماس وغزة استعجلوا الأمر خصوصاً أن مخطط تهجير سكان غزة ما زال مطروحاً عند العدو ومحل تفكير عند أغلب أهالي القطاع.

استمرار حركة حماس في حكم القطاع مصلحة إسرائيلية ويساعد على تنفيذ مخطط التهجير، ومن هنا فإن مستقبل القطاع بعد وقف الحرب نهائيا يُشغل كل المراقبين والمحللين السياسيين كما أنه محل اهتمام أهلنا في القطاع الذين عانوا طويلا وكثيرا من حكم حماس ومغامراتها العسكرية. 

تصريحات القيادي في الحركة موسى أبو مرزوق عن استعداد الحركة للحوار مع واشنطن (حول كل شيء) وأن حماس مستعدة لاستقبال مبعوث ترامب وتوفير الحماية له في غزة! هذه التصريحات بالإضافة الى تصريحات مراقبين دوليين وحتى مسؤولين إسرائيليين بأن حماس ما زالت تحتفظ بقدرات عسكرية أيضا عودة الاستعراضات العسكرية للقسام بعد بدء الهدنة وتسليم المخطوفات، كل ذلك يطرح تساؤلات حول إمكانية تعامل إسرائيل وأمريكا مجدداً مع حماس كسلطة أمر واقع بعد أن وصفوها كحركة إرهابية وإجرامية وأعلنوا أن هدف الحرب القضاء عليها عسكرياً وسياسياً؟ 

لا نريد تكرار ما سبق قوله عن دور إسرائيل في صناعة الانقسام الفلسطيني وديمومة سلطة خماس طوال ١٧ سنة تقريباً ولكن علينا التذكير بأن واشنطن صنفت جماعة النصرة وكثيراً من الجماعات الاسلاموية المتطرفة في سوريا كجماعات إرهابية ورصدت ملايين الدولارات مقابل معلومات عن قادتهم وخصوصاً الشرع الذي أصبح لاحقاً رئيساً لسوريا، ومع ذلك فإن واشنطن وتركيا وإسرائيل ساعدوا هذه الجماعات (الإرهابية) على استباحة سوريا وتواصلوا معهم واعترفوا بحكمهم، حتى يستكملوا مخططهم في سوريا والمنطقة.

قد يتكرر المشهد في غزة اذا وجدت تل أبيب وواشنطن أن وجود حماس في غزة ولو لمرحلة انتقالية، يحقق مصالح استراتيجية لهم، سواء فيما يتعلق بديمومة الانقسام ومنع قيام دولة الضفة وغزة أو استكمال مشروع التهجير القسري أو الطوعي، أو التخطيط لاستغلال غاز ونفط بحر غزة وموقعها الاستراتيجي في مخططات جيواستراتيجية قادمة كل هذه الأهداف يمكن للعدو تحقيقها ما دام القطاع تحت سلطة حركة غير شرعية ومًصنفة كحركة إرهابية من عديد دول العالم وحركة حماس الإخوانية مستعدة مع ذلك لتحكم غزة.

(حلفاء) ضررهم أكبر من نفعهم!

أكثر الدول التي تزعم دعم المقاومة الفلسطينية وتحديداً حركة حماس، قطر وتركيا، حيث الأولى فيها أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة والثانية عضو في حلف الأطلسي (الناتو) ،لم تقدما ولو قطعة سلاح واحدة للمقاومة كما رفضتا استقبال الأسرى المحررين في الصفقة الأخيرة ورفضتا تجديد استضافة قيادة حماس بطلب واشنطن كما استضافتهم بداية بطلب أمريكي أيضاً كما صرح وزير خارجية قطر مؤخراً ! 

والسؤال لماذا تدعم الدولتان فصائل مقاومة فلسطينية معينة كما دعمت تنظيم الدولة (داعش) وجماعة النصرة وغيرها من الجماعات الإرهابية التي نشرت الفوضى خلال ما يسمى الربيع العربي ثم استباحت سوريا كما استباحتها تركيا وإسرائيل؟ ولماذا أكثر أنصار ومؤيدي حركة حماس شعبياً ويهتفون (احنا رجال محمد الضيف) يوجدون في الأردن حيث فازت جماعة الإخوان المسلمين بالانتخابات التشريعية الأخيرة؟ ومع ذلك فهؤلاء غير قادرين على إقناع الدولة الأردنية أو الضغط عليها لاستضافة أي أسير مُحرر من (رجال محمد الضيف) ! 

وأسئلة أخرى كثيرة تحتاج لإجابات عقلانية بعيداً عن العواطف والشعارات.

ندرك تماماً أن العدو الصهيوني هو المجرم وسبب كل مصائب شعب فلسطين والمشاكل في الشرق الأوسط، ولكن في الجانب أو المعسكر الآخر الذي يُفترض أنه صاحب الحق أو يدعي أنه حليف له، ونقصد إيران ومحور المقاومة بما فيه حركة حماس وقطر وتركيا وجماعات الإسلام السياسي، الذين ساعدوا على إطالة أمد حرب الإبادة دون أن يتمكنوا من وقفها أو التخفيف من ويلاتها لماذا يصمتون الآن على تهديد ترامب بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة وتأييده لضم اسرائيل للضفة كما صمتوا على ضم القدس؟ ولماذا ولمصلحة من أججوا نيران الحرب ثم تركوا الشعب الفلسطيني يواجه مصيره؟

أليس غريباً أن يصرح ويطالب داوود أوغلو رئيس الوزراء ووزير الخارجية التركي السابق وزعيم حزب المستقبل، رداً على مخطط ترامب بتهجير سكان القطاع ب (إعادة ربط قطاع غزة بالجمهورية التركية كمنطقة تتمتع بالحكم الذاتي) بدلاً من اصراره ودولته على قيام دولة فلسطين ومواجهة تهديد ترامب بتهجير سكان القطاع واتخاذ خطوات عملية ضد واشنطن وتل أبيب في هذا الصدد؟

وهل نتجنى على الحقيقة إن قلنا إن تدخلهم بالقضية الفلسطينية قد يكون أضر بها أكثر مما نفعها؟

اضف تعليق