الأورومتوسطي: “إسرائيل” تنفذ تهجيرا قسريا في غزة وتسوّقه كهجرة طوعية
اتهم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إسرائيل بتنفيذ خطتها لتهجير الفلسطينيين من غزة، بل وتعلنها بصراحة وبخطاب رسمي من أعلى المستويات، وتنفذها عبر إجراءات ميدانية ومؤسسية.
وقال المرصد في بيان إن “المشروع الإسرائيلي في قطاع غزة بلغ ذروته الكاشفة، إذ لم تَعُد إسرائيل تُخفي نواياها بشأن خطتها لتهجير الفلسطينيين خارج وطنهم، بل باتت تعلنها بصراحة وبخطاب رسمي من أعلى المستويات، وتنفذها عبر سلسلة من الإجراءات الميدانية والمؤسسية التي تُعيد صياغة الجريمة وتقدمها على أنها هجرة طوعية، مستغلة صمتا دوليا مطبقا وفر لها بيئة آمنة لمواصلة ارتكاب الجريمة، وبلوغ هذا المستوى من الإفلات من العقاب دون رادع أو مساءلة”.
وذكر البيان أن “إسرائيل تمضي قدما في تنفيذ المرحلة النهائية من جريمتها وهدفها الأصلي، وهو الطرد الجماعي للفلسطينيين خارج فلسطين، تحديدا خارج قطاع غزة، بعدما أمضت عاما ونصف العام في ارتكاب جرائم إبادة جماعية، شملت مقتل وإصابة مئات الآلاف، ومسح مدنٍ كاملة من الوجود، وتدميرا شبه كامل للقطاع، وتفكيكا منظما لشروط الحياة فيه، وتهجير سكانه قسرا وبصورة منهجية داخل حدوده، ضمن خطة ترمي إلى القضاء على الجماعة الفلسطينية ككيان ووجود”.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن “خطط تهجير الفلسطينيين قسرا تمثل امتدادا مباشرا لمشروع إسرائيل الاستعماري الاستيطاني المنظم والممتد منذ عقود، والقائم على محو الوجود الفلسطيني والاستيلاء على الأرض، محذرا من أن ما يميز هذه المرحلة عن سابقاتها هو أنها تتخذ طابعا أكثر خطورة واتساعا، إذ تستهدف 2.3 مليون إنسان خضعوا لإبادة جماعية شاملة، وجرى حرمانهم من أبسط الحقوق الأساسية، في ظروف قهرية منهجية تتسم بالقسوة الفائقة والتجريد الكامل من أدنى شروط الحياة، في محاولة متعمدة لدفعهم نحو الرحيل كخيار وحيد للبقاء”.
ونبه إلى أنه مع “نجاح إسرائيل في تقويض المبادئ الأساسية للقانون الدولي وقواعد الاستهداف والحماية، فإنها تعاود اليوم فرض سرديتها من جديد، مستندة إلى فائض القوة وتخلّي المجتمع الدولي عن التزاماته القانونية والأخلاقية، لتسوق جريمة الطرد الجماعي للفلسطينيين على أنها هجرة طوعية، في محاولة مكشوفة لإعادة تعريف التطهير العرقي والتهجير القسري باستخدام مفردات زائفة مثل الاعتبارات الإنسانية والخيار الفردي، رغم تناقضها الصريح مع الوقائع الميدانية والأحكام القانونية الثابتة في القانون الدولي التي تنظّم هذا النوع من الجرائم”.
وأكد أن التهجير القسري يُعد جريمة مستقلة بموجب القانون الدولي، وتتمثل في طرد الأشخاص من المناطق التي يوجدون فيها بشكل شرعي، باستخدام القوة أو التهديد بها، أو من خلال وسائل قسرية أخرى، دون مبررات قانونية معترف بها.
وأوضح أن “الإكراه في هذا السياق لا يقتصر على استخدام القوة العسكرية المباشرة، بل يشمل أيضا خلق بيئة مزرية تجعل من البقاء أمرا غير ممكن عمليا، أو يشكّل خطرا حقيقيا على الحياة أو الكرامة أو سبل العيش. وتشمل هذه البيئة القسرية أشكالا متعددة كالخوف من العنف أو الاضطهاد أو الاحتجاز أو الترويع أو التجويع، أو أي ظروف قهرية أخرى تؤدي فعليا إلى نزع الإرادة الحرة للأفراد ودفعهم إلى الرحيل قسرا”.
وطالب المرصد الأورومتوسطي جميع الدول بمساءلة ومحاسبة الدول المتواطئة والشريكة مع إسرائيل في ارتكاب الجرائم، وأهمها الولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها من الدول التي تزود إسرائيل بأي من أشكال الدعم أو المساعدة المتصلة بارتكاب هذه الجرائم، بما في ذلك تقديم العون والانخراط في العلاقات التعاقدية في المجالات العسكرية والاستخباراتية والسياسية والقانونية والمالية والإعلامية والاقتصادية، وغيرها من المجالات التي تساهم في استمرار هذه الجرائم.
وشدد المرصد على أن “استمرار هذه الجرائم لم يكن ليحدث لولا وجود إسرائيل غير القانوني على الأرض الفلسطينية، وهو ما يشكّل الجذر البنيوي لكل حلقات العنف والاضطهاد والدمار”، مؤكدا أن “أي استجابة حقيقية للأزمة المتصاعدة في قطاع غزة لا يمكن أن تنجح ما لم تبدأ بإزالة هذا الوجود الاستعماري غير المشروع، باعتباره المصدر الأصلي لكل الانتهاكات، وضمان حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير مصيره بحرية واستقلال، على كامل ترابه الوطني”، معتبرا أن “ذلك هو السبيل لوقف جريمة الإبادة الجماعية المستمرة، ووقف مخططات التهجير القسري الفردية والجماعية، وتفكيك نظام الفصل العنصري، وبناء مسار جاد للعدالة والمساءلة وصون الكرامة الإنسانية.