رغم اقرارها بأن إسرائيل تنتهك المادة الثانية من اتفاقية الشراكة بينها وبين الاتحاد الأوروبي، والتي تنص على احترام حقوق الإنسان، إلا أن وزراء خارجية الدول الـ 27 الأعضاء في التكتل الأوروبي قرّروا خلال اجتماعهم، أمس الثلاثاء في بروكسل، عدم فرض عقوبات على إسرائيل في الوقت الراهن، وذلك رغم استمرار المجازر بحق المدنيين في غزة.
فخلال اجتماعهم في بروكسل، للمرة الأخيرة قبل عطلة الصيف، لمناقشة التقرير الذي أعدته رئيسة الدبلوماسية الأوروبية، كايا كالاس، حول انتهاك إسرائيل لاتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، الذي نُشر منتصف يونيو/حزيران، والذي أكد وجود “مؤشرات على أن إسرائيل لم تلتزم بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان”، وهو ما تنص عليه المادة الثانية من الاتفاق.
رفضت الدول الأعضاء حتى الآن تبني أي من التدابير العقابية العشر التي طرحتها الممثلة العليا خلال الاجتماع، والتي تراوحت بين تعليق اتفاق الشراكة إلى فرض عقوبات محددة، مثل حظر استيراد منتجات المستوطنات في الضفة الغربية، أو تعليق مشاركة إسرائيل في بعض البرامج الأوروبية مثل “إيراسموس” للطلاب و”آفاق” للباحثين.
رغم الضغوط من أكثر من 200 منظمة غير حكومية، ودبلوماسيين سابقين، وعدة دول مثل إسبانيا، أيرلندا وسلوفينيا، لم يتم التطرق بالتفصيل إلى هذه الإجراءات، وفق دبلوماسيين، مؤكدين أن كايا كالاس كل تقترح حتى تسلسلًا تدريجيًا لهذه العقوبات، من الأخف إلى الأشد.
الحقيقة أن الانقسام هو سيد الموقف.. فبينما تطالب بعض الدول بالعقوبات، ما تزال نصف الدول الأعضاء ترفض ذلك، على رأسها ألمانيا وإيطاليا والتشيك.
والنقطة الوحيدة التي اتفقت عليها الدول الأوروبية هي الملف الإنساني في غزة.. وهي النقطة التي لعبت على وترها مسؤولة السياسة الخارجية في التكتل في الأسابيع الأخيرة، مستخدمة ورقة إعادة النظر في اتفاق الشراكة والتهديد بالعقوبات كوسيلة ضغط دبلوماسية لدفع إسرائيل إلى تخفيف الحصار الإنساني المفروض على القطاع الفلسطيني.
وأعلنت كايا كالاس يوم الخميس الماضي عن “ترتيب” مع إسرائيل، متعهّدة بموجبه بالسماح بدخول نحو 160 شاحنة مساعدات إنسانية يوميًا عبر المنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة، بالإضافة إلى فتح ثمانية معابر إلى القطاع، وبدء إصلاح بعض البنى التحتية للمياه والكهرباء.
غير أن كالاس عادت بعد ذلك بأربعة أيام لتؤكد غياب أي “تحسينات كافية على أرض الواقع بخصوص ما تم الاتفاق عليه مع الإسرائليين”، على الرغم من إعادة فتح بعض المعابر ودخول نحو 80 شاحنة وفقًا للاتحاد الأوروبي.
وبحسب الترتيب، فإن مسؤولية متابعة الاتفاق تقع على عاتق الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي في المنطقة، بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة، والسلطات الإسرائيلية، والدول المجاورة التي تخزن فيها الأغذية والأدوية.
وأوضحت كايا كالاس أنها ستقدم تقريرًا عن الوضع في غزة كل أسبوعين للوزراء، وستناقش الملف في كوبنهاغن في 28 أغسطس/آب، خلال الاجتماع غير الرسمي المقبل لوزراء خارجية التكتل.
وبالإضافة إلى التزام إسرائيل بالسماح بدخول جزء من المساعدات المخزنة عند حدود غزة، لم تحصل كايا كالاس على أي ضمانات بشأن العمليات المقبلة.