قطاع غزة الذي أنهكته الإبادة الإسرائيلية المتواصلة منذ نحو عامين، يقف الأطباء على خط المواجهة الأول مع الموت، يستقبلون يوميا عشرات الجرحى والقتلى ويحاولون، بكل ما تبقى من طاقة، التماسك لإنقاذ الأرواح.

لكن خلف الملامح الصلبة والواجب المهني القاسي، تبقى لحظة الانكسار الأقسى حين يتحول الضحايا من غرباء إلى أقرباء وأحبة. هذا ما حدث للطبيب محمد أبو سلمية، مدير مجمع الشفاء الطبي، الذي وجد نفسه السبت يودع شقيقه ماجد وعددا من أبناء شقيقه بعدما قضوا تحت أنقاض منزلهم في مخيم الشاطئ، في مشهد اختصر مأساة غزة بكل وجعها.

فقد قصف الجيش الإسرائيلي المنزل، ما أسفر في حصيلة أولية، عن مقتل 5 من أفراد العائلة وإصابة آخرين، وفق ما أورده مصدر طبي.

وقال مراسل إن أعمال الانتشال ما زالت متواصلة من تحت أنقاض المنزل المستهدف. هذا الفقدان، شكل صدمة للطبيب أبو سلمية الذي كرس حياته على مدى أشهر الإبادة لإدارة مستشفى يعج بجرحى وقتلى هذه الحرب.

ووقف أبو سلمية بوجهه الهزيل وملامح الحزن، عاجزا ومحدقا في جثامين أحبته التي وصلت إلى المستشفى تباعا. هذه الجثامين كانت مسجاة على أرض المستشفى تحت أغطية ثقيلة تحولت في ثوان إلى أكفان.

أبو سلمية، سبق أن دفع ثمن هذه الحرب داخل السجون الإسرائيلية، بعدما اعتقله الجيش في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، من قافلة إنسانية كانت تنقل الجرحى من مجمع الشفاء الطبي إلى جنوبي القطاع.

وفي 1 يوليو/ تموز 2024، أفرجت إسرائيل عن أبو سلمية بعد أكثر من 7 شهور من الاعتقال دون توجيه أي تهمة له.

وقال أبو سلمية عقب إطلاق سراحه، في مؤتمر صحفي، إن الاحتلال الإسرائيلي لم يوجه إلي أي تهمة رغم محاكمتي 3 مرات.

وأضاف: تعرضنا لتعذيب شديد في السجون الإسرائيلية، والاحتلال يقتحم زنازين الأسرى ويعتدي عليهم بشكل شبه يومي.

ويواصل الجيش الإسرائيلي قصفه المركز على أحياء مدينة غزة، خاصة الشمالية الغربية المكتظة بالنازحين الذين فروا من العمليات العسكرية في الأحياء الشرقية منها.

وصباح السبت، ألقت طائرات إسرائيلية منشورات ورقية على مخيم الشاطئ أنذرت فيها الفلسطينيين بمغادرة المدينة والتوجه نحو مناطق جنوبي القطاع.

وفي 8 أغسطس/ آب الماضي، أقرت الحكومة الإسرائيلية خطة طرحها رئيسها بنيامين نتنياهو، لإعادة احتلال قطاع غزة بالكامل تدريجيا، بدءا بمدينة غزة.

وبعد ذلك بـ3 أيام، بدأ الجيش الإسرائيلي هجوما واسعا على مدينة غزة، شمل تدمير منازل وأبراج وممتلكات مواطنين وخيام نازحين، وقصف مستشفيات، وتنفيذ عمليات توغل.

وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت 65 ألفا و174 قتيلا و166 ألفا و71 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 440 فلسطينيا بينهم 147 طفلا.

شاركها.