قال الجنرال  احتياط في جيش الاحتلال إسرائيل زيف لموقع القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ إنّ إسرائيل تلقّت، في الأسبوعين الأخيرين، الهزيمة السياسية الأكبر في تاريخها، مضيفًا: “سلسلة الزيارات المتتالية، منذ اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نهاية شهر أيلول (سبتمبر) لقادة عرب إلى واشنطن والعلاقة الوثيقة بين الرئيسين الأمريكيّ دونالد ترامب والتركيّ رجب طيب أردوغان والاستقبال في البيت الأبيض للرئيس السوري أحمد الشرع وتبنّي مجلس الأمن الاقتراح الأمريكيّ لمسارٍ لإقامة دولةٍ فلسطينيّةٍ، وأخيرًا الزيارة الملكية الواسعة التغطية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى البيت الأبيض، هذه الأمور كلها ستغيّر جوهريًا وبشكل غير مسبوق ميزان القوى في الشرق الأوسط، ولغير مصلحة إسرائيل”.

 

كما أوضح زيف: “يشمل هذا التغيير إعلان ترامب تبنّي السعودية شريكًا مساويًا لإسرائيل والتزامه بتعزيز قوتها العسكرية، بشكل مساوٍ لمكانة إسرائيل، من دون أنْ تنضم السعودية في المقابل إلى (اتفاقيات إبراهام)، ولا حتى طُلِب منها تطبيع علاقاتها مع إسرائيل لتكون عامل مُوازِن للقوة التي مُنحت لها. يشمل التغيير البنيوي، أيضًا، اتفاق الدفاع الذي مُنح لقطر وفتح الباب أمام أردوغان ليقود النظام الجديد في سورية، وتدويل قطاع غزة، ودعم سورية ما يزال غير واضح ما إذا كانت قد تغيّرت أو أنّ الحديث يدور عن (داعش) بصيغة دولةٍ”.
ولفت إلى أن: “كل التسليح الذي يُمنح، بما يشمل طائرات F35 لجيش تركيا والسعودية، إضافة إلى برنامج نووي مدني وأنظمة متطورة، وأخيرًا القرار بإقامة دولة فلسطينية لا تأثير لإسرائيل على تشكيلها، تشكّل انقلابًا استراتيجيًا إقليميًا غير مسبوق بالنسبة إلى إسرائيل، والتي حتى وقت قريب كان يفترض بها أنْ تقود الائتلاف الإقليمي، اختارت (النصر المطلق) الذي تحوّل إلى فشل مطلق، ودُفعت إلى خارج المسرح إلى خلف كواليس الواجهة الإقليمية”.

 

ورأى الجنرال أنّ الحديث لا يدور عن أقل من انهيارٍ سياسيٍّ وفشلٍ مخزٍ في حجمه ودلالاته، ويبدو أن رئيس الحكومة، والذي يرسل التهاني بالإنجليزية، منفصل عمّا يجري أمام عينيه، أوْ أنّ ضعفه يقيده ويجعله عديم التأثير.
وأكّد زيف أنّ: “إسرائيل” تستيقظ على يومٍ من أجندةٍ أمريكيّةٍ جديدةٍ في المنطقة. هذه الأجندة تبنيها الولايات المتحدة وفقًا لمصالحها الاقتصادية والمالية، ومن الصعب لومها أمام المال الكبير والمُبهِر الذي يقف أمامها في نادي التريليونات. لكن على إسرائيل أنْ تستوعب أنّ ما كان لم يعد، ولن يعود، وتراجع الشعبية الإسرائيليّة بين الجمهور الأمريكيّ وصل إلى مستوى خطير؛ فحزب الديمقراطيين لن ينسى طعنة الظهر التي وجّهها رئيس الحكومة الإسرائيلية، وحتى في صفوف الجمهوريين وضع إسرائيل ليس جيدًا”.
انهيار المفهوم عند نتنياهو
في هذا السياق، أكد زيف أنّ: “الخريطة، مع الأسف، كانت واضحة: الوضع الذي وصلنا إليه هو نتيجة مباشرة لجنون عظمة رئيس الحكومة غير المنتهي، والذي بلغ ذروته في الهجوم المؤسف في الدوحة والاستخفاف العلني بالعالم العربي وجيراننا القريبين، والتصريحات الفارغة وغير المسؤولة لوزراء الحكومة والسلوك الخطير في الضفة الغربية الذي يدلّ على عجزٍ كاملٍ”، مردفًا: “كلّ هذه الأمور أدّت إلى وضعٍ أصبح فيه نتنياهو وحكومته شخصيات غير مرغوب فيها عند قادة دول المنطقة، والذين لا يريدون أيّ احتكاكٍ مع نتنياهو، بل ويريدون بشكلٍ علنيٍّ إذلاله، إذ لا ينوي ابن سلمان بأيّ شكلٍ من الأشكال مصافحة يد نتنياهو، ولا توقيع أيّ اتفاقٍ معه، ولا الظهور معه في أيّ صورةٍ، لا هو ولا أي قائد عربي آخر”، على حدّ تعبيره.
وتابع زيف بأنّ القرار الساحق في الأمم المتحدة بإقامة دولة فلسطينية، بعد أنْ وعدت حكومة اليمين الكامل ناخبيها، حتى وقت قريب بضم (الضفة الغربية) وحتى غزة إلى إسرائيل، ليس فقط دفنًا مخزيًا لوهم سياسي دفعنا ثمنه أفضل أبنائنا في حرب جرى تمديدها عمدًا، بل دفن معه أيضًا كل نظرية نتنياهو السياسية في الخمسة عشر عامًا الأخيرة: سياسة إضعاف السلطة الفلسطينية من خلال الفصل الضفة الغربية وغزة، والادعاء بأنّ اتفاقيات أبراهام دليل على كارثية اتفاقيات أوسلو، والتي كانت غير ضرورية، وأن المشكلة الفلسطينية ليست ذات صلة فعلية في الصراع العربي الإسرائيليّ”.
وخلُص الجنرال الإسرائيليّ إلى القول إنّ “برج الأوراق الذي بناه نتنياهو انهار، والرؤية الوهمية التي بناها وهدمها بيديه كلّفت إسرائيل خسارة سنوات كثيرة وغالية؛ كان يمكن أنْ تضعها في مكان سياسيٍّ وإقليميٍّ مختلفٍ تمامًا. إذ لا يمكن تصور الخسائر البديلة والنتائج الباهظة لتلك الأوهام السياسية على مدى عقد ونصف، والتي تحوّلت بعد حربٍ طويلةٍ ومعظمها غير ضرورية إلى أكبر فشلٍ وطنيٍّ في تاريخنا، ويجب أيضًا التحقيق في ذلك في لجنة تحقيقٍ رسميّةٍ يجب أنْ تُقام”.

شاركها.