في خطوة هي الأضخم من نوعها، توشك ساحات القتال في المستقبل على التشكل بصورة تختلف جذرياً عما رأيناه. لم يعد الجندي البطل وحده هو محور المعركة، بل سينضم إليه جيش لا يحصى من الطائرات المسيرة، تحمل في دواخلها تقنيات خارقة، وتغير مفهوم القوة العسكرية. فبعد أن كانت هذه الطائرات أداة تكتيكية مساندة، ها هي تتحول إلى عمود فقري جديد للجيش الأقوى في العالم. 
 

ثورة في السماء.. خطة لشراء مليون طائرة بدون طيار 

في إعلان تاريخي، كشف وزير الدفاع الأمريكي عن نية البلاد لشراء ما لا يقل عن مليون طائرة مسيرة خلال العامين إلى الثلاثة المقبلة. هذا الرقم ليس مجرد صفقة تسليح اعتيادية، بل هو إعلان صريح عن دخول عصر جديد في الفنون العسكرية. تعكس هذه الخطة الطموحة والرؤية الأستراتيجية التي تضع التكنولوجيا في قلب كل عملية، سواء كانت هجومية أو دفاعية. لم يعد الأمر متعلقاً بتعزيز القوة، بل بتحويل طبيعتها بالكامل. 

لماذا المليون؟ الاستراتيجية وراء الأرقام الضخمة 

اوضح الوزير أن الخطة تأتي ضمن ما يُعرف بـ “استراتيجية المعارك المستقبلية”، والتي تركز على توسيع نطاق استخدام الأنظمة غير المأهولة. الهدف المزدوج واضح وهو تقليل الخسائر البشرية إلى أدنى حد ممكن، وزيادة دقة وكفاءة العمليات العسكرية إلى أقصى درجة. إنه تحول من فلسفة إرسال الجنود إلى الميدان إلى إدارة المعركة من خلال شاشات، حيث تصبح حياة كل جندي ثمينة ويتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحييد الأخطار عنها. 

الدرونز.. سلاح الحروب القادمة

يرى محللون عسكريون أن هذه الخطوة تمثل نقلة نوعية في التفكير الدفاعي الأمريكي، مؤكدين أن واشنطن استوعبت جيدًا الدروس التي أفرزتها النزاعات الأخيرة في أوكرانيا والشرق الأوسط، حيث لعبت الطائرات المسيّرة دورًا محوريًا في جمع المعلومات وتنفيذ الهجمات وتحييد الأهداف بدقة عالية.
ويشير الخبراء إلى أن مستقبل الحروب سيتجه أكثر نحو الاعتماد على التكنولوجيا، وأن الدول التي تتقن هذه الصناعات وإدارة هذه الأنظمة ستكون الأقدر على فرض معادلات القوة الجديدة في العالم.

استثمارات ضخمة ومحرك للصناعة المحلية 

وراء هذا السرب التكنولوجي الضخم، تقف استثمارات بمليارات الدولارات. من المتوقع أن تخصص وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” ميزانية هائلة لتطوير وتصنيع هذه الطائرات محلياً، في حركة من شأنها تعزيز الصناعة الدفاعية الأمريكية وإحياء سلسلة التوريد. ستُدعى الشركات العملاقة في مجالي التكنولوجيا والدفاع للمشاركة في هذا المشروع العملاق، مما يخلق حالة من التلاحم بين الابتكار المدني والحاجة العسكرية، ويخلق آلاف الوظائف في القطاعين. 

تُعلن الولايات المتحدة، من خلال هذه الصفقة، عن افتتاح فصل جديد في تاريخ الحروب. إنها رهان على أن مستقبل الأمن القومي لا يعتمد على حجم الدبابات أو عدد الجنود فحسب، بل على تفوق الخوارزميات وسرعة الاتصال وقدرة الأساطيل الآلية على العمل بتناغم. 

شاركها.