بين الإرتجاف والمُرتَجفين مسافة صفر ..
تتوالى التحركات المتعددة في مواجهة خُطة “التهجير” أل “ترمبية”، وكما قلنا سابقا “الرجل طرح سعر عالي وينتظر الآن عروض الاسعار”، وهذا ما اكده مبعوثه “ستيف ويتكوف” والذي قال “تصريحات ترمب بشأن إمتلاك غزة شجعت على الكثير من المحادثات فالمصريون والاردنيون يقولون ان لديهم خطة والجميع منخرطون في نقاش متواصل”، بما يشير بوضوح للهدف الحقيقي من تلك التصريحات، خلق مناخ يفرض على الدول العربية الإنخراط والتدخل في غزة لنزع سلاح المقاومة ما بعد الحرب وبعد أن عجزت إسرائيل عن ذلك، حيث يقول رئيس هيئة الأركان السابق وعضو مجلس الحرب السابق “غادي آيزنكوت: لا أعرف جيشًا تمكن من القضاء على الإرهاب من دون السيطرة على الأرض والسكان، لذا ما هو مطلوب الآن هو اعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة.”
إذا ما لم تستطيع إسرائيل تحقيقه يُريد الرئيس ترمب تقديمه هدية لإسرائيل عبر طرح خُطط للإعمار في جوهرها طبيعة الحكم وطبيعة الترتيبات الامنية الجديدة وپأيدي غير إسرائيلية، فإسرائيل نفّذت المطلوب منها بتحويل قطاع غزة إلى منطقة طاردة للحياة عبر تحويلها إلى كومة ركام، صحيح أنها لم تُحقق النصر لا عبر تَحقيق الأهداف ولا عِبر فرض الإستسلام على المقاومة، لكنها فرضت مُعطيات وتحديات كبيرة على الأرض أهم تداعياتها وبالحد الادنى هو إبعاد “حماس” عن مشهد الحكم القادم، ولكن هذا غير ممكن عمليا وواقعيا بدون نزع سلاح القسام والمقاومة، لذلك خُطط التهجير تتحرك وفق آلية متفق عليها بين “نتنياهو” و “ترمب”، وهذايتضح من تصريح “نتنياهو” بقوله ” ستفتح أبواب الجحيم في غزة وفق خطة مشتركة مع ترمب”، أي أن موضوع “التهجير” ليس فقط موجود على الطاولة بل تم وضع خطط له “تصريحات وزير الدفاع كاتس عن تأسيس قسم في وزارة الدفاع للتشجيع على الهجرة”وتوافقات بين الطرفين .
ظاهرة الإرتجاف حالة طبيعية تصيب تقريبا كل إنسان لكنها لا تؤدي بالمقاوميين وأصحاب الحق للخوف وإتخاذ قرارات مصيرية دون قرائتها جيدا وسبر غورها وتمحيصها بدقة متناهية، في حين المُرتجفين أصلا حين يتعرضون بشكل مباشر لِ “ظاهرة الإرتجاف”يُسيطر الرعب عليهم ويبدأون في البحث عن حلول تُرضي السيد وتابع السيد، خاصة أن طبيعة المُرتجف حين يَحدث الإرتجاف تُصبح المسافة بينهما لا ترى بالعين المجردة، بل تكون صفرا، وعليه يجب على المقاومة التي لا تَرتجف وتشعر بالإرتجاف نتيجة لهول الحدث، أن تنتبه بأن لا تتحول نحو صيغة المُرتجفين ومهما كانت العناونين براقة، وتعمل على تثبيت هؤلاء وشد أرجلهم المُرتجفة لأنها الأقدر على مواجهة ظاهرة الإرتجاف، خاصة ان المُرتجفين لا يملكون قرارهم وسيعملون وفقا لما يريده سيد البيت الأبيض ولو بشكل ولون آخر، أي تطبيق ما يُريده تابع “السيد” من أهداف حتى يقول لسيده دعنا نؤجل “التهجير” بعضا من الوقت لأن خطتنا المعلنة في “القناة 14″ أصبحت معروفة ” غزة بدون مختطفين…غزة بدون حماس ومقاومة…غزة بدون غزيين”، إذا علينا أولا أن نفرج عن الأسرى والمحتجزين ونساومهم على إدخال الإدوات الثقيلة والكرافانات والهدوء المستدام والإعمار مقابل رأس حماس والمقاومة، وبعد ذلك لن نَغْلَبْ في إيجاد الأعذار لتهجير الغزيّين.
مسألة التهجير ليست جديدة على الشعب الفلسطيني، لكنها اليوم تأتي في ظل وعي فلسطيني وعربي وفي ظل وجود مقاومة، وبجانب ذلك هناك إنقسام فلسطيني وتردي عربي رسمي وفلسطيني، إضافة إلى تعرض محور المقاومة والممانعة في المنطقة لضربة كبيرة، مما يُشجع اليمين “الصهيو ديني” ومعه “الصهيونية المسيحيةالمسيائية” التي تُهيمن في البيت الأبيض على إتخاذ خطوات مبنية على تلك الحسابات وبما يدفع نحو حلم “نتنياهو” بإحداث تغيير “جيو سياسي” في منطقة غرب آسيا “الشرق الأوسط”، وهذا يتطلب أولا وقبل كل شيء تصفية القضية الفلسطينية، أي تهجير الفلسطينيين ككل من جغرافيا ما بين البحر والنهر وفرض السيادة على الضفة وإعطاء سيد البيت الأبيض “قطاع غزة” هدية ليقيم عليه أكبر “كازينو” في العالم “أسماه ريفيرا الشرق الأوسط”.
قلنا أن هناك وعي فلسطيني وعربي وأن هناك أيضا مقاومة رغم ما تعرضت له من ضربات كبيرة، لذلك ورغم كل ما حدث فمحاولة الوصول لأقصى درجات الإستفادة والتي ستحدث إنقلاب جذري في الواقع ستنقلب بإتجاه عكسي، فكل شيء “يحمل في الداخل ضده” وقد تكون هذه الحسابات مُستندة لأوهام بسبب سراب الواقع، صحيح مطلوب من “حماس” و “المقاومة” مرونة كبيرة فيما يتعلق بمشهد الحكم في قطاع غزة، لكن هذه المرونة يجب أن يكون لها خطوط حُمر ولا تؤدي ب “المُرتجفين” لإستغلالها وفقا لمشهد “الضفة”، المرونة لا تعني الإستسلام، والمرونة لا تعني شعار تسليم كل شيء “ما فوق الأرض وما تحت الأرض” أو “من الباب للمحراب”، لأن حُسن النية مع السيدين “نتنياهو” و “ترمب”، تعني تطبيق خطة “التهجير”، وهنا يجب على مختلف القوى الفلسطينية وعلى رأسها فصاءل المقاومة أن تدعو بشكل عاجل لمؤتمر وطني جماهيري حتى لو كان في قطاع غزة بالرغم من الحالة التي يشهدها لإعلان رفض خطة التهجير وخطة تجريد المقاومة من قوتها، والتأكيد على مسار الدولتين وفقا لقرارات الشرعية الدولية، وبحيث تتحول المقاومة كجزء من الجيش الفلسطيني أو الأمن الوطني الفلسطيني ولكن في سياق تسوية سياسية تُفضي لقيام دولة فلسطينية.
دائما المسافة صفر هي تخصص حصري للمقاومة، ورأينا ذلك على شاشات التلفزة، لذلك من الممنوع تسليم هذا التخصص إلى “المُرتجفين” لأنهم في لحظة “الإرتجاف” مسافة الصفر لديهم ستكون كيفية التخلص من “المقاومة” حتى لو كان ذلك سيضر في مصالحهم المستقبلية خاصة أن ما يحكمهم ولنقول تجاوزاً هو “حسن النية” في السيد السارق للأرض، والسيد الذي يريد أن يسرق جزءاً منها، ومُعتبرين ذلك “مرونة” قسرية لمنع خُطط السرقة المسماة “تهجير”، ومُعتقدين أن تقديم تنازلات كبيرة بحجم التخلص من “المقاومة” ستوقف مخططات قد حُسمت ملفاتها بدءاً من التعامل مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” على أنها منظمة غير قانونية وفق تشريع بقانون صادر عن “الكنيست” الإسرائيلي، مروراً بما يجري في الضفة الغربية وبالذات في مخيماتها وبالأخص في منطقة الشمال منها، وليس إنتهاءاً بما حدث ويحدث في “غزة”، إنهم يريدون فرض السيادة على الضفة وتهجير الفلسطينيين ككل بدءاً من غزة.
إن منع “المرتجفين” من وضع خُطط فيها ما فيها وعليها ما عليها، وعدم التعاطي مع مفاهيم “حسن النية” والتعامل وفقا لمقتضيات المصلحة الوطنية العليا، تستدعي أولا التنسيق الفلسطيني العربي في كل صغيرة وكبيرة أولا، ورفض أي صيغة تُحقق الأهداف غير المُعلنة ثانيا، والمرونة القصوى بما يتعلق في مشهد الحُكم “إدارة غزة” ثالثاُ، والتعامل مع المرحلة الثانية من إتفاقية تبادل الأسرى بصيغة شمولية بحيث لا يكون هناك مرحلة ثالثة وبحيث يتم الإتفاق على كل شيء بشكل رسمي ومكتوب وموقع ويوضع في عُهدة الأمم المتحدة أيضا ليصبح إتفاق دولي، وليس فقط إتفاق بضمانات، لأن الضامن هو من يطرح سِرقة “غزة” من أصحابها الأصليين.
اشير هنا إلى أن القضية الفلسطينية على مفترق طرق، ويبدو أن الأمريكي والإسرائيلي يريدون أولا الحصول على أسراهم مع تجريد المقاومة من سلاحها وإبعادها عن مشهد الحكم في غزة، وإذا لم تقبل نزع سلاحها سوف نسمع طرح جديد، وهو تمديد المرحلة الإولى أو إيجاد مرحلة بين المرحلتين، في محاولة للضحك على “حماس” للحصول على أسراهم وبعد ذلك يُنفذون خُططهم، كما قد يحدث شيء أكبر من ذلك ويشهد الإقليم تصعيد كبير عبر إستهداف “إيران” عسكريا وبما يؤدي لإرباك كل المشهد في الإقليم وإستغلال ذلك لتنفيذ مساءل التهجير، وهذا يتطلب الإنتباه وعدم الموافقة على ألاعيبهم الخبيثة|.