تجنيد الحريديم.. امتحان يهدد برسوب حكومة نتنياهو.. والمعارضة: تمييز بين دمٍ ودم
يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو امتحاناً صعباً في ظل انقسام وجدل حول مشروع قانون تجنيد المتدينين اليهود (الحريديم) في الجيش، ما يهدد باحتمال تفكيك الائتلاف الحكومي.
ومن المرتقب أن تبحث الحكومة، غداً الثلاثاء، مشروع القانون المقترح، وسط توقعات بنقاشات حادة بين مؤيد ومعارض، في وقت يواصل فيه الجيش الإسرائيلي حرباً مدمرة على قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية)، الإثنين، إن نتنياهو أبلغ وزراء حزبه “الليكود” بأنه لن يتنازل إطلاقاً عن إقرار مشروع القانون، و”لن تكون هناك حكومة بدون هذا القانون”.
غانتس: تمرير مثل هذا القانون هو خط أحمر، وفي زمن الحرب بمثابة أمر عسكري غير قابل للتنفيذ.. لن يتمكن الشعب من تحمّله، ولن يتمكّن الكنيست من إقراره، وأنا وزملائي لن نتمكن من البقاء في حكومة الطوارئ
ويشكل المتدينون اليهود نحو 13 بالمئة من عدد سكان إسرائيل، وهم لا يخدمون في الجيش، ويقولون إنهم يكرسون حياتهم لدراسة التوراة.
ويلزم القانون كل إسرائيلي وإسرائيلية فوق 18 عاماً بالخدمة العسكرية، فيما يثير استثناء الحريديم من الخدمة جدلاً طوال العقود الماضية.
ولكن تخلفهم عن الخدمة العسكرية، بالتزامن مع الحرب المتواصلة على غزة، وخسائر الجيش الإسرائيلي زاد من حدة الجدل، إذ تطالب أحزاب علمانية المتدينين بالمشاركة في تحمّل الأعباء.
ومنذ 2017، فشلت الحكومات المتعاقبة في التوصل إلى قانون توافقي بشأن تجنيد الحريديم، بعد أن ألغت المحكمة العليا قانوناً شُرّع في 2015 يقضي بإعفائهم من الخدمة العسكرية، معتبرة أن الإعفاء يمس بـ “مبدأ المساواة”.
ومن حينها، دأب الكنيست على تمديد إعفائهم من الخدمة العسكرية، ومع نهاية مارس/ آذار الجاري، ينتهي سريان أمر أصدرته الحكومة بتأجيل تطبيق التجنيد الإلزامي للحريديم، ما يلزمها بتقديم رد مكتوب إلى المحكمة العليا بشأن خطوات معالجة الملف الشائك.
وأصدرت المحكمة، في فبراير/ شباط الماضي، أمراً يطالب الحكومة بتوضيح سبب عدم تجنيد الحريديم، بحسب صحيفة “هآرتس” العبرية الإثنين.
وأوضحت الصحيفة أنه يجب على الحكومة إبلاغ موقفها إلى المحكمة بحلول الجمعة 29 مارس، وإذا لم تفعل ذلك فيتعيّن على الحكومة فرض تجنيد الحريديم بحلول الاثنين 1 أبريل/نيسان المقبل.
وبحسب مشروع القانون، الذي سيقدمه نتنياهو إلى الحكومة الثلاثاء، فإن “سن إعفاء الحريديم (للتفرغ لدراسة التوراة في المعاهد اللاهوتية) سيرتفع إلى 35 عاماً (بدلاً من 26 حالياً)، ولن يبدأ التنفيذ ضد المتهربين من الخدمة العسكرية لمدة ثلاث سنوات، ولن يحدد مشروع القانون أهداف التجنيد للأرثوذكس المتدينين“، وفق الصحيفة دون توضيح.
وعاد الملف بقوة إلى الواجهة منتصف الشهر الجاري، بعد مظاهرات شارك فيها الآلاف تدعو إلى التجنيد الإجباري للحريديم.
لكن نتنياهو قد يجد نفسه في مواجهة أحد الشركاء في حكومته الائتلافية، سواء أقرت الحكومة أم لم تقرّ قانون التجنيد.
وبشدة، تعارض الأحزاب الحريدية، مثل “شاس” برئاسة أرييه درعي، و”يهودية التوراة” برئاسة موشيه غافني، فرض الخدمة العسكرية على الحريديم، وربما تهدد بالانسحاب من الحكومة، ما يعني إجراء انتخابات برلمانية مبكرة.
على الجانب الآخر، هدد الوزير في حكومة الحرب بيني غانتس، الأحد، بأن حزبه سينسحب من الحكومة إذا تم إقرار القانون بصيغته الحالية.
وقال إن “تمرير مثل هذا القانون هو خط أحمر، وفي زمن الحرب بمثابة أمر عسكري غير قابل للتنفيذ.. لن يتمكن الشعب من تحمّله، ولن يتمكّن الكنيست من إقراره، وأنا وزملائي لن نتمكن من البقاء في حكومة الطوارئ، إذا تم تمريره”.
ومناشداً وزراء الليكود وأعضاء الكنيست، مضى غانتس قائلاً: “ارفعوا صوتكم، لا تقبلوا بهذا العار”.
وتابع: “أناشد قادة أحزاب المتدينين، كشخص ليس لديه شك في أهمية دراسة التوراة والحفاظ على تراث إسرائيل وتقاليدها، أناشدكم ألا تحاولوا تمرير قانون خاطئ لا تستطيع الأمة بأكملها تحمله”.
كما قال وزير الدفاع يوآف غالانت، الأحد: “في الأسابيع الأخيرة عقدنا جلسات للتوصل إلى تفاهمات حول مسألة التجنيد، لكن الأطراف رفضت إبداء أي مرونة وتحصنت بمواقفها السياسية”.
لبيد: “قانون التهرب من الخدمة العسكرية هو وجه أفظع حكومة في تاريخ البلاد: كذب، تهرب من المسؤولية، تمييز بين دم ودم
وأضاف: “موقفي لم يتغير، ولن أكون شريكاً في أي اقتراح حول قانون تجنيد لم يحظ بالإجماع، ولن أدعم مشروع القانون المتبلور”، بحسب هيئة البث.
ورافضاً مشروع القانون، قال زعيم المعارضة يائير لبيد، عبر منصة “إكس”، الأحد: “قانون التهرب من الخدمة العسكرية هو وجه أفظع حكومة في تاريخ البلاد: كذب، تهرب من المسؤولية، تمييز بين دم ودم”.
وأردف: “ليس هناك خجل، بعد ستة أشهر من حرب مؤلمة، يعاني الجيش الإسرائيلي من نقص في الجنود، والحكومة تقدم إعفاء من التجنيد لعشرات الآلاف من الشباب”.
لبيد اعتبر أنه “إذا تم إقرار مشروع قانون التجنيد الثلاثاء، فيجب على غانتس و(الوزير في حكومة الحرب غادي) آيزنكوت مغادرة الحكومة”.
أما وزير الدفاع الأسبق، زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” اليميني المعارض أفيغدور ليبرمان، فتوقع مؤخراً أن ترفض المحكمة العليا مشروع قانون التجنيد.
واعتبر ليبرمان، عبر منصة “أكس”، أن من شأن هذا المشروع أن “يديم عدم المساواة والتهرّب، ويسبب خلافاً حاداً بين شعب إسرائيل وكارثة اقتصادية”.
ومتفقاً مع لبيد، دعا ليبرمان كلاً من غانتس وآيزنكوت إلى معارضة مشروع القانون والاستقالة من الحكومة على الفور.
وتابع: “كما أدعو وزراء حزبي الليكود والصهيونية الدينية (برئاسة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش) إلى معارضة مشروع القانون، فهو خيانة لجنودنا النظاميين والاحتياط” في ظل الحرب على قطاع غزة.
وخلَّفت الحرب على غزة عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، بحسب بيانات فلسطينية وأممية.
ورغم مثولها أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب “إبادة جماعية”، تواصل إسرائيل حربها على غزة، حيث يعيش حوالي 2.3 مليون فلسطيني في أوضاع كارثية.