سحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعمه للنائب الجمهورية مارجوري تايلور غرين، أكثر الوجوه تمثيلاً لحركة “لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى” (ماجا)، وفتح الباب لدعم منافس لها في ولاية جورجيا.
وتأتي تصريحات ترامب رداً على المواقف الأخيرة التي أعلنتها غرين، خصوصاً ما تعلق بمعارضتها الدعم الأميركي لإسرائيل، وصولاً إلى الخلاف الأكبر بشأن دعمها مشروع قانون للحزب الديمقراطي في الكونجرس، يدعو إلى الكشف الكامل عن ملفات جيفري إبستين، أحد أكثر الفضائح الجنسية إثارة للجدل في التاريخ الأميركي.
ورغم أن تايلور غرين بقيت لسنوات عدة، الداعمة الأبرز للرئيس ترمب في الكونجرس، إلا أن ترامب اتهمها بالميل “بعيداً جداً إلى اليسار”، معلناً أنه سيدعم منافسها في انتخابات الحزب الجمهوري التمهيدية، قبل التجديد النصفي المقرر في نوفمبر 2026، “إذا توافر الشخص المناسب”.
وكتب ترامب في منشور مطوّل على منصة “تروث سوشال” مساء يوم الجمعة: “أسحب دعمي وتأييدي لمارجوري تايلور غرين”. وأضاف: “كل ما أراه من مارجوري المختلّة، هو التذمر”.
واعتبر ترامب أن التوتر بدأ بعدما أرسل إلى تايلور جرين “استطلاعات رأي تشير إلى أنه لا ينبغي لها الترشح” في الانتخابات، لأنها “كانت تحظى بتأييد نسبته 12% فقط”.
وأضاف ترامب أن تايلور غرين “أخبرت كثيرين بانزعاجها، لأنني لم أعد أردّ على مكالماتها، لكن مع وجود 219 عضواً (جمهورياً) في مجلس النواب و53 في مجلس الشيوخ، و24 وزيراً في الحكومة، وما يقارب 200 دولة، وحياة طبيعية يجب أن أعيشها، لا يمكنني الرد على اتصالات شخص يصرخ كالمجنون كل يوم”، على حد وصفه.
وأشار ترامب إلى أن “إذا ترشّح شخص مناسب (في ولاية جورجيا)، فسأقدم له دعمي الكامل والثابت”، معتبراً أنها “ذهبت إلى أقصى اليسار، حتى أنها ظهرت في برنامج The View (على شبكة ABC News) مع مذيعات بمستوى منخفض يكرهن الجمهوريين”.
ويمثل هذا الهجوم، شرخاً ملحوظاً داخل تحالف “ماجا”، الذي أوصل ترامب إلى السلطة وساعده على تنفيذ أجندته، لكنه بدأ يتفكك في الأشهر الأخيرة، خصوصاً بسبب ملفات إبستين.
وردت تايلور غرين على تصريحات ترامب، واتهمته بـ”الكذب”، ونفت الاتصال به “مطلقاً”، ولكنها اعترفت أنها أرسلت إليه برسالة نصية، معتبرة أنه بسب ذلك ربما خرج بهذا البيان.
تايلور غرين: لست خادمة ترامب
وأرفقت تايلور غرين منشورها على منصة “إكس” بنص الرسالة التي أرسلتها إلى ترامب، الجمعة، والتي جاء فيها: ” تحقّق من سجلات رحلات طائرة إبستين. بيل كلينتون موجود فيها حوالي 26 مرة، وهيلاري (كلينتون) أيضاً. بالنسبة للكثيرين منا، كان نشر ملفات إبستين دائماً من أجل النساء اللواتي كنّ ضحايا لجيفري إبستين، ولكن أيضاً لأننا كنا نعتقد أن الأشرار الديمقراطيين، مثل عائلة كلينتون، كانوا متورطين معه. كان إبستين هو العنكبوت الذي نسج خيوط الدولة العميقة. امضِ في هذا الاتجاه”.
وأضافت غرين في منشورها على “إكس”، أن ترامب يهاجمها بشدة ليجعل منها “مثالاً يخيف به باقي الجمهوريين قبل التصويت الأسبوع المقبل على نشر ملفات إبستين” في مجلس النواب الأميركي.
وتساءلت: “من المذهل حقاً مدى شدة محاولة (ترامب) منع نشر ملفات إبستين إلى درجة أنه وصل إلى هذا المستوى”، معتبرة أن “معظم الأميركيين يتمنون لو أن ترامب يقاتل بهذه القوة لمساعدة الرجال والنساء المنسيين في أميركا، الذين سئموا الحروب والقضايا الخارجية، ويعانون لتأمين قوت عائلاتهم، وبدأوا يفقدون الأمل في تحقيق الحلم الأميركي، الذي صوتت لأجله”.
وأضافت غرين: “لقد دعّمت الرئيس ترامب بالكثير من وقتي الثمين، والكثير من أموالي الخاصة، وقاتلت من أجله حتى عندما تخلى عنه معظم الجمهوريين وهاجموه، لكنني لا أعبد دونالد ترمب ولست خادمته.. سأظل أميركا أولاً.. وأميركا فقط”.
ومن المتوقع أن يصوت الكونجرس، الثلاثاء، على تشريع يُجبر الحكومة على نشر الملفات الفيدرالية الخاصة بقضية إبستين.
لحظة سياسية معقدة
اتخذت تايلور جرين خلال الأسابيع الأخيرة، مواقف أربكت الجمهوريين وأغضبت ترامب. وقالت إن حزبها “لا يملك أي خطة” بخصوص الرعاية الصحية، كما كانت واحدة من أربعة جمهوريين وقعوا على طلب الكشف عن ملفات إبستين، وهو ما يعارضه ترامب.
حتى الآن، كانت تايلور جرين تتجنب توجيه أي انتقاد مباشر لترامب، وكانت تلوم فريق الرئيس أو قيادة الكونجرس بدلاً منه، ولكنها اعتبرت أن الإدارة الأميركية في ولاية ترامب الثانية تضع “أميركا أخيراً”، وفق ما صرحت به لموقع “أكسيوس” الشهر الماضي.
ويعرب ترامب في الجلسات الخاصة عن إحباطه من جرين منذ أشهر، وكان يسأل حلفاءه عمّا حدث لها.
ويعمل ترامب حالياً على هزيمة النائب الجمهوري، توماس ماسي، وهو حليف لجرين، ومعارض لدعم إسرائيل، ويدعو هو أيضاً إلى نشر ملفات إبستين.
وتأتي انتقادات ترامب لتايلور جرين في لحظة سياسية معقدة للجمهوريين الذين يشعرون بالقلق بعد موسم انتخابي مؤلم، خسروا فيه جميع السباقات الكبرى، بينما حقق الديمقراطيون مكاسب مستندين إلى قضايا الإغلاق الحكومي وغلاء المعيشة.
ويأمل الديمقراطيون، أن يحملهم هذا الزخم والانقسامات في الحزب الجمهوري، إلى انتخابات منتصف الولاية في 2026، لاستعادة السيطرة على الكونجرس.
انتقادات حادة لإسرائيل
وأصبحت تايلور جرين من أشد المنتقدين لإسرائيل في الكونجرس، ونددت بالحرب على غزة. وعارضت اللجنة الإسرائيلية الأميركية “أيباك”، والتي تعتبر من أبرز الداعمين الماليين في الكونجرس، ودعت إلى تسجيلها عميلاً أجنبياً.
ونددت النائب الجمهورية بـ”تجويع الأطفال الفلسطينيين” في غزة، ووصفت الحرب الإسرائيلية بـ”الإبادة والتطهير العرقي”، وأكدت رفضها للدعم المالي والعسكري لإسرائيل، وقالت في مقابلة مع تاكر كارلسون، في أكتوبر الماضي، إنها لم تنتخب من أجل الدفاع عن مصالح تل أبيب.
وخلال الحرب الإسرائيلية الإيرانية الأخيرة، عارضت بشكل كامل انخراط الولايات المتحدة في الحرب، وكانت من أبرز الأصوات المعارضة داخل “ماجا” للتدخل في إيران، مما جعلها عرضة للهجوم من داعمي إسرائيل في الحزب الجمهوري.
