لهجة بدت تصعيدية، ألمحت الحكومة الاثيوبية إلى تطلعات نحو استعادة نفوذها والسيطرة على “البحر الأحمر الذي كان بحوزتنا قبل 30 عاما”.
وفي مقابلة تلفزيونية أذيعت مؤخرا قال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، إن “الأخطاء الماضية سيتم تصحيحها”، لكنه أكد أن النيل سيبقى هو القضية الأكبر والأعمق.
وتأتي التصريحات الإثيوبية وسط تحذيرات متكررة من دولتي مصب نهر النيل مصر والسودان، من “النهج الأحادي” الذي تتبناه أديس أبابا في إدارة ملف سد النهضة، مشددة على أن السد يشكل تهديدا مباشرا خاصة في فترات الجفاف.
ومن أمام سد النهضة حيث جرت المقابلة، قال آبي أحمد، في تصريحات مثيرة للجدل، إن هذا السد لن يكون الأخير وأن بلاده تعتزم تشييد مزيد من السدود العملاقة على نهر النيل خلال السنوات الـ15 القادمة، في خطوة وصفها مراقبون بأنها قد تعيد إشعال التوترات الإقليمية مع مصر والسودان.
وأكد رئيس الوزراء الإثيوبي أن “الاستفادة من مياه النيل ليست جريمة”، وأن السدود المزمع إنشاؤها ستُسهم في التنمية وتوليد الطاقة النظيفة لصالح المنطقة بأكملها.
واعتبر أن اكتمال سد النهضة ليس سوى “بداية لمرحلة استراتيجية جديدة تعزز مكانة إثيوبيا الجيوسياسية”.
التصريحات الجديدة تأتي في وقت حساس، حيث تتابع الأوساط الإقليمية والدولية بقلق تداعيات هذا التحرك، وسط تساؤلات متزايدة حول مستقبل الأمن المائي في حوض النيل الشرقي، وإمكانية تجدد الصراع الدبلوماسي وربما الأمني بين دول المنطقة.
وتمثل قضية البحر الأحمر، خلافا آخر بين مصر ودول أخرى بالقرن الإفريقي من جهة، وإثيوبيا من جهة أخرى، ففي حين ترغب أديس أبابا في الوصول إلى البحر ترى القاهرة، أن وصول دول غير مشاطئة إلى البحر أمر غير مقبول، وأن أي وجود عسكري مستدام لدول غير مطلة على البحر “خط أحمر”.
وفي يوليو الماضي، أكد آبي أحمد أهمية حماية مصالح بلاده في تأمين الوصول إلى ميناء بحري، وقال في كلمة بالبرلمان الإثيوبي، إن الوصول إلى الموانئ البحرية “حاجة ماسة”، معتبرا أنه يمكن تحقيق هذا الهدف من خلال الحوار السلمي والترتيبات المالية والاتفاقيات المربحة للجميع مع الدول المجاورة.
وتسببت مساعي آبي أحمد للوصول إلى ميناء على البحر الأحمر في تفجير أزمة حادة بمنطقة القرن الإفريقي العام الماضي، بعدما وقع اتفاقا مع إقليم صومالي انفصالي لبناء ميناء تجاري وعسكري على البحر الأحمر، وهو ما أغضب حكومة الصومال الفيدرالية واعتبرته مساسا بسيادتها، كما رفضت دول البحر الأحمر الأخرى مصر وجيبوتي وإريتريا تلك الخطوة.
وعقدت مصر والصومال وإريتريا قمما ثلاثية ولقاءات على مستوى وزراء الخارجية، وأكدت في بيانات مشتركة “ضرورة اقتصار حفظ أمن البحر الأحمر على الدول المطلة عليه”.