بعد طلب استثنائي من الإمارات باستبدال السفير الإسرائيلي يوسي شيلي بسبب “سلوك غير لائق واعتبارات شخصية”، تمر العلاقات الدبلوماسية مع أبوظبي بأسوأ حالاتها، وفق تقرير في موقع “واللا”.
وحسب موقع “واللا” الإخباري العبري، تُثار المخاوف من أضرار جسيمة تصيب التعاون الاقتصادي بين الجانبين، هذا التعاون الذي نجا من الحرب وتُقدَّر بأكثر من 7 مليارات دولار سنويًا.
وفي تقرير للصحافية ليات رون، تمت الإشارة إلى أنه “في الليلة بين الخميس والجمعة من الأسبوع الماضي، أُجليت السفارة الإسرائيلية في أبوظبي والقنصلية في دبي على وجه السرعة، وذلك إثر إنذار أمني خطير بشأن نية استهداف إسرائيليين في الإمارات، بسبب مخاوف حقيقية من تنفيذ هجمات من قبل خلايا من إيران، اليمن، أو جهات معادية أخرى. وأُنجزت عملية الإخلاء عندما غادر السفير يوسي شيلي البلاد”.
و”رغم أن التحذير الأمني أدى إلى رفع مستوى التوتر بشكل غير مسبوق، فإنه أنهى بطريقة “أنيقة” أزمة دبلوماسية شديدة كانت على وشك الانفجار”، وفق ما جاء في التقرير.
وورد في “واللا” أنه “قبل يومين فقط، نُشرت تقارير عن طلب الإمارات استبدال السفير يوسي شيلي “لأسباب اقتصادية وشخصية”. وعلى الرغم من أن إسرائيل لم ترد رسميًا، إلا أن الطلب تكرّر من خلال رجال أعمال وأكاديميين، مترافقا مع تحذير واضح”: إذا لم يُستبدل، فقد يُعلَن “شخصًا غير مرغوب فيه”.
وقد تبيّن أن الحراس المحليين لشيلي اتهموه بتصرفات علنية لا تتماشى مع الرموز الثقافية المحلية، وبانتهاك قواعد أخلاقية أساسية، منها انخراطه في نشاطات تجارية خاصة تتعارض مع مهامه، واعتماده سلوكا عرّضه ومَن حوله للخطر.
ومن بين هذه التصرفات، سُجلت شكاوى بشأن سلوكه غير اللائق في مطعم، وصعود أشخاص مجهولين إلى سيارته الدبلوماسية، وتقديم نفسه كسفير لإسرائيل في مواقف لم تكن تستدعي ذلك. ووفقا للتقارير، عندما طُلب منه تنسيق خروجه من المنزل مسبقًا وفقا للإجراءات الأمنية، انفجر غضبًا في وجه الحراس وقال: “هل أنا في السجن؟”
وأجرت له وزارة الخارجية محادثات بهذا الخصوص، فيما أنكر شيلي معظم الادعاءات، لكنه اعترف بحدوث مشادات مع الحراس، وقال إنه تقبّل النقد. إلا أن الواقع أظهر أن الجهات الرسمية الإماراتية قطعت الاتصال معه. وبلغ الوضع ذروته مع الإنذار الأمني الطارئ، بينما كان يُعتبر شخصًا غير مرغوب فيه في الدولة المضيفة، حسب “واللا”.
ورغم كل ذلك، نُقل عن شيلي في بيان رسمي لوزارة الخارجية قوله: “يجب الالتزام بتعليمات السلطات المختصة. لا داعي للذعر، لكن من الضروري التحلي بأقصى درجات الحذر وتشديد قواعد السلوك في الخارج”. لكن في ظل الفضيحة المحرجة التي تحيط به، بدا هذا التصريح كأنه سخرية كتبها بنفسه.
هذا وقال مصدر مطّلع لموقع “والا”: “شيلي جلب العار لدولة إسرائيل. عندما بحثوا عن منصب له كسفير، كانت هناك دول رفضت استقباله بسبب سجله المثير للجدل، لكن نظرا لحساسية العلاقات مع الإمارات، قرر الإماراتيون قبوله بدلا من الرفض لتجنب التوتر، خاصة أنه كان المدير العام لمكتب رئيس الحكومة”.
وأضاف: “شارك، على ما يبدو، في نشاط تجاري خاص، وهو أمر غير مقبول تمامًا على السفير. ويعرف ذلك جيدا، فقد شغل سابقا منصب سفير في البرازيل. وهو في المنصب الحالي منذ أربعة أشهر فقط، وثلاثة منذ استلام أوراق اعتماده رسميًا، وبدلًا من العمل المكثف للتعرف على الدولة والمسؤولين والثقافة، انشغل باللهو والأعمال”.
واستطرد: “بصراحة؟ أنا أشعر بالخجل والحزن. لا شماتة، لكنه لم يدرك إلى أين أُرسل. السفير في أبوظبي عليه العمل بجد، على عكس ما تطلبه العمل في البرازيل. إذا لم تكن ملتزمًا بنسبة 100%، فلن تنجح. الأمور تتحرك بسرعة هناك، الناس محترمون، متحضرون، مثقفون، وأوفياء بكلامهم. ويجب أن نذكر أن الإمارات، رغم الحرب، لم تقطع العلاقات، ولم توقف الرحلات، وواصلت الالتزام بالاتفاقات، وهذا ليس أمرا بديهيا”، حسب ما جاء في “واللا”.
وأردف: “في أبوظبي بإمكانك الذهاب إلى أي مكان، حتى امرأة يمكنها التجول في الشارع الساعة الرابعة فجرا دون أن يتعرض لها أحد. فإذا طلب الحراس منه الامتناع عن زيارة أماكن معينة، فمعناه أن الخطوط الحمراء قد تم تجاوزها. ولكي يقول حراس الأمن الإماراتيون شيئًا كهذا، فهذا يعني أن الوضع كان خطيرا. هؤلاء الحراس مستعدون للتضحية بحياتهم من أجلك. من غير المقبول أن تقول لهم: ‘هل أنا في السجن؟’ – هذا غير معقول”.
ووفقا للتقرير، فإن “الأزمة التي تسبب بها شيلي لا تقتصر على الجانب الدبلوماسي فقط، بل تحمل كذلك إمكانية تدمير علاقات اقتصادية مهمة، فقبل توقيع اتفاقيات أبراهام، بلغ حجم التجارة بين إسرائيل والإمارات مئات ملايين الدولارات سنويا. اليوم، يُقدّر هذا الرقم بأكثر من 7 مليارات دولار، منها نحو 3 مليارات في السلع وحدها”.
ونقل “واللا” عن مصدر: “نية تعيينه كرئيس دائرة أراضي إسرائيل تبعث برسالة مقلقة جدا، وكأن الإماراتيين لا يهمون إسرائيل. أن يتم تعيين شخص يعتبر غير مرغوب فيه لديهم، بعد أن أخطأ، في منصب مهم جدا، فهذا مسيء. كما أن ذلك يشكل إحراجا للجالية اليهودية وللإسرائيليين المقيمين هناك، وقيام دبلوماسيي دول أخرى بالإبلاغ عن الحادثة يزيد الضرر الدولي”.
وأورد “واللا” تصريحا جاء فيه: “حتى يتم تعيين سفير جديد، وحتى يبدأ بفهم الوضع ويبدأ العمل، قد تمر سنة ونصف من دون وجود دبلوماسي فعّال في أبوظبي. وكلما طال الوقت، زاد الضرر. هذا لا يعني فقط خسارة استثمارات، بل أيضًا تعميق العزلة الدولية. نحن أصلا معزولون، ويجب التخطيط بعناية لخطواتنا المقبلة هناك”.
هل يمكن لزيارة وزير الخارجية أن تُحسن الوضع؟: “لست متأكدًا أنهم سيوافقون على استقباله الآن”، نقل “واللا”.
وغدا، من المفترض أن تُفتح السفارة والقنصلية مجددا في الإمارات. ولدى سؤال “وللا” لوزارة الخارجية عمّا إذا كان شيلي سيعود، أم سيبقى في البلاد حتى يتم تعيين بديل له، أوضحت الوزارة بالقول: “موضوع عودة السفير شيلي لم يُطرح للنقاش وغير وارد أصلا، كما أن الادعاء بأنه أُبعد عن السفارة غير صحيح”.
وتمت الإشارة إلى أنه “بشكل عام، لا تُعلّق وزارة الخارجية على التعليمات الأمنية التي تُعطى للسفارات والدبلوماسيين”. ولم يصدر أي تعليق من يوسي شيلي.