موقع مقالة نت
اهم المقالات التي تهم القارئ العربي

تم إغلاق مكاتب قناة الجزيرة، فمن سيملأ الفراغ؟

0 1

قبل حوالي أربعة عشر عاما وتحديدا في 28 يونيو 2010 كتبنا مقالا تحت عنوان (الفضائيات من ناقلة للخبر إلى صانعة للحدث) وهو منشور حتى الآن على أكثر من موقع، وفيه حذرنا من دور الفضائيات الناطقة بالعربية في إثارة الفوضى والتماهي مع السياسة الأمريكية التي طرحت في عام 2004 ثم في عام 2006 مشروعها للشرق الأوسط الجديد والكبير و ما سمتها كونداليزا رايس (الفوضى الخلاقة) وكان سبب تناولنا للموضوع دور قناة الجزيرة في تشويه الحقائق في الأحداث التي تجري في مناطق السلطة الفلسطينية وفي العالم العربي بشكل عام.

واليوم يأتي قرار السلطة الفلسطينية في إغلاق مقر الجزيرة في رام الله في مناطق السلطة وهو لم يكن الأول من نوعه عربياً فقد سبقتها العراق والبحرين والكويت والأردن وفلسطين في عهد أبو عمار والسودان وتونس والمغرب وسوريا ومصر والسعودية، وكانت تعود للبث في بعض هذه الدول بعد وساطات وتعهُد من القناة بتغيير نهجها والالتزام بالحيادية والمهنية.

كانت قرارات الإغلاق ليس رفضاً لحرية الإعلام بل لانكشاف دور الجزيرة وقطر في إثارة الفتنة والفوضى بما يخدم سياسة واشنطن وإسرائيل وهو الدور الذي انكشف خلال سنوات ما يسمى الربيع العربي وقد اعترف رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم عن دور قطر في دعم كل الجماعات التي أثارت الفوضى بتعليمات وتنسيق مع واشنطن، وكانت قناة الجزيرة أهم أدوات إثارة الفتنة والفوضى وما زالت،

وفلسطينياً كانت قطر عرابة الانقسام وراعيته وكانت الجزيرة الناطق الرسمي لحركة حماس والناطق باللغة العربية لإسرائيل وجيشها حيث كان يتم بث كل خطاب أو تصريح أو تعليمات لقادة جيش العدو مباشرة من الجزيرة ويسمعه كل عربي يتابع القناة.

كما كتبنا سابقاً لا يمكن لقطر التي بها أكبر قاعدة عسكرية أمريكية أن تكون مساندة للشعوب في ثوراتها أو مسانِدة لمقاومة فلسطينية حقيقية ضد إسرائيل وحليفتها واشنطن، بل تتظاهر في دعم هذه الأطراف لإثارة الفتنة والحرب الأهلية.

كما أن السياسة لا تعرف الفراغ فإن الإعلام لا يعرف الفراغ، والآن وقد تم حظر قناة الجزيرة فهل يستطيع الإعلام الفلسطيني ملء الفراغ وتغطية الأحداث بطريقة موضوعية تقربنا لحقيقة ما يجري في الأراضي الفلسطينية بعيداً عن الخطاب المُكرر والممجوج في تعظيم وتقديس القيادة والمنظمة وحركة فتح والسلطة؟ وهل القائمون على الإعلام وخصوصاً المرئي مستعدون ويملكون الجرأة   لتقبل الرأي الآخر الوطني الملتزم بالثوابت الوطنية حتى إن اختلف وتعارض مع الموقف الرسمي للسلطة وللقيادة؟ أم يخشون على مواقعهم ومناصبهم وأن تغضب منهم القيادة فيتصرفون كملكيين أكثر من الملك؟ وهل سيتنازل القائمون على الإعلام من علياهم ويتخلون عن غرورهم ويتواصلون مباشرة مع المفكرين والمثقفين وأساتذة الجامعات بدلاً من الاقتصار على نفس الوجوه من القيادات السياسية والضيوف الذين يكررون نفس الخطاب الذي ما أن يسمعه المُشاهد حتى يحول عن القناة ويبحث عن قنوات أخرى تعطيه رأياً وتحليلاً مختلفاً أكثر موضوعية ويقبله العقل؟ 

المسألة ليست مالية ونقص في الإمكانيات كما سيرد بعض المدافعين عن المنظومة الإعلامية القائمة، بل غياب الإرادة والتردد في المواقف وغياب الرؤية السياسية وهذا السبب الأخير لا يتحمله المسؤولون عن الإعلام بل القيادة السياسية التي ينتاب مواقفها حتى الآن كثيرا من الغموض والتردد في كثير من قضايانا المصيرية، بحيث بات الخلل في المنظومة الإعلامية جزءا وامتدادا للخلل في النظام السياسي الرسمي.

 تم إغلاق قناة الجزيرة التي طالما كشفنا دورها ودور مرتزقتها ممن تسميهم القناة بالخبراء والمحللين السياسيين والعسكريين والاستراتيجيين المشبوه، ولكن هذا لا يعني أنه بمجرد صدور قرار حظر العمل سيتحول المشاهِد الفلسطيني والعربي لمشاهدة الفضائيات الفلسطينية، بل سيستمر بمشاهدة قناة الجزيرة ويبحث عن فضائيات أخرى قد تكون أكثر سوءا ً، والكرة الآن في ملعب الفضائيات الفلسطينية وكل المنظومة الإعلامية الفلسطينية.    

[email protected]

اضف تعليق