في توقيت بالغ الحساسية، أعاد مقتل جنديين أمريكيين في سوريا فتح باب التساؤلات حول مستقبل المسار الذي بدأت واشنطن في رسمه تجاه دمشق، خاصة مع الحديث عن تخفيف العقوبات ومحاولات فتح صفحة جديدة في العلاقات بين الجانبين.
الحادث، الذي أربك الحسابات الأمريكية وأثار جدلًا داخليًا واسعًا، وضع الإدارة الأمريكية أمام اختبار جديد لمدى قدرتها على الموازنة بين الاعتبارات الأمنية والرهانات السياسية.
وفي هذا السياق، يقدم المحلل السياسي هاني سليمان قراءة تحليلية لتداعيات الواقعة وانعكاساتها المحتملة على القرارات الأمريكية ومسار العلاقات مع النظام السوري خلال المرحلة المقبلة.
مقتل الجنديين يربك مسار التقارب الأمريكي – السوري
قال هاني سليمان في تصريحات خاصة لموقع إن مقتل جنديين أمريكيين في سوريا يعد خبرًا مزعجًا للغاية بالنسبة للإدارة الأمريكية، خاصة أنه يأتي في توقيت حساس، عقب قرار الكونجرس برفع بعض العقوبات، وفي ظل مرحلة جديدة من إعادة ترتيب العلاقات مع الرئيس السوري أحمد الشرع.
واشنطن أمام اختبار الموازنة بين الأمن والرهانات السياسي
وأكد سليمان أن الإدارة الأمريكية كانت تحاول خلال الفترة الماضية إقناع نفسها بضرورة فتح صفحة جديدة مع النظام السوري، ومنحه فرصة في إطار إقليمي مدعوم من عدد من الدول المؤثرة، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، مشيرًا إلى أن هذا الحادث من شأنه أن يلقي بمزيد من الشكوك والضغوط على قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لا سيما من جانب دوائر المعارضة داخل الولايات المتحدة.
تأني أمريكي في الخطوات المقبلة دون تراجع شامل
وأوضح أن الواقعة قد تدفع الإدارة الأمريكية إلى مزيد من التأني في اتخاذ بعض الإجراءات أو الخطوات المقبلة، دون أن تصل إلى حد التراجع الكامل عن المسار الذي تم البدء فيه تجاه دمشق.
وأشار سليمان إلى أن واشنطن تدرك جيدًا أن مثل هذه الأحداث قد تقع في ظل مرحلة انتقالية معقدة تشهد اضطرابات أمنية وسياسية، معتبرًا أن هذا الإدراك حاضر داخل دوائر صنع القرار الأمريكي، لكنه في الوقت نفسه سيجعل الإدارة تعيد فحص بعض المسارات الفرعية وتكثف من النقاشات حولها.
وأكد أن خط الدعم الأمريكي العام للنظام السوري لن يتغير بشكل جذري بسبب هذا الحادث، موضحًا أن الواقعة، رغم خطورتها، لن تكون عاملًا حاسمًا في تغيير أو تجميد القرارات الأمريكية، لكنها ستفرض ضغوطًا إضافية على الجانب السوري.
تنازلات سورية محتملة لاحتواء الغضب الأمريكي
واختتم سليمان تصريحاته بالتأكيد على أن هذه الضغوط قد تدفع الرئيس السوري إلى اتخاذ خطوات استباقية لتلافي تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلًا، ومحاولة إرضاء الجانب الأمريكي عبر تقديم تنازلات في ملفات أخرى مطروحة على الطاولة، من بينها الملف الإسرائيلي، كنوع من امتصاص الغضب الأمريكي والتعبير غير المباشر عن الاعتذار.
