كتب د. بسام روبين :

 لم تعد الحروب تقتصر على ساحات القتال التقليدية، بل إمتدت إلى الفضاء الإلكتروني، حيث تخاض معارك خفية بين أجهزة الإستخبارات العالمية. وكشفت تحقيقات أمنية عن شبكة تجسس إلكتروني خطيرة، يترأسها خبراء تكنولوجيا هنود يعملون لصالح جهاز الموساد الإسرائيلي، ويستهدفون دولا عربية وإسلامية في عمليات إختراق عن بعد وقرب غير مسبوقة ، بعد ان أصبحت الهند القاعدة الخلفية للتجسس الإسرائيلي حيث أكدت مصادر أمنية متطابقة أن الهند تحولت إلى مركز رئيسي لأنشطة تجسسية متطورة، حيث يقوم الموساد بتجنيد عشرات المبرمجين وخبراء الأمن السيبراني الهنود، مستغلا العلاقات الإستراتيجية بين تل أبيب ونيودلهي ، ويعمل هؤلاء الخبراء تحت غطاء شركات تقنية تخترق الدول بسبب اسعارها التفضيليه للبرمجيات أو عبر منصات العمل عن بعد.
وقد تمكن هؤلاء المبرمجين ، بعد تدريبات مكثفة في معاهد إسرائيلية متخصصة، من الوصول او إختراق أنظمة حساسة في عدة دول، عربية وإسلامية من بينها إيران، وباكستان، وتركيا وبعض المواقع العربية ، وسرقة وتهريب  كميات هائلة من البيانات الأمنية والإستخباراتية ، في أساليب مبتكرة وإختراقات مذهلة حيث
كشفت التحقيقات عن مجموعة من الأساليب المبتكرة التي يستخدمها هؤلاء القراصنة، منها إستغلال ثغرات في البرمجيات الحكومية لزرع برمجيات خبيثة ، وتنفيذ هجمات  إحترافية لسرقة كلمات مرور المسؤولين ، والتركيز على إختراق أنظمة المراقبة الأمنية في منشآت حيوية وقد نجحوا في سرقة وثائق سرية متعلقة بمشاريع عسكرية وإقتصادية.

ووفقاً للمصادر، فإن الموساد يقدم مكافآت مالية ضخمة لهؤلاء الخبراء، تفوق ما تقدمه الشركات المحلية بثلاثة أضعاف، بالإضافة إلى وعود بالجنسية أو الإقامة في إسرائيل أو دول أوروبية ،
وفي الوقت الذي تعلن فيه بعض الدول العربية والإسلامية عن خططها لتعزيز الأمن السيبراني نرى  أنظمتها الإلكترونية تتعرض لهجمات وإختراقات ممنهجة تشكل تهديداً مباشراً لأمنها القومي ، والأخطر هنا هو إستخدام إسرائيل لخبراء أجانب من جنسيات أخرى في عمليات تجسسية ضد دول  مما يزيد من تعقيد الموقف.
ويطرح هذا الإختراق الهندي  عدة تساؤلات ملحة  وهل ستتخذ الدول المتضررة إجراءات عقابية ضد الشركات والأفراد المتورطين؟  وهل هناك تواطؤ رسمي من أجهزة أمنية هندية في هذه العمليات؟

وكيف يمكن بناء أنظمة أمن سيبراني قادرة على مواجهة مثل هذه التهديدات؟   فمن يسيطر على المعلومات يسيطر على العالم ، وهذه الفضيحة تكشف مرة أخرى أن الحروب الحديثة تخاض بصمت، وأن بعض الحكومات تغض الطرف عن أنشطة تجسسية تنتهك سيادة دول أخرى ، وعلى الدول العربية والإسلامية أن تدرك أن الهند لم تعد مجرد شريك اقتصادي لإسرائيل ، بل أصبحت ساحة خلفية للنشاطات العدائية الإسرائيلية ضد العرب والمسلمين ، والرد الفعال لن يكون بالتصريحات الإعلامية، بل ببناء منظومات أمن سيبراني متكاملة، وتعزيز التعاون الإقليمي العربي والإسلامي لمواجهة هذه التهديدات.
حفظ الله أمتنا العربية والإسلامية وجنبها شر الأعداء والخونة .
عميد اردني متقاعد

شاركها.