تلقت دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها الرسمية على موقع فيس بوك سؤالًا حول حكم شراء السلع التي تمنح خصومات للعاملين في الشركات ثم بيعها بسعر أعلى في السوق، حيث استفسر السائل: “ما حكم شراء السلع التي عليها خصومات ثم بيعها بالثمن الأعلى من سعر الشراء؟ خاصة إذا كان المشتري لا يحتاجها وقت الشراء وإنما يهدف للربح لاحقًا؟”
وأوضحت دار الإفتاء أن البيع في الشريعة الإسلامية وسيلة لدفع الحاجة وتحقيق مصالح الناس، بحيث يستفيد كل من البائع والمشتري بالتراضي، مستشهدة بقول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 29]، وبحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: «إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ» أخرجه ابن ماجه وابن حِبان وأبو يعلى.
وأشارت الإفتاء إلى أن الخصومات التي تمنحها بعض الشركات للعاملين بها هي تخفيض من الثمن المعلن للعامة قبل إتمام عقد البيع، بحيث يصبح الثمن بعد الخصم هو الثمن الفعلي للصفقة، وهو ما تراضى عليه الطرفان، مشيرة إلى أن عقد البيع من عقود المعاوضة التي أقرها الفقهاء وسيلة لنقل الملكية وتحقيق الاستفادة المالية.
وأوضحت الإفتاء أنه بمجرد إتمام البيع بالخصم، تصبح السلعة مملوكة للمشتري بالكامل، ويحق له التصرف فيها بحرية مشروعة مثل الاستعمال أو البيع أو الهبة أو الإيجار، وفقًا للقواعد العامة للشريعة الإسلامية، دون أن يؤثر عدم حاجة المشتري للسلعة وقت الشراء على صحة العقد.
وأكدت دار الإفتاء أن نية المشتري في التجارة والربح لا تبطل البيع ما دام يتم في أطر مشروعة، حيث يكون الهدف من الشراء الاستفادة المالية بالتصرف في ملكه المشروع، وهو ما أشارت إليه المصادر الفقهية مثل “المبسوط” لشمس الأئمة السرخسي و”عقد الجواهر الثمينة” لجلال الدين ابن شاس.
واختتمت الإفتاء بأن الواقعة محل السؤال جائز شرعًا، ويجوز للرجل الذي يحصل على خصومات من شركته أن يعيد بيع السلع بسعر السوق لتحقيق الربح، مع مراعاة شروط التجارة الشرعية والأخلاق الفاضلة مثل الصدق والأمانة والعدالة، وعدم الاحتكار، مع الالتزام بعقد العمل ولوائح الشركة، بما يحقق الغاية من التجارة دون مخالفة الشريعة.